صحيفة المثقف

نتائج "اليانصيب الوطني" السياسي العراقي .. خسارة الكتل السياسية .فتهيأ يا عراقنا للمبارزة!!

وأخيرا وبعد أن أثمرت الارادة العراقية في الخروج بتظاهرات واعتصامات في مستوى طيب من التحدي السلمي ضد ارادات "غير خيرة" وتخلوا من صفاة انسانية أذلة شعبنا من اجل أن تعيش هي في "الرجس والاثام"، فخرج العرقي من اجل استرداد حقوقه وكشف بؤسه امام العالم لانقاذ ما تبقى له من حياة بائسة تغرق في أدران الطغيان والانفلات الاخلاقي من قبل "أعداءه " العراقيين أنفسهم بعد ان استمر صامتا لثلاثة عشر سنة كأنما وقف على رأسه الطير، أخيرا، وقبل أيام قليلة، أظهرت نتائج "اليانصيب" الوطني السياسي العراقي في عدم "فوز" هذا الخليط المشؤوم من كتل سياسية، بعد ركوبها لوسائل الفساد والمحاصصة ضد الفريق ألاكبر من شعبنا الذي جعلوا من حياته امتهنا وبؤسا، مع تحول هؤلاء المارقون "اسيادا" للعراق، "كطبقة" برجوازية تحيا حياة الترف ولا ترضى بديلا عنها ولو كره الكارهون، ناسين انهم لولا صفقات الحرام التي مارسوها، لبقوا على تلك الحياة نفسها والتي كانت "لنكات الشورجة" هي أفضل ما كانوا يقتنونها. 

فنتجة لخسران هؤلاء لورقة "اليانصيب" تلك، بدأنا نسمع فورا التهديدات والصراخات والتصريحات النارية، مع عواء ودوي واعتراضات ومظلوميات للبعض تصم الاذان . كل ذلك كان نتيجة لا فتراض "بسيط "، هو ان حكومة الدكتور العبادي مارست ما عليها من مسؤولية تمثل كل ما "تستطيعه" من اجل تشكيل حكومة التكنوقراط المأمولة هذه. ولكن محاولة الحكومة كانت أيضا "كشفا" بينا لنوع من عدم ايمان بديمقراطية لا يمكن ان يجدها العالم المتمدن سوى في مقابره . فنحن، وان كنا لا نزال في بداية لصراعات جديدة طويلة، وان الطريق مليئ بمخاطر الالغام من قبل بعضا من كارهي هذا الوطن الغالي، لكننا لم ننتظر طويلا لكي نرى ان هذه الكتل السياسية، كمن اصابها مس من الشيطان الرجيم...!!  فالاكراد مرعوبون، والكتل الشيعية متأزمون ومحاصرون، يتوعدون ويعربدون لانهم هم الاكثر انحرافا وبغيا ضد انفسهم وبعضهم البعض، لكنهم يبغونها عوجا. والسنة البعثيون يتستغيثون ويتخبطون ويصرحون، ومن المتوقع، انهم سوف يوحدون جهودهم مع الكرد ليذهبوا في فريق واحد الى "العم سام" طالبين النجدة و"العدالة" !!!

فبربكم، هل هذه دولة جديرة بحكمها وادارة شؤنها امام العالم رجال بؤساء كهؤلاء منذ ثلاثة عشر سنة ؟ وهل هذا الوطن الغالي يستحق ان يسود فيه الباطل فيكون سيدا له، والحق عبدا أجيرا له؟ أهذه دولة، اثبتت ان حياة الانسان فيها ليست سوى مجرد "خبرا" سريعا عابرا في انتهاء وجوده في الشارع بتفجير او اغتيال او خطف من قبل مجرمون متوحشون فيه؟

فأي عراقي مجنون من بيننا كان يتوقع أن تشكيل حكومة التكنوقراط سييتم ببساطة وبسلاسة ولا ممانعات من فبل كتل سياسية غارقة في اجرامها؟ وأي معتوه اعتقد ان حكومة التكنوقراط ستستقبلها التيارات السياسة بالورود والرياحين ودعة و"ديمقراطية" كتلك المتعارف عليها بين خلق الله تعالى في بدان العالم؟ وأي أرعن لم يفهم بعد ماذا يدور في عراقنا من احداث عظام حتى صورت له احلامه المريضة ان هذه الكتل الباغية ومن اجل مطامعها، سوف تقول له ""أهلا وسهلا ...تفضل أغاتي ...جرب حظك..وسوف ترى ماذا سيحصل؟"

ان كنا قد ظننا ان شيئا من ذلك سيحصل، فلا عجب اننا بقينا ثلاثة عشر سنة نعيش على الاوهام والاماني ..."والاماني رأس مال المفلس" !!

 

هذه هي النتيجة، إذا، وهذه هي نتائج "ثقافة الديمقراطية" التي عشناها لثلاثة عشر سنة؟ وهذه هي "العقليات" التي نكذب على انفسنا اننا سنرجوا منها خيرا! وهذا الفساد والتبجح بالقوة والتهديد بالويل والثبور سوف لن تتخلى عنه لمصالحها أبدا أبدا، حتى تساق بالقوة؟ واين نجد ياترى ذلك الانسان العراقي القوي العتيد النزيه والمؤمن من اجل اعادة سير الامور الى مجاريها. فلجميع اليوم كل قوي بكتلته وميليشياته ومستعد ليشنف اسماعنا بكل انواع التهديد والوعيد والويل والثبور لمن يريد ان يحتل (مكانة ) كتلته الفاسدة، في حكومة التكنوقراط المرجوة؟

فاذا كان تكنوقراط كتلكم بهذا القدر من النزاهة والعلمية والخبرات العالية النتائج، فلماذا لم تبدوا لنا منكم سوى السذاجة والبله وعقم التفكير والامية وضحالة العقليات؟ لماذا "اخفيتم" قدراتكم العلمية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية تلك ان كنتم تمتلكونها من اجل بناء هذا الوطن الغالي؟ لماذا أن تلك الحكومات التي سادت ثم بادت، لم تكن سوى تكريسا للسلبيات والفساد، ولم تبرهنوا لشعبنا كونكم وطنيون وحكماء و راشدون و رجال لا تزال "الكرامة" والوطنية  متوقدة في نفوسكم؟؟ ولماذا ان شعبنا يخجل من وجودكم فيه كعراقيين؟ لماذا تنهون عن المعروف وتأمرون بالمنكر؟ لماذا روائح فسادكم ازكمت انوف شعبنا كجيف وانتم تسيرون على الارض؟ ولماذا تدنسون وطنا اعظم من فسقكم وتفاهاتكم ومعاصيكم وادرانكم؟

ايها الارهابيون من سنة وشيعة ..ايها المتأنقون...ايها المعممون ...ايها الفاسدون ...ايها المحتالون، يا من برهنتم انكم لا تخافون هذا الشعب المغلوب على أمره، فكيف لا تخافون الله وتخشونه؟ أيها البائسون في هذه الحياة الدنيا على الرغم من ارصدتكم الحرام، يا من أضعتم حقوق هذا الشعب المعنى بغيا، كيف تتوقعون انكم بهذا الاسفاف والاضطجاع في مراقد الضلال، أنكم قد أرضيتم الله من خلال عدم رعايتكم الفقراء والمسكين العراقيين كما أمر الله تعالى ؟ كيف وانتم باقون على كراهيتكم بعضكم لبعض ؟ وكيف تظنون جهلا ان اموالكم هذه هي علامات "الخير" لكم؟ ألم تقرؤا القران العظيم ليتبين لكم  موقفكم مما يأمر به الله تعالى. بسمه تعالى: (ولا يحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خيرا لانفسهم، انما نملي لهم ليزدادوا إثما وسيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة)؟؟؟!! ...

فهل اعتقدتم انكم سوف تستطيعون الفوز هذه المرة أيضا بحكومة يطالب بها شعبنا لتكون عهدا جديدا لاصلاحات الخير والتوحد لعلها تكون هي الأمل من اجل انصاف حياة الفقراء والمساكين والارامل والاطفال والمعاقين والمظلومين، ولكنكم لا تريدونها سوى فرصة جديدة للعودة من حيث بدأتم في بغيكم وظلمكم وتسعون لجعل هذه الحكومة الجديدة تسير فقا لهيمنتكم السياسية لكي لا يتغير ظلمكم على الارض وتبقون في عداد المستهترين بحقوق عباد الله؟ ألا يكفيكم ما جمعتم من أموال؟ ألا تتخلون أبدا عن طمعكم واكلكم للسحت؟ ولماذا تجعلون من الفقراء والمعدمين اول ضحياكم؟

فلعنة الله على كل من أدخل فلسا واحدا حراما في حسابه. لعنة الله على كل من نام قريرالعين  منكم بينما شعبنا ينام في العراء، وبين صناديق القمامة وفي بطون خاوية...  

كفى شعبنا ثلاثة عشر من سنين فسادكم والمحاصصة بينكم وما اقترفتموه من تدمير للحياة العراقية ؟ أصحوا ...ايها النائمون، يا من لا خير يرتجى منكم سوى النعيق مع كل ناعق . يامن لا تشبع بطونكم من السحت، ولم تكونوا لتبالون سوى بشهوات ما بين افخاذكم. ايها الدجالون المنافقون؟ يا من فعلتم بعراقنا العظيم ما لم يفعه هولاكو، بينما كل ذرة من تراب عراقنا الغالي اعظم شرفا منا جميعا. فالرجولة، ان تصونوا شرف العراق واهله وماله وارضه وسماءه ومياهه، لا ان تعيشوا من اجل اشباع غرائزكم . ايها البؤساء...يا سخرية الزمن ..ايها الموغلون في الجريمة، ايها الغادرون... كفوا عن نزقكم ...كفوا عن اثمكم ...كفوا عن فواحشكم ...كفوا عن جرائمكم الاخلاقية، وتوحدوا في الكلمة من اجل مرضات الله تعالى .

وفي الختام، كتبنا مقالا في الاسبوع الماضي كان بعنوان : (رأي في اختيارات حكومة التكنوقراط... "فعاصفة" السيد مقتدى الصدر...هي من اجل "حصة الاسد)، اقترحنا فيه  أن ما نعتقده صائبا من اجل تشكيل حكومة التكنوقراط بوصفها مسؤولية كبرى، يجب أن تستند في معايير الاختيار النزيه على المبدأ الديمقراطي . كأن يقوم السيد مقتدى الصدر مع الدكتور العبادي بدعوة التكنوقراط العراقيين في الداخل ومفاتحة السفرات العراقية في الخارج وتوزيع استمارات لكل من يجد في نفسه الكفاءة والخبرة والوطنية والاستعداد للتفاني من اجل الاصلاحات لترشيح نفسه في العمل مع الحكومة المطلوبة هذه . ثم تكون الخطوة التالية بغربلة تلك الاسماء من خلال المفاضلة العلمية والسمعة الاجتماعية ومرتكزات الماضي الوطني والخبرات والتخصصات والقدرة على التغيير للواقع، وبذلك نكون قد حققنا الهدف الرئيسي الاول للسيد مقتدى من خلال عدم الاعتماد على ترشيحات الاحزاب". ثم تكون الخطوة التالية، القيام باختيار أفضل المرشحين ممن تبقى من هؤلاء فتتم اجراء مقابلات شخصية لكل منهم لاختيار الافضل للحكومة المقبلة .

لا نزال نعتقد أن حكومة التكنوقراط اذا اريد لها النجاح أن يتم ترشيح العراقي الوطني المستقل المؤهل من خلال طلب ذلك بنفسه . فباعتقادنا أن الكتل السياسية فاسدة ومجرمة، ولا يمكن الاعتماد على ترشيحاتها . ومن الله التوفيق.

حماك الله يا عراقنا السامق...

 

أ . د . حسين حامد حسين

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم