صحيفة المثقف

الحكّام الأعراب وسيدهم نتنياهو رؤى مشتركة

ali jabaralfatlawi(حزب الله إرهابي)، آخر قرار صدر من مجلس (التهاون) الخليجي، وبعد قرار مجلس (التهاون) بساعات أجتمع وزراء الداخلية العرب في تونس، فأصدروا بيانا بناء على رغبة السعودية عدّوا فيه حزب الله (إرهابيا) دعما لموقف مجلس التعاون على الشرّ، مع اعتراض العراق ولبنان، ولاحقا رفضت الجزائر وتونس البيان، وللأسف أصبحت المواقف السياسية لحكومات الأعراب تُباع وتُشترى في سوق النخاسة، بدولار النفط العربي المنهوب من بطون الجائعين.

لم يأتِ البيان بجديد فقد أعلن الحكّام الأعراب هذا الموقف سابقا في مناسبات عديدة وكذلك إسرائيل، البيان لا يقدم ولا يؤخر شيئا لكنه صدر لهدف مهم، وهو كسب ودّ إسرائيل بعد أن أعلن الحكّام الأعراب أن عدوهم الرئيس اليوم هو إيران وليس إسرائيل، وهذا ما أعلنته داعش أيضا وجميع منظمات الارهاب، وللتذكير أن عداء هؤلاء لإيران ليس لأنها شيعية، بل لإنها تدعم المقاومة ضد إسرائيل في أي موقع كانت هذه المقاومة وتحت أي عنوان، والدليل أن الحكّام الأعراب كانوا يقبّلون يد شاه إيران الشيعي ويركعون له لأنه عميل أمريكا، وعدو للمقاومة وصديق لإسرائيل.

المعيار في علاقات طيبة عند الحكّام الأعراب، هو مدى القرب والبعد من أمريكا وإسرائيل، والمحزن أن هؤلاء يدعون أنهم يمثلون السنة ويتكلمون باسمهم، فأساؤوا إلى السنة قبل الإساءة إلى الشيعة، وما على الشعوب المسلمة السنية، حفاظا على سمعتها ومبادئها، إلّا أن تعلن براءتها من حكّامها عملاء أمريكا والصهيونية بعد أن تكشفت الأوراق، لقد أقدم مجلس (التهاون) الخليجي على خطوته باعتبار حزب الله (إرهابيا) لكسب ودّ إسرائيل، ولترضى عنهم أمريكا، ونشير إلى أن العلاقات بين الحكّام الأعراب وإسرائيل ليست جديدة، فهي موجودة منذ سنين طويلة لكنها كانت تجري في السرّ، ثمّ انتقلت إلى العلن خاصة بعد الهجمة الإرهابية على سوريا والعراق، فهم حلفاء إسرائيل منذ اغتصاب فلسطين ولغاية يومنا هذا، لكنهم أعلنوا اليوم عن هويتهم الحقيقية، بعد أن كانت علاقاتهم مع إسرائيل تجري من تحت الطاولة، أما إسرائيل فقد أعلنت في مناسبات عديدة على لسان مسؤولين صهاينة عن العلاقة الطيبة التي تربطها بهؤلاء الحكّام. 

حزب الله في لبنان شوكة في عيون الحكّام الأعراب حلفاء إسرائيل، وغصة في حلقوم نتنياهو والمسؤولين الإسرائليين، بعد أن أثبت في الميدان قدرته الكبيرة على كبح جماح وطموح إسرائيل في لبنان وسوريا، وقد وصلت إسرائيل إلى قناعة أنها عاجزة عن القضاء على حزب الله، أو عن تحجيم دوره المقاوم ضد وجودها غير المشروع، ليس هذا فقط  بل اقتنعت أمريكا وإسرائيل أن الشيعة ومرجعياتهم لن يترددوا في دعم أي نشاط  للمقاومة ضد إسرائيل وضد الارهاب الموظف لخدمة الاهداف الامريكية والصهيونية، لهذا انزعجت السعودية ودول العشائر الأخرى في الخليج من موقف الشيعة ومرجعياتهم، عندما دعوا لمحاربة منظمات الارهاب في سوريا والعراق، وأنزعجت قبلهم أمريكا وإسرائيل، لقد عرفت الشعوب بكل أديانها ومذاهبها أن الارهاب الذي يرتدي لباس الاسلام موظف لتحقيق إهداف سياسية، ولتمزيق النسيج الاجتماعي للدول العربية والاسلامية، وتقسيم هذه البلدان كي تقرّ عيون إسرائيل، إضافة إلى أنه مصدر لتشويه سمعة الاسلام والمسلمين، وتعرف الشعوب المسلمة أن جميع منظمات الارهاب في العالم، هي من إنتاج الاسلام الوهابي الذي يتبناه حكام السعودية وبقية الحكّام الأعراب.   

إن الإساءة الكبرى من الحكّام الأعراب، ومنظمات الإرهاب التي يدعمونها جاءت إلى الطائفة السنية على وجه الخصوص لأنهم يتكلمون باسمهم، والشعوب المسلمة تعرف جيدا أن هؤلاء الحكّام الأعراب الذي يفرضون وجودهم على شعوبهم بالقوة، ومنظمات الإرهاب المدعومة منهم، لا علاقة لهم بالاسلام أو السنة، إنما يقومون بدور مطلوب منهم، وكجزء من مهامهم تحجيم دور السنة في دعم المقاومة ضد إسرائيل، وتحويل الصراع من صراع بين العرب والمسلمين من جهة وبين الصهاينة من جهة أخرى، إلى صراع طائفي بين السنة والشيعة، وقد توضحت هذه الصورة بعد أحداث ما سمي بالربيع العربي، والهجوم الارهابي على سوريا والعراق، لقد أثبتت الوقائع أن الربيع ليس عربيا بل صهيونيا، وهذه الحقيقة عرفتها الشعوب، وعرفت أن هذا الربيع المصنع في دوائر المخابرات الامريكية والصهيونية، هدفه تقسيم العراق وسوريا ومصر وبلدان أخرى في المنطقة، خدمة للاهداف الامريكية والصهيونية،  بعد الهجمة الارهابية على العراق وسوريا يريد الحكّام الاعراب وسيدهم نتنياهو بدعم أمريكي تسويق الصراع على أنه صراع طائفي بين السنة والشيعة، وهذه أكذوبة تعيها الشعوب المسلمة، فالصراع هو بين تيارين، التيار المقاوم للوجود الصهيوني في فلسطين، وبين التيارالمستسلم  للصهاينة ويريد تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وبما أن التيار المستسلم الذي يمثله الحكّام الأعراب محسوب على السنة، والسنة الشرفاء براء منهم ومن تيارهم، عليه وفق هذه الحقائق والمعطيات لن نستغرب ما صدر عن مجلس (التهاون) الخليجي من هذر عن حزب الله المقاوم الذي أخرس الصهاينة وأصدقاءهم الحكّام الأعراب، بمواقفه الشجاعة في دعم المقاومة ضد العدو الصهيوني.

بعد صدور بيان مجلس التعاون على الشرّ بساعات، أصدر وزراء الداخلية العرب بيانا مؤيدا لبيان مجلس (التخاذل) الخليجي، باعتبار حزب الله المقاوم (إرهابيا)، هلل ورحب نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل للموقفين، وقال:

 (هذا تطور مهم حتى مدهش)، لكنه انتقد أعضاء الكنيست الاسرائيلي العرب الذين أدانوا دول الخليج لحظر التنظيم الشيعي اللبناني حزب الله (كتنظيم إرهابي)، وأبدى تذمره من الشيعة أيضا لأنهم يستجيبون لفتوى المرجعية، وقال:

(فتوى المرجعية صدمتنا وصدمت أمريكا) يقصد فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي لمقاومة داعش، فهو ممتعض من فتوى المرجعية ومن الحشد الشعبي ومن الشيعة لأنهم يستجيبون لفتوى المرجعية، وقال:

(عدو إسرائيل الأول هو الشيعة وطليعتهم حزب الله ومن يناصرهم في سوريا وإيران والعراق). وأضاف (أن هناك من الدول العربية من تساعد إسرائيل على توسيع حدودها! وتتعاون معها على التصدي للوجود الشيعي من إيران إلى لبنان!) وقد سمى نتنياهو هذه الدول العربية التي يقصدها وهي:

(السعودية وقطر ومصر والأردن والأمارات وهو يشكرهم على مواقفهم هذه وسوف يستمر في هذا التعاون الذي يهدف إلى التصدي للشيعة والقضاء عليهم حتى يسود الاستقرار في المنطقة).

الاستقرار الذي يعنيه نتنياهو هو استقرار إسرائيل، ويعد نتنياهو وجود الشيعة تهديد لهذا الاستقرار، فهدف نتنياهو إذن وشركاؤه هو القضاء على الشيعة في سوريا والعراق وإيران ولبنان، وتوافق مع رؤى نتنياهو هذه، الحكام الأعراب ومنهم ملك الأردن عبد الله، إذ عبرعن القلق من الهلال الشيعي الممتد من إيران حتى لبنان، في بداية تسلمه عرش المملكة، إن الهلال الشيعي الذي يخشاه نتنياهو وأصدقاؤه الحكّام الاعراب، لا تخشاه الشعوب المسلمة المؤيدة للمقاومة ضد العدو الصهيوني، بل أصحاب العروش المهزوزة عملاء الصهاينة هم الذين يخشون الهلال الشيعي، وأن أنصار المقاومة من جميع الطوائف يتمنون أن يتحول الهلال إلى قمر منير وكبير يمسح ظلامات الحكام الأعراب، ويمسح ظلام إسرائيل من الوجود.

الشعوب تعرف أن المقاومة وأنصارها نسيج ملون من السنة والشيعة والمسيحيين وطوائف وقوميات أخرى، فالجامع بين هؤلاء جميعا هو المقاومة والموقف من إسرائيل، فليست المقاومة وأنصارها مقتصرة على الشيعة فحسب، ومواقف الشعوب المسلمة السنية ضد العدو الصهيوني والمؤيدة لحزب الله تشهد بذلك، وقد شاهدنا مواقف هذه الشعوب عندما سمعت ببيان العار للحكّام الأعراب الذين عدّوا حزب الله  (إرهابيا)، والكل يعرف أن هذه الشعوب سنية وحزب الله شيعي، فقضية الصراع بين الشيعة والسنة أكذوبة تريد أمريكا وإسرائيل والحكّام الأعراب والاحزاب والمنظمات السلفية الوهابية تسويقها زورا وبهتانا لتحقيق أهداف شيطانية، لقد بات معروفا أن حزب الله في لبنان أصبح مصدر قلق لإسرائيل وأصدقائها من الحكّام الأعراب، قال نتنياهو:

(إن الذي يقلقنا في المنطقة هو حزب الله، ولكن لن يخيفنا وعلينا الحذر منه)، كذبتَ نتنياهو! إنك خائف من حزب الله ومعك حلفاءك الحكّام الأعراب، وقد صدر بيان مجلس (التهاون) الخليجي، انتصارا لك وتطمينا عسى أن يزول قلقك الذي سببه لك حزب الله، واعترف نتنياهو: (أن ما يجري في العراق وسوريا من قتل ودمار ما هو إلا بتخطيط مشترك مع بعض الحكام العرب!) وأضاف (إن مصدر قوتنا هو الحكام العرب في مصر والسعودية والأردن وقطر والأمارات ودول أخرى رهن الإشارة) وقال أيضا: (إن الدواعش وجبهة النصرة سيستمرون في قتالهم حتى القضاء على الوجود الشيعي في المنطقة.)

وبعد هذه المعطيات هل بقي من حياء عند الحكّام الأعراب، نتنياهو عدو للشيعة ولحزب الله، لأنهم في صف المقاومة، وقد شايعه في هذا العداء الحكّام الأعراب، لكن نتنياهو وأصدقاءه يريدون تسويق القضية بإكذوبة الصراع بين السنة والشيعة تحقيقا لأهداف شيطانية تسعى لها أمريكا وإسرائيل، نتنياهو صديق لكل من يعادي المقاومة وقد صرح هو بذلك ومعه مسؤولون صهاينة آخرون، وكذلك أصدقاؤه الحكّام الأعراب، وقد جاء بيان مجلس (التهاون) الخليجي وفق هذا المنظور.

 

  علي جابر الفتلاوي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم