صحيفة المثقف

القَائِدَة..

eljya ayshأظهر استطلاع أُجري مؤخرًا أن 70 بالمائة من البريطانيين  أعلنوا تأييدهم لبقاء الملكة "إليزابيث" في كرسي العرش، والحفاظ على منصبها كملكة، وهي المرأة التي حطمت رقما قياسيا لفترة الحكم الأطول في المملكة المُتحدة، وقد قررت الملكة إليزابيث الثانية هذه السنة الاحتفال بعيدها الـ:90، وفي شهر حزيران (جوان) ستُقام وليمة احتفالية واحتفالات في الشارع لنحو 10 آلاف  مدعو في الشارع المؤدي إلى قصر باكنجهام، إن هذا الحدث وإن كان لا يعني للمسلمين شيئا، ولكن يجرُّ إلى الحديث عن مسألة مهمَّةٍ جدًّا في حياة البشر،  ألا وهي "القيادة"، التي من دونها لا يمكن أن نبني دولة قويّةً، آمنةً في حدودها مع "الآخر" وآمنة في اقتصادها وثرواتها الطبيعية من الاستغلال الأجنبي، وتكون لها مكانة دولية.

فمرورا بـ:  بلقيس ملكة "سبأ"، فقد حدثنا التاريخ الإسلامي عن نساء "قائدات"، فبدْءًا من السيدة خديجة التي أدارت اللقاء بين  الرسول وابن عمها ورقة بن نوفل أثناء نزول عليه الوحي، فذلك من علامات الريادة والقيادة، وهذه حفصة بنت عمر ابن الخطاب التي ألحت على أخيها عبد الله، لأن يناقش أبيه في مسألة الخلافة من بعده حرصا على  حالة الدولة الإسلامية وبقائها مستقرة، وهو ما يؤكد أن في عصر الراشدين لم تكن "المرأة" بعيدة عن الحياة السياسية، وهناك نساء قمن بغزوات، فهذه أم سلمة التي كان لها الفضل في إنقاذ الأمة، بحيث كانت مستشارة الرسول، ونقف مع السيدة " الشفاء" هكذا تسمى، فقد كانت "قائدة شرطة" (الحسبة على السوق) تأمر وتنهي وتمنع الغش والتزوير.

و في العصر الحديث نقف مع نساء قائدات أيضا، فبعد  إنديرا غاندي في الهند، وبنظير بوتو في الباكستان، ونقف مع اللين جوهنستون سيرليف رئيسة ليبيريا التي وصلت إلى الحُكْمِ عبر انتخابات رئاسية في نوفمبر 2005  وقامت بثورة هادئة على صعيد القارة الإفريقية كلِّها،  ونقف مع  هيلين كلارك رئيسة وزراء نيوزيلندا التي تخوض حملة  لكي تفوز بمنصب الأمين العام للأمم المتحدة وخلافة بان كيمون التي تنتهي عهدته في نهاية 2016، ثم نقف مع هيلاري كلينتون في الولايات المتحدة التي تناضل من أجل الترشح للانتخابات الرئاسية  في 2017.

وفي الوطن العربي نذكر  ربيحة ذياب وزيرة شؤون  المرأة الفلسطينية وهي واحدة من زعيمات الحركة النضالية النسوية  القيادية في حركة فتح، وهالة شاكر أول سيدة تترأس حزب الدستور المصري في مارس 2014، دون أن ننسى رانية العبد الله ملكة الأردن التي كانت تتصف بأنها إحدى أقوى 100 سيدة في العالم، كما نقف مع أمينة منيب، أمينة عامة للحزب الاشتراكي الموحد بالمغرب، وهي أول امرأة تقود حزبا يساريا، دون أن ننسى التونسية راضية بنت صالح بن عمار  ناشطة نسوية  تولت رئاسة الاتحاد القومي النسائي، ووسيلة بورقيبة التي لعبت دورا سياسيا مهما في عهده.

أمّا في الجزائر، توجد أسماء نسوية بارزة، منهن مجاهدات ما زلن على قيد الحياة، ووزيرات وهن كثر، وتوجد ناشطات سياسيات، لعبن أدوارا مهمة، ويكفي أن نذكر زهور ونيسي التي كانت أول امرأة تشغل منصب وزيرة، وهناك من تترأس أحزاب سياسية، مثل المعارضة أو اليسارية إن صح القول " لويزة حنون" زعيمة حزب العمال، التي وصفها البعض بالمرأة "المقاومة" وآخرون وصفوها بالمرأة "الحديدية"، كل هذا يؤكد على أن المرأة سواء كانت مسلمة أو على غير دين الإسلام قادرة على تبوأ مواقع "القيادة"، وتطمح إلى أن تحتل موقعا مهما في المشهد السياسي،  لكن ولا واحدة منهن حملت مشعل " القيادة" مثلما حملته اللاتي ذكرنا أسماءهن آنفا، واللاتي دوّى صوتهن العالم.

و كعينة فلويزة حنون التي طالما ترشحت لمنصب رئيس جمهورية (منذ 1999 إلى اليوم) فشلت في أن تكون رئيسة دولة، بحيث لم تحظ بهذا المنصب، فيما نجد أسماء نسوية أخرى  تسعى إلى صعود السُلَّمِ، وانتزاع ما لا تستحقه، ليس لأن المجتمع الجزائري مجتمع ذكوري، أو أن الدّين لا يقبل أن تكون المرأة في الحكم، ولكن للقيادة شروط ومقاييس، والقيادة  لها مهارات اساسية ومقدرة على إدارة الشؤون العامة والتغيير ومستوى العلاقات بين القائد والجماعة، لاسيما والعصر الذي نعيشه يتسم بالتغيرات والتطورات في أساليب التسيير والحوكمة الرشيدة.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم