صحيفة المثقف

في حفل تأبين حقوق المرأة العراقية .. من يلقي الكلمة الأخيرة ؟

في الحديث عن المرأة العراقية ؛ لا بد من أن ننكأ جروح كثيرة لا بلسم يشفيها، نسائنا مصيبتنا الكبرى فيما يعانين منه من صعوبة الحياة وقساوتها، عقود مرت تنهش الحروب بالاهل والأحبة أخوة وأزواج وآباء فقدتهن نساءنا بفعل تعسف السلطات الحاكمة أو العمليات الارهابية أو منهم من ألقي في أتون الحروب الخاسرة وإن انتصرت فيها الجيوش، تلك الحروب التي لا معنى لها التي دخلها العراق منذ زمن طويل، مئآت الآلاف من النساء من رُملّن وتقطعت بهن الاسباب لحياة حرة كريمة وما عثرن على من يغسل الحزن عن قلوبهن أو ينزع عنهن ثيابه.

الثامن من آذار، العيد العالمي للمرأة، وهذا العام هناك شعار وضعته الامم المتحدة كرؤية لما يجب أن تكون عليه المرأة في العالم، " الإعداد للمساواة بين الجنسين لتناصف الكوكب بحلول 2030." في وقت أعلنت فيه بعثة الامم المتحدة، يونامي، في العراق أن النساء يشكلن نسبة 51% من أعداد النساء النازحات في الوطن مع وجود 1.6 مليون ارملة يعلن اطفالاً في أصعب التحديات التي تفرضها الحياة العامة في العراق، تصاعد في الاعمال الجرمية والازمة الاقتصادية والارهاب، كل ذلك تواجهه أغلب النساء بصبر كبير يستحق كل الاحترام والتقدير، وعلى الرغم من قصص الالم الموحشة وطرق الغربة في الوطن لازالت المرأة العراقية تكابر في إظهار صمودها المشرف وتدفع بفلذات أكبادها للقتال من اجل الوطن، تلك القصص التي سنتحدث عنها كفخر وقدوات على مستوى العالم، نعم ان بعضها مؤلم ولكنه الالم الذي يصنع الرجال ويديم الحياة .

ليس الترمل هو أصعب ما واجهته المرأة العراقية خلال السنوات الماضية بل أن الاعنف من ذلك هو السبي الذي رافق الموجات التترية الارهابية التي أنطلقت في العراق مدن كاملة تم سبي نسائها من الايزيديات منهن من قتلت بعد ان رفضت بعفة وشرف أشكال التعسف الجسدي تلك ومنهن من دفن احياء ومنهن من دفع بهن الارهاب الى خارج حدود الوطن، نساء من الموصل الحبيبة ذبحن لكونه يدافعن عن الحق بوجه تتار الظلام والعبودية في قصص ليس من السهولة الكتابة عنها دون أن تبل الأوراق الدموع على حجم المآس التي تعرضت لها المرأة العراقية خلال عقود من الزمن .

وما تتعرض له 5.2 مليون أمرأة عراقية تعيش في المناطق الريفية من ظلم واستبداد السنائن العشائرية حيث لازالت تدفع كـ "فصلية" تتبادلها العشائر المتخاصمة في ابشع صور الرق كما وأنها تفتقد الى من يدافع عن حقوقها والتي لا تفقه منها شيئاً، نساء على هامش الحياة يعمل كالآلات يفتقرن للحياة الحقيقية بمقوماتها فيعمل مستمر على مدار الوقت في الحقل والبيت، وكذلك نساءنا من الموظفات على هذا المنوال .

نحن لا نحتفل بعيداً للمرأة العراقية بل نحن نعلن عن حفل تأبين حقوقها المهظومة فيما أقترفته ايدينا بحق نساءنا من تضييعها وسط موجات من القرارات البعيدة عن رسم الملامح الحقيقية لما يجب أن تكون عليه المرأة العراقية . أيها الاخوة العالم يحترم نسائه ويقدرهن أعظم تقدير، أنهم ينحنون لهن إكراماً لما يقدمنه لمجتمعاتهم من خدمات جليلة في التربية والعمل ونشئة الاجيال المثقفة للأم والزوجة والأخت ونحن ننظر إليهن دائما تلك النظرة البشعة في الشوارع والمؤسسات الحكومية ولا شيء أكبر من التحرشات الجنسية بكل صورها، بل أن في بعض المناطق ينظر الى النساء، كل النساء، على أنهن من بنات المتعة دون النظر الى مكانتهن في المجتمع وإنما نظرتنا الى الملابس فقط وهي من توحي للبعض من ضعاف النفوس أن يرسموا عنهن تلك الصور القبيحة ناتج الخيالات المريضة.

على أحد أن يلقي الكلمة الأخيرة بحق العراقيات وأن يضع اليد على ستراتيجية بعيدة المدى لتطوير المرأة العراقية والدفاع عن حقوقها في كل مكان، البيت والشارع ومكان العمل، وأن نحاول أن نقترب من مشاكل نساءنا وتسهيل أمورهن في الحياة ونعيد حساباتنا في ما يخص شأن المرأة الريفية الصابرة على ظلم العشيرة وظلافة الحياة .

للشرطة المجتمعية أن تلعب دوراً مهماً في الدفاع عن المرأة ضد الانتهاكات الصارخة من بعض الازواج، فقد نشرت فيما نشرته من أهم واجباتها ومهامها على موقع وزارة الداخلية العراقية : "إيجاد حلول موضوعية وعملية للمشكلات الاجتماعية من خلال دفع الجمهور للمشاركة فى تقويم الحالات والسلوكيات الخاطئة" و " الكشف المبكر للحالات الأكثر عرضة للانحراف واتخاذ الإجراءات الوقائية" و" تقديم خدمات التماسك المجتمعي من قبيل: الخلاف الأسري، العنف الأسري، إهمال تربية الأطفال والإساءة، حالات جنوح انحراف الأحداث، حالات العنف المدرسي، الهروب والغياب عن المنزل، حالات التسول، أحوال الانحراف الأخلاقي، قضايا الاغتصاب وهتك العرض، الشروع في الانتحار".

مهام سيكون لها الاثر الاكبر في الحد من الانتهاكات الصارخة في حقوق المرأة ؛ إذا ما طبقت بدقة وبقوة وانتشر رجال من الشرطة المجتمعية في الأسواق والشوارع ينشرون الامن لهن ضد من تسول له نفسه الخبيثة التعرض لهن واستغلال ضعفن، ستكون الشرطة المجتمعية قوة للمرأة العراقية وهي تجوب سوح العمل بجنب أخيها الرجل وعلينا أن نفرض على الجميع إحترامهن وتقديم العون الكامل لهن في كل مناح الحياة، عندما تكون في المستشفى تعاني آلام الطلق وحينما تقود عجلتها في الشوارع وعندما تكون في البيت وعندما تكون صبية في المدرسة وطفلة في الابتدائية .. ليكون لها صوتها المسموع ولنعطها القوة للمجاهرة بالطلب لحقوقها الكاملة ولتنتزعها من مخالب المتخلفين ممن لا يراعون فيها إلاً ولا ذمة . يجب أن نحترمها لنرى كيف لا يمكننا أن نجعلها تناصف الكوكب بحلول 2030.. حفظ الله العراق

  

زاهر الزبيدي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم