صحيفة المثقف

الجزائر والتحديات الكبرى

warda bayaالعمليات الاستباقية التي يقوم بها الجيش الشعبي الوطني الباسل، ازدادت حدتها وتصاعدت وتيرتها لتكون في مستوى تحديات كبرى فرضتها ظروف خطيرة للغاية تحيط بالجزائر من كل الاتجاهات، خصوصا مع ازدياد حدة مكائد الارهابيين وتسللهم عبر الحدود الشرقية والجنوبية الشرقية، وتخطيطهم لإغراق الجزائر بكل أنواع الأسلحة، وتحرشهم بالجيش وقوى الأمن، في ظل وضع اقليمي منفلت...

اختراقات الارهابيين للجيش تتنقل على غير العادة، من ولاية الى أخرى، وبدرجة تصاعدية سريعة، فلا يكاد يمر يوم الا ونسمع عن عملية القضاء على ارهابي أو ارهابيين هنا وهناك، بينما كان الأمر في السابق مقتصرا على مثلث الموت المنحصر في ولايات: تيزي وزو، بومرداس والبويرة.. التي تمتد على مساحات غابية صعبة المسالك يستغلها الارهابيون منذ فترة التسعينات لتنفيذ عملياتهم الاجرامية .. وهي بؤر لم تهدأ أساسا من عمليات الارهابيين والمندسين والمُمولين... وفي كل مرة يكون لها الجيش بالمرصاد

الأخطر هذه الأيام، ما وقع بولاية الوادي الحدودية  حيث تم فيها القضاء على ثلاثة ارهابيين على رأسهم  الأمير "غربية كمال" المكنى "أبو حاتم عبد الرحمن"، وتؤكد المعلومات بأنه التحق بالجماعات الارهابية منذ سنة 1994 بجنوب شرق البلاد.. ومكنت هذه العملية من استرجاع ست منظومات صواريخ "ستينغر" وكمية ضخمة من الأسلحة المحضورة، لتلوح بوجود أجندات جديدة و تكتيك غير تقليدي  للتحرك  في الجزائر ..

العملية تلتها أخرى بسكيكدة لا تقل خطورة عنها، تم فيهاحجز طائرة بدون طيار وأسلحة محظورة.. اكتشفت خلال تفتيش لأمتعة استقدمها ثلاثة مسافرين جزائريين قادمين من فرنسا .. و تأتي هاتان العمليتان في وقت واحد ..! يالا الصدفة..

مثل هاته العمليات تجعلنا نتساءل : هل الاستخبارات الجزائرية والجيش الوطني والأجهزة الأمنية في حالة يقظة وتأهب دائم، بحيث "في كل مرة تسلم الجرة" وتنجح في احباط مخططات ارهابية، أم أن ما يُصادر وما يُحبط من قبل الجيش ماهو الا غيض من فيض، وجزء قليل من ترسانة كبيرة يُدفع بها من قبل من يريد زعزعة استقرار الجزائر وزرع الفتنة بين الجزائريين، تحضيرا الى أعمال ارهابية تعيد الجزائر الى دوامة الارهاب مجددا..؟؟

تقول آخر التقارير أن الجزائر الأولى عربيا في ترتيب الدول من حيث القوة العسكرية لعام  2016 متقدمة فيه على مصر، وجاءت متزامنة مع الوتيرة التصاعدية لدسائس الارهابيين، ورغم ذلك فإنه ترتيب محفز للجيش ومثبط لعزائم من يريدون النيل من الجزائر..

كما أن مجلة لوبوان الفرنسية، وفي آخر تقرير لها أكدت أن عدد الارهابيين الجزائريين المنتمين الى داعش لا يتجاوز العشرين وهو عدد قليل اذا ما قورن بدواعش تونس والمغرب، وهذا ما يفسر بقاء غالبية الارهابيين بالجزائر موالين ايديولوجيا للقاعدة، وحتى وان اختلفت التسميات، فالعقيدة واحدة  والخطر واحد..

المشكلة الكبرى التي تواجه الجزائر اليوم، هي ما نشره تقرير فرنسي يحذر من عودة 6 آلاف داعشي الى بلدهم تونس، وهو انذار للجزائر، بدأ مع هجمات بن قردان ولا ندري الى أين سينتهي، خصوصا اذا وضعنا بين أعيننا عملية الوادي الأخيرة التي لا يجب أن تمر مرور الكرام على أذهاننا، وعلى أجهزتنا الأمنية، فخطورتها تكمن في المكان والزمان، والأرض الخصبة التي لها قابلية كبيرة في استيعاب هذا الفكر المتشدد بحكم الانغلاق، ونتساءل من باب الاحتياط عن احتمالية التخطيط لتكتيك داعشي  يتم بموجبه اغراق هذه الولاية الحدودية  بالأسلحة واعلانها في لحظة ما امارة داعشية تنطلق منها عملياتهم ضد الوطن على غرار عملية بن قردان في تونس ..! 

أخيرا أقول أن الكثير من السياسيين الذين لا يفوتون فرصة لانتقاد السلطة ويتحدثون عن فسادها، يجب أن يعوا أن القادم أصعب، والتحديات أكبر، وسيأتي يوم –لاسمح الله – يترحمون فيه على أيام الفساد الخوالي، كما حصل مع السوريين والتوانسة ..

الحدث جلل و الظروف استثنائية، ولهذا يتطلب من جميع اليقظة والحذر والتعبئة للظهور بمظهر المدافع الحقيقي  لحماية الجبهة الداخلية والخارجية، وتثبيط عزائم الارهابيين من العبث بالبلاد والعباد واتخاذ حواضن لهم في بلد المليون ونصف المليون شهيد..

 

بقلم/ وردة بية

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم