صحيفة المثقف

يا سيد مقتدى الصدر: لترسوا على بر مع شعبنا .. كفاك تقلبات ووعود!

بسمه تعالى: (يا أيها الذين أمنوا لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) صدق الله العظيم ...

يا سيد مقتدى الصدر لماذا لا تفعل ما تقول...؟!!

في الوقت الذي نجد انفسنا ولله الحمد وحده، أحرارا غير تابعين لاي حزب او كتلة او بشر خلقه الله تعالى، ولا نخاف بالله لومة لائم، وليس من شيمنا ان نقول عن الاخرين إلا الحق وبما تجنيه ايديهم ضد مصير شعبنا في هذا الصراع القائم بين الحق والباطل، لا يهمنا سوى مصير عراقنا الغالي وحده . وفي محاولاتنا المستميتة، سنبقى نكتب عن كل الظواهر التي تسيئ الى الخيرين من شعبنا، ممن أبدوا شجاعة فائقة من برلمانيين أخيار في اعتصامهم المبارك، فنقف ضد كل من يقف ضدهم، ولكن عندما لا نوفق في إسماع صوتنا لمن يهمهم الامر، فليس لنا سوى الاحتكام الى الخالق تعالى، ونذكر بأياته الكريمات المقدسات لمن يهمهم الامر، "لعل الذكرى تنفع المؤمنين" !! 

لقد سرنا كثيرا قبل أيام، ان وجدنا السيد مقتدى الصدر يبادر في الاعتصام، وصفقنا له، ورفعنا قبعاتنا اكراما له، وكتبنا عن مأثرته الحميدة تلك.  وربما حتى اننا استغفرنا الله تعالى عن مواقفنا القاسية السابقة معه على أمل اننا لم نكن قد فهمنا تماما "مقاصده" واهدافه على الرغم من اننا قليلا ما نخطئ في تقييم السياسيين بعد ثلاثة عشر سنة مريرات من غرقهم في مستنقع الفساد . ولكننا نعود اليوم لنعيد نفس السؤال الازلي... ما الذي يريده السيد مقتدى الصدر بالضبط؟ ففي الامس، أذهلنا أن وجدنا السيد مقتدى الصدر يعود غادرا لشعبنا من جديد وخاذلا له. لقد عاد في يوم أمس، الأربعاء، داعيا إلى انسحاب نواب كتلة الأحرار من الاعتصام البرلماني، لتنظيم احتجاجات من جديد في العراق ومطالبا البرلمان بالموافقة على تشكيل وزاري جديد تأخر كثيرا وإنهاء التناحر السياسي والطائفي الذي عطل التصويت عليه" 

ولكن، يكفي فقط ان يفهم السيد الصدر ان موقف انسحابه كان باطلا امام ارادة الخيرين، بأن نرى من قد أشاد "بانسحابه" من البرلمان... فكان السيد اسامة النجيفي ... "الغائب الحاضر" في كل مشكلة ضد شعبنا!! "فمصائب قوم عند قوم فؤائد..." حيث (أشاد النجيفي...الأربعاء، بموقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الأخير من الأزمة السياسية، داعيا الكتل إلى مؤازرته والترحيب به) ... ماشاء الله على الوطنيين...!!!

ولكن، لماذا يفعل السيد مقتدى الصدر شيئا كذاك ؟! سؤال طرحناه لعشرات المرات، وفي كل مرة، كان هناك موقفا "دراميا" يزيد في قناعتنا، اننا لا نظلم هذا الرجل عندما نقول أنه لا يصلح كسياسي . فمنطلقاته "النفسية" هي المحرك الاساسي لفكره السياسي، وهذه مثلبة كبيرة في السياسة. فلطالما عاد ليناقض نفسه، وها هو اليوم يناقض من جديد، بسبب "ان بعضا من نواب دولة القانون انضموا مع المعتصمين...!!"

فبربكم ايها الناس، هل هذه مباديئ قائد سياسي راشد يستحق ان تقف خلفه جماهير عراقية ويدعي تبني الاصلاح الجذري ويصرح بايمانه بشعبه ويتوعد بالويل والثبور لمن لا ينصلح، ويوعد شعبنا بالقضاء على مشاكل الفساد والمحاصصة، لكنه بالتالي ينكص ويلغي تلك الوعود احتراما لما يشعر به مع نفسه من عدم محبة للقائد الوطني السيد نوري المالكي؟ فنجده أضعف من أن يستطيع تجاوز هزيمته النفسية في "موقعة" صولة الفرسان"؟ فهل أمثاله حري بهذه المواقف الشخصية ليقود كتلة سياسية وبهذا المستوى من احقاد سوداء على رجل عراقي يتسم بالوطنية والمواقف التي يحترمها شعبنا كالسيد نوري المالكي، بسبب أن مواقف ميليشيات التيار الصدري في حينها بعد أن أسرفت في غيها وتوجب وقفها عند حدها، ولكن السيد مقتدى لا يزال "يعاني" من تلك الهزيمة؟ فأين الايمان بالله تعالى..."وإذا ما غضبوا هم يغفرون..." وهل ذلك يعني ان السيد مقتدى يمجد الفوضى ومن يخطأ معه شخصيا فالويل له؟!

ألا نرى كم هي ضيقة مواقف السيد الصدر في منطلقاته الشخصية التي يعتبرها مواقفا وطنية؟ فأين هذه المواقف من الوطنية نفسها؟ وأين ما وعد به السيد الصدر بمقاتلة القوات الامريكية حين تواجدها في العراق، وهي تتواجد الان، حتى وان كان تواجدها على الارض العراقية، من اجل معاونة العراقيين في دحر داعش؟  أم أن الركون الى "حجج" بلهاء ضد الوطنيين الاخيار كالسيد المالكي، هو كل ما يستطيعه "سيدنا" من اجل تمرير سياسات ما ؟!  

فمن خلال ما نشر في بغداد (المسلة) في هذا اليوم الخميس، 21 / نيسان 2016، (وأرجعت تحليلات إصدار الصدر أوامره إلى كتلة الأحرار بالانسحاب من اعتصام النواب الى وجود نواب من "كتلة" رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وهو ما لا يهدف اليه الصدر، الأمر الذي أدى ببعض المعتصمين والمؤيدين الى اتهام الصدر تسبّب في الحاق الضرر بالاعتصام، وانه "غدر" بالمعتصمين . وراجت في الأربعاء بين الأوساط السياسية اخبار عن أن سبب تخلي الصدريين عن الاعتصام يعود الى اكتشاف الصدر لمخطط باستغلال الاعتصام من قبل رئيس الوزراء السابق نوري المالكي و حزب "الدعوة" الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء حيدر العبادي، للحصول على نفوذ برلماني واسع، ومكاسب سياسية جديدة) .

(واضح إن الصدر في قراره الجديد يمارس الضغط على القوى السياسية، خصوصاً أنه دعا أنصاره إلى التظاهر. وأكد في رد غير مباشر على قرار العبادي حصر المسيرات بساحة الحرية وتكليف قوات الأمن قمع أي تحرك خارجها، فأكد أن الحراك  .. انتهى .(يتخذ منحى آخر إذا تعرض أحد للمتظاهرين

من الواضح أن السيد مقتدى الصدر يعاني من عقدة نفسية مستعصية اسمها "نوري المالكي"، ولكن العجب هو في أن رجلا مؤمن ومتدين وزعيم لكتلة سياسية كمقتدى الصدر ان لا يكون قادرا على تجاوز اوجاع جراح هزيمة "صولة الفرسان" بعد مضي سنوات عليها؟ فالسيد نوري المالكي رجل وطني، ولكنكم حاربتموه وسلبتم منه فوزه الرسمي من خلال اختيار الجماهير له في الانتخابات. ولو كنتم قادرون على إحالته على "التقاعد" وأجلستموه في بيته لفعلتم لانه المتصدي الوحيد لجرائمكم . ومع ذلك لا يزال السيد مقتدى الصدر يصرخ من "جور" الامس، وكأن نوري المالكي، كان قد فعل ما فعله مع ارهاب الصدريين ضد العراقيين مجرد قضية شخصية وليست مسؤولية الحكومة لبسط النظام؟ فان كان السيد مقتدى الصدر يعتبر نفسه كقائد سياسي، فان من بين أهم سمات القائد السياسي أن يتسم بالقوة النفسية والصلابة والبأس والثقة الفولاذية بالارادة والقدرة على تجاوز الازمات. ومن خلال فهمنا المتواضع للبناء النفسي للسيد مقتدى في سرعة احتفاءه بردود أفعاله على الاحداث، فان السيد لو قدر له أن يحكم العراق، لأصبح هو الاخر دكتاتورا، ولملئ الدنيا حروبا وويلات .

وبودي ان أسأل السيد مقتدى الصدر مرة اخرى واخرى، لماذا هذه التصريحات النارية ان كنتم لا تستطيعون جعلها تقترن بالافعال؟ ولماذا هذه الوعود الطنانة والتي لم تفضي يوما الى حل واحد من اجل صالح الشعب الذي قد أدرك ان السيد كغيره من السياسيين "يعشق" الوقوف امام الكامرات على الرغم من تواضع ديباجاته اللغوية المكتوبة له دائما . وهل السيد مضطرا للتصريحات والتهديدات والوعود لا قبل له بتنفيذها ؟ ولماذا يبقى الحماس الوطني للسيد أسير انفعالاته فقط، ولكن، عندما تحين ساعة الحسم، يخرج علينا بتبريرات باهتة، أويتعامل مع شعبنا وكأننا أطفال، أو كأن مصير العراق وشعبنا لا يتعدى امانيه التي يطلقها لسانه؟ ومتى يكف السيد عن اعتقاده بأن الاخرين مجرد "رعاع" ولا كرامات لهم ؟ وان المنتمين الى التيار الصدري ممن يسيرون خلفه "جهلة...جهلة..."؟ وأن من أتعس صفات السياسيين العراقيين بعد الفساد وأكلهم السحت، انهم لا يستميتون من أجل "حب الظهور"؟ ألا يعلم هؤلاء ان حب الظهور هذا الذي يمجدونه لا يعني سوى انسحاقا "للثقة" في الذات وشعورا بعقد النقص؟ فما السر في هيمنة السيد مقتدى هكذا على تياره وبهذا الشكل الذي لا يمكن تفسيره سوى ان هناك مصالح كبرى من وجودهم خلفه. ولماذا نجد السيد يسارع في ردعهم عند ممارسة أحدهم بخطأ ما، ومع ذلك نجدهم من اكثر الطائعين له؟

لقد سئمنا الى درجة الغثيان من بطولاتكم الوهمية، ومن مواقفكم الوطنية المبتورة، وسئمنا من النفسيات المشبعة بالعقد والكراهية لبعضكم البعض، وسئمنا منكم جميعا يا من لا تريدون خيرا سوى لانفسكم ايها السياسيون الفاشلون.

فها هم الوطنيون الاحرار من النواب يعتصمون في مبادرة خيرة شريفة من شأنها أن تحيل الاقوال الى افعال لاول مرة منذ 2003، فلماذا لا تكونوا جميعا معهم؟ لماذا لا تبادرون الى الاصطفاف مع بعضكم البعض يدا بيد؟ ألا يستحق هذا الشعب الجريح وهذا الوطن الملتاع مواقفا كريمة منكم جميعا؟

ولكن، بسمه تعالى "من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا" صدق لله العظيم.   

حماك الله يا عراقنا السامق...

 

أ . د . حسين حامد حسين

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم