صحيفة المثقف

تعامي الحكومة في اهمال التكنوقراط المخلصين .. الخبير الاستراتيجي وفيق السامرائي انموذجا!

الكتل السياسية مصابة بالعمي الوطني، ولديهم طرقا واساليبا  تفوق كل التصورات في الخبث وقلة الحياء والسير في طريق زيادة معاناة العراقيين. وخبثهم لم يعد خافيا على أحد، ويبدوا اكيدا، من خلال كلما هبت رياح التغيير من قبل شعبنا، سرعان ما نجد هذه الكتل تتحرك بسرعة فائقة، وفي تكتيكات اجرامية قل نظيرها، واعطاء انطباعا وكأنهم هم المخلصون الذين يقفون مع الجماهير على الرغم من تهديدها لمصالحهم . ولكنهم وخلف الكواليس يتبنون أحط واقذر الوسائل لوضع الخطط بالضد من اهداف تلك الجماهير. فحينما يزداد ضغط الحراك الجماهيري ويصبح بعضا من نتائج محققة قاب قوسين او أدنى، يتفاجئ الجميع بخفوت وتلاشي فورة التغيير تلك سريعا!! وتفسير ذلك يعود لقدرة الكتل السياسية نفسها على المبادرة والاخذ بزمام الامور، وتبني مواقفا وكأنهم هم الحريصون على مصالح الجماهير التي تطالب باجتثاثهم.  فيسارعون الى اعلان تبنيهم تلك المبادرات نفسها والتي تطالب بها الجماهير  بغية سحب البساط من تحتهم وحرف مسيرة تلك المطالب للاجهاز على "روحها" وافراغها من محتواها. حينذاك تهدأ تلك الجماهير لاعتقادها أن الكتل السياسية قد استجابة لمطالبها، وخصوصا، وان مطالب الجماهير لا تجد لها نصيرا، وتجابه عادة بالصمت من قبل الحكومة والبرلمان . وهكذا أخيرا، تخسر الجماهير موقفها واهدافها، بينما تفوزالكتل بتمييع مطالب الحراك الجماهيري من خلال اصدار بيانات تبدوا وكأنها تعالج تلك المطالب، بينما في فحواها، تركز على الابقاء على مصالحها واستمرار فسادها .

وخيرمثال على ما نقوله هو مبادرة السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي... حول ترشيحاته لحكومة التكنوقراط . فما قدمه كانت خطوات تتسم بالخبث ومهارات المكر والباطل . فقد قدم الحكيم مقترحان كحل للمشكلة، ألاول كان من اجل الابقاء واستمرار مصالحهم من خلال ترشيحات التكنوقراط والذي سيتم من خلال المجلس الاعلى من اجل الابقاء على هيمنته على الحكومة الجديدة. وأما المقترح الثاني والذي يبدوا وكأنه بذي شيئ من فائدة، فقد جعله الحكيم "كبدليل" في حالة "فشل المقترح الاول"!! ومعنى ذلك، ان على شعبنا أن ينتظر سنينا طويلة اخرى بعد تطبيقه والتأكد من نجاحه أو فشله، لنرى النتائج و"قد أثمرت وأينعت وحان قطافها"!! أما اذا ما فشلت، فيمكن في هذه الحالة أن يقرر بعدها ان المقترح الثاني "جاهز"  كبديل . فهل من برهان على المكر والدهاء، اكبر من مكر ودهاء "السادة" ...؟؟؟!!!

أن شعبنا لا يزال يبحث عن الانسان الوطني النزيه ليأتمنه على عراق مخضب بالجراح في جميع الاختصاصات، وخصوصا في القيادة العسكرية واستمرار المعارك الشرسة مع داعش . عراقنا بحاجة الى شخصيات نزيهة أمثال السيد وفيق السامرائي  والذي نجده وعلى الرغم عن "نفيه " عن المشهد العسكري عمليا، نرى أن اتاحة الفرصة له لممارسة اختصاصه العسكري كخبير ستراتيجي هو موقف يخدم عراقنا من اجل المساهمة في وضع خطط المعارك الدائرة في غرب وشمال العراق، واغناء الخطط العسكرية بالتحليلات والاستنتاجات السديدة للمعارك القائمة في جميع الجبهات. أن خبرة القائد الميداني المحنك الوطني النزيه، في وضعها لخدمة هذه الظروف الحرجة، هي الطريقة الناجعة والتي يجب التعامل من خلالها مع  هذه الظروف . فللاسف، ان مساهمات رجل يحمل من الخبرات الاستراتيجية كالسيد السامرائي، لا تعدوا كونها مجرد تساؤلات "بحرقة" عن قصور في رؤية القيادات العسكرية التي تدير المعارك، وخصوصا في وجود السيد وزير الدفاع خالد العبيدي وما يسود التخطيط من اسفاف في عدم معالجة اسباب الخلل في تلك الانتكاسات التي حصلت وبدون مبرر لها من وجهة النظر الاستراتيجية والتعبوية.

كما وأن قائدا عسكريا بمستوى مؤهلات السيد وفيق السامرائي، كخبير استراتيجي، كان من شأنها ان تجعل من انتصارات قواتنا المسلحة والحشد الشعبي وابناء العشائر والبيشمركة، انقلابا في موازين مسارات الحرب ضد داعش منذ البدايات وعلى جميع الجبهات العراقية . فما نقرأه من دقة التحليلات والتفصيلات من قبل هذا الرجل لاسباب نتائج المواقف العسكرية التي كان يجب ان يتم مراعاتها أو تجنبها لحقن الدماء وتحقيق النصر، أمرا يجب ان لا يختلف عليه اثنان من العراقيين. فلماذا لا يمكن أن يكون السيد السامرائي هو وزيرا للدفاع؟ وهل أصبح من يروم خدمة الوطن والعمل الوطني المبجل الان استثناءا، وأن الخيانات هي الصواب؟؟؟ 

شخصيا لا أعرف السيد وفيق السامرائي، ولم ألتق به يوما، لكني كأي عراقي اخر اتابع ما يكتبه كل يوم بدم القلب من تحليلات ستراتيجية تدل على خبرات يجب عدم الاستهانة بها . فمن شأن تلك الرؤيا لخبراته عملية ان تقلب موازين المعركة مع داعش . فالنتائج العسكرية المخيبة للامال والتي نقرأ عنها من التضحيات الكبرى لأبنائنا الميامين هي نتيجة لعدم وجود قيادات عسكرية محنكة لدحر داعش دحرا نهائيا بالدرجة الاولى . في حين نجد أن السيد وفيق السامرائي لا يزال وفيا لواجباته الوطنية على مستوى كتاباته كأي مخلص على الرغم من عدم الالتفات والاستفادة من خبراته العسكرية . فشهامة العراقيين الغيارى  تأبى إلا ان يكونوا مع المساهمين بقوة واصرار لتغير الواقع العراقي بدرجة او باخرى، كلما  تعرض الوطن لهزات وانتكاسات، وخصوصا عندما يكون ثمنها باهضا . ففي جبهة الفلوجة خصوصا والتي طال أمد " فتحها"، قد احيطت بمواقف من تردد واضح ولزمن طويل، ولكننا الى الان لم نرى ما يؤكد حسمها عسكريا سريعا، فماذا يعني ذلك للعراقيين وللعالم؟

 فشعبنا لا يرضى ان يرى عشرات الالاف من شهدائنا العراقيين يموتون في كل يوم نتيجة جهل وعدم خبرة القادة الميدانيين كوزير الدفاع السيد خالد متعب العبيدي . كما وان التوجهات الخيانية والفساد الاداري والمالي، من بين أهم العوامل التي تديم هذه الانكسارات التي نشهدها بين الحين والاخر نتيجة تأثيرها المعنوي الكبير على الرغم من شجاعة المقاتلين . فمجيئ خالد العبيدي كوزير للدفاع لم يكن من خلال تميزه "كفطحل" عسكري او باع طويل، ولكن مجيئه كان نتيجة لما يسمى بالتوافقات السياسية وحصة "السنة"  ولكن، ومع ذلك نجد بقاء السيد خالد المتعب أقوى من كل فضيحة تثار ضد وجوده، فلماذا لا يرى السيد حيدر العبادي ما يراه شعبنا ؟ 

فلربما من يعتقد أن اشكالية السيد وفيق السامرائي هي نتيجة انتماءه لحزب البعث سابقا عندما كان رئيسا للاستخبارات العسكرية في عهد الدكتاتورية الذي ولى وانقضى . ولكن، الرجل انقلب على جور صدام ونظامه الجائر، وتعرض مع عائلته الى اكبر المخاطر من قبل المجنون المستهتر بحياة العراقيين . فهل ان موقف وتضحيات السامرائي ضد صدام تبدوا وكأنها غير كافية امام البعض من اجل النظر اليه وأمثاله من الخيرين بالنظرة الوطنية التي يستحقها؟ بينما من جانب اخر، رأينا، ان السيد صالح المطلك أصبح نائبا لرئيس الوزراء وهو كادر حزبي بعثي، بعد ان تم الوثوق بتبرأه من البعث، من خلال قيامه بتوقيع "ورقة " تضمنت براءته عن البعث...!!! فهل هذه المقاييس التي يسير عليها الواقع العراقي ؟ ألم يتم السماح لاعداد هائلة من البعثيين في الحرس الجمهوري في العودة الى القوات المسلحة؟ ... (أم انكم تريدوها صغار ...وتريدوها كبار كما يحلوا لكم)...! وهل من عجب ان بقي الوطن العراقي على حاله الرث؟ وهل من يعتقد أنه سيتطور شبرا واحدا الى الامام إن بقيت الاوضاع مرهونة باللصوص والفاسدين؟ 

فمع ان وزير الدفاع السيد خالد متعب العبيدي أثبت عدم جدواه كوزير للدفاع لعقليته وخبراته العسكرية المتواضعة التي أثبتت عدم جدواها في أي شيئ لبناء جيش عراقي قوي من اجل الملمات، فان العبيدي بعد ذلك مشكوك في اخلاصه، وتحوم حوله الشبهات في عدم ولائه للوطن العراقي . ولديه صلات قرابة رحم مع داعش!!  فما الذي يبقي خالد متعب وزيرا للدفاع وهو على هذا المستوى من الخيانة الوطنية في علاقاته مع داعش، حيث لا يزال داعش وفيا لمواقفه معهم، الى درجة، وكما يشاع، ان داعش يقوم بحراسة بيته في الموصل!! أليس في كل ذلك ما يكفي لتصبح مبادرة ممن "لديه غيرة وطنية" لاقعاد العبيدي في بيته منذ زمن بعيد، إن لم يكن قد تم وضعه وراء القضبان؟؟!!

السيد وزير الدفاع متهم بالفساد الاداري والمالي في صفقات الاسلحة ! وكانت السيدة الشجاعة النائب عالية نصيف ومن قبلها الشجاعة النائب الدكتورة حنان الفتلاوي، قد صرحتا الكثير حول فساده باسهاب واصرار. فالوطنيون امثال عالية نصيف وحنان الفتلاوي، لا يطلقون الادانات جزافا. فقد طالبت كلا منهما باستقدامه الى مجلس النواب واستجوابه ومواجهته ببعض وثائق فساده، لكن رئيس المجلس الطائفي سليم الجبوري الدائم التستر على أفعال طائفته المشينة من سياسيين، لم يوافق على استقدامه . وهكذا، مرت الشكوى أمام مرأى من  شعبنا وبلا مساءلات، ولم نسمع عن احراج ما لحكومة العبادي كالعادة .

من يريد أن يشعر بالزهو بوجود المخلصين العراقيين ممن لا يزالون يقدمون أسمى ما لديهم من خبرات وعطاء من اجل المواقف الوطنية، فما عليه سوى ان يتابع ما يكتبه السيد وفيق السامرائي من تحليلات سديدة ليعلم، مقدار جهل حكومة العبادي في تعاميها عن وضع الرجل المناسب في المكان المناسب  من خلال بعض القيادات العسكرية التي اصبح في وجودهم اساءات لا تغتفر من خلال هدرهم للدماء العراقية الطاهرة جزافا ...

حماك الله يا عراقنا السامق...

 

أ . د . حسين حامد حسين

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم