صحيفة المثقف

حوار شامل مع وزير الدفاع في عهد صدام: سلطان هاشم أحمد (4)

ali saediفي زيارة أخرى، كان هناك مقترح بتجميع الضباط من عدة أماكن بشكل تطوعي للقيام بمهام خاصّة محددة، وفعلاً تطوع عدد من الضباط وضباط الصف لتلك المهمة، وقد سألني الرئيس عن رأيي في أمر كهذا، فقلت أن هذا يحدث شرخاً بين الضباط المتطوعين وبين زملائهم، فالذين لم يتطوعوا سيشعرون بالتقصير، والذين تطوعوا سيشعرون بالتميز، وهذا قد ينعكس سلباً على نفسياتهم، فقال: وماذا تقترح؟

قلت: أقترح أن يتم تكريم هؤلاء ثم يوزعون على التشكيلات أو إعادتهم الى وحداتهم من دون جعلهم وحدة خاصة، وفعلاً تم الأخذ بالمقترح – وكنت حينها قائد فيلق.

أما في مناسبة أخرى وقعت عام 1986، فحدثت عندما كنت قائد الفيلق السادس، وكان الرئيس قد استدعاني بعد أن تخلى عن قراره بتغييري، يوماً طلب مني الذهاب بإجازة ((روح إجازة لأن الوقت عيد اقضيه عند عائلتك) ثم أمسكني من يدي قائلاً: محتاج شي)) وكنت قد سمعت من بعض القادة انه يحب أن نطلب منه، لكني قلت: سيدي (إذا أحتاج شي اكَلك سيدي) ثم سألني: ((شلون أمور الحرس الجمهوري اللي يمك؟)) أجبته: هناك نوعان، القديم المنضبط والفاعل بقيادة (ابراهيم عبد الستار) والآخر غير الفاعل بقيادة (فوزي لطيف) فقال ((وين الخلل برأيك؟)) فقلت: الثاني ليس مدرباً جيداً وتنقصه الكثير من مستلزمات التهيئة والتدريب وأقترح أن يحولوا الى مدرسة قتال للتدريب، وفعلاً تم الأخذ بالمقترح .

 

علي السعدي: هل كانت أوقات اللقاء صعبة عليك؟هل كنت تخشى أن تخطىء بكلمة ما مثلاً؟

سلطان هاشم: كنت أشعر بالقلق ازاء صدام حسين في المقابلات، وذلك للحفاظ على نفسي وعلى سمعتي الاجتماعية والعسكرية وممكن أن أصف شعوري بأني كنت حذراً جداً.

 

علي السعدي: لننتقل الى حرب أخرى أكثر كارثية، حرب الخليج الثانية، أو حرب الكويت، ماذا جرى قبل حدوث غزو الكويت؟ هل كانت هناك خطط تناقش؟وتحضيرات تجري؟؟

سلطان هاشم (مبتسماً): هل تصدق لو قلت لك إني سمعت بها من الإذاعة كأي مواطن؟؟ كنت يومها معاوناً لرئيس الأركان، وكنت مجازاً في الموصل، فاتصل بي رئيس الأركان وقال لي هل رأيت الأخبار؟؟ لقد دخلنا الى الكويت، ثم طلب أن أقطع إجازتي والتحق.

 

علي السعدي: سمعت ما يشبه ذلك من الفريق ركن رعد الحمداني، فرغم انه كان قائداً لقوات الحرس الجمهوري التي دخلت الكويت، الا إنه أمر بالتحرك نحو الحدود من دون أن يبلغ بطبيعة المهمة حسب قوله .

سلطان هاشم: من قام بدخول الكويت هو الحرس الجمهوري فقط ولم يكن للجيش دور يذكرعند حصول المعركة، كما إن القرار كان مفاجئاً لنا كقادة عسكريين .

 

علي السعدي: هل كنتم تتوقعون النجاح بضم الكويت؟

سلطان هاشم: بل شخصياً كنت أتوقع إننا مقبلون على كارثة، خاصة بعد التحشدات الأمريكية ضدنا، لكننا مع ذلك أصبحنا كبعيرالبيت (جمل المحامل) نتصور إننا يمكننا تحميله كل شيء، ونبقى نفعل ذلك حتى ينهار .

لقد فعلنا في معركة الكويت كل مانستطيعه وكل ما تتطلبه العلوم العسكرية ولم نقصر بأي شيء، لكن ذلك لم يكن ليجدي في منع حصول الكارثةحيث تعرضت قواتنا للتعرية من دون غطاء جوي كما عانينا من نقص خطير في المعدات، لكن نفذنا الأوامر بحرفيتها لكن ذلك لم يكن مجدياً في ظل تفوق أمريكي كبير.

 

علي السعدي: من كان وزير الدفاع يومها؟ وماذا فعلتم بالضبط؟

سلطان هاشم: كان وزير الدفاع (سعدي طعمة) وقد سألني((اشكَد نحتاج من وقت لسحب الجيش)) فقلت: من عشرة الى خمس عشر يوما، فطلب وضع الخطة لعرضها على الرئيس .

وقد وضعنا خطة للإنسحاب في مدة أقصاها 8 أيام ، وقدمناها الى القيادة، لكن الرد ّ لم يأتنا سوى بعد عشرة أيام من تاريخ تقديم الخطة، وكان الأوان قد فات، فالوقت لم يكن يقدر بثمن وقواتنا تحت القصف.

 

علي السعدي: هل تعتقد إن الهدف الأمريكي كان تدمير الجيش العراقي أيا تكن المبررات؟

سلطان هاشم: كنت أعتقد إن الغاية الأمريكية تتركز في طرد الجيش العراقي من الكويت أولاً، لكن حينما إجتمعت مع القائد الامر الأمريكي شوارسكوف في خيمة سفوان، سألته لماذا قصفوا الجيش العراقي المتمركز داخل الأراضي العراقية وعلى بعد 40 كم من الحدود، وذلك بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار؟

أجابني قائلاً: لو بقينا نناقش ذلك أشهراً، فلن نتوصل الى نتيجة، لذا دع ذلك السؤال للتاريخ .

 

علي السعدي: لكن الأ تراه غريباً أن الأمريكان ساندوا صدام حسين في قمع انتفاضة المناطق الجنوبية بعد الهزيمة في الكويت؟

سلطان هاشم: المناطق الجنوبية كانت قد حدثت فيها حركات احتجاج واسعة، وفي الحقيقة لم يبق للحكومة سوى مناطق محدودة بعد أن خرجت عن سيطرتها معظم المناطق العراقية، لكن القوات المنسحبة من الكويت كانت قد تجمعت في البصرة وجوارها، كما إن هناك قوات لم تدخل الكويت أصلاً وبقيت في مواضعها، لذا سهل استعادة السيطرة على تلك المناطق، أما لماذا وافقت أمريكا على ذلك، فلا أعلم الأسباب بالضبط .

 

علي السعدي: كنت أنت في موقع نائب رئيس الأركان في ذلك الوقت، فلماذا أنتدبت الى خيمة سفوان دون غيرك من القادة؟

سلطان هاشم: لا اعرف بالضبط لماذا اخترت لذلك تحديداً، لقد بلغني صابر الدوري إن الرئيس صدام حسين اختارك لترأس وفد العراق، وأعتقد ان ذلك تم لسببين: 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم