صحيفة المثقف

لماذا نلقي الّلوم على السومريّة؟!

تداولت مواقع التواصل الاجتماعيّ قبل أيام، مقطعاً ساخراً لبرنامج "البشير شو"، والذي تقدّمه قناة السومريّة ذات التوجّه الّليبرالي، وقد تابعت ردود أفعال بعض المحسوبين على الاتّجاه الإسلاميّ وبعض رعاياهم من هنا وهناك، حيث أبدوا امتعاضهم الشديد، وطالبوا بمحاسبة القناة، ومن يقف وراء ما اسموه استخفافاً بالدين، ولعباً بمشاعر المسلمين، ولا زالت صيحاتهم تترى على مواقع التواصل!!!

وسؤالي للمعنيّين هو التالي: هل إن ما قامت به قناة السومريّة المتحرّرة من قيود الرسائل العمليّة هو: الخطأ، أم إن مفردات وصياغات السيّد صباح شبرّ لأحكام الرضاع هي الخطأ؟! لماذا لا تتحلّون بالجرأة والشهامة والفتوّة وتعترفون بأن طريقة بيان السيّد صباح لهذا الحكم الشرعي وغيره أيضاً لم تكن مناسبة ولائقة؛ إذ غاب عن ذهن سماحته ـ نظراً لمجموعة من الأمور ـ إن الّلغة ومفرداتها كائن حيّ ينمو ويتطوّر ويتأثّر بمجموعة من الأمور؛ فربّما يجد المحدّث الجزائري (1640ـ 1701م) مسوّغاً في كتابة كتابه "زهر الربيع" في تلك الظروف الاجتماعيّة التي مرّ بها، لكن لا يجرؤ مرجع يحترم نفسه وعقله وحيائه وخجله أن يكتب مثل هذا الكتاب في الوقت الحاضر؛ لأنّ طبيعة وقع المفردات تتأثّر بمجموعة من العوامل الاجتماعيّة والتربويّة والثقافيّة والإعلاميّة، وعلى هذا الأساس فلا يصحّ أن نوظّف مفردات تخدش بالحياء العامّ ونجعل شمّاعة هذا التوظيف قصّة: لا حياء في تعليم الدين، ومن هنا كان من المفترض بالسيّد صباح: أن يطرح المطلب بصياغة وبمفردات مناسبة، أكثر أدباً وانسجاماً، وأقلّ إثارة... لا أريد بذلك أن أبرّر لقناة السومريّة فعلتها؛ فهي قناة ليبراليّة متحرّرة لا يمكن العتب عليها، ولكن لماذا يقوم المعمّم الشيعيّ بمنح سلاحٍ مجانيٍّ لعدوّه الذي يتربّص به ليل نهار، وبعد ذلك يتأوّه ويتولول ويعترض عليه: لماذا قتلتني؟!

إن الأجدر بمثل هؤلاء الشيبة الكبار أن يحيلوا أنفسهم على التقاعد، رغم كلّ الخدمات الجليلة التي قدّموها في ميدان التبليغ الإسلاميّ، ورغم تديّنهم وورعهم وقداستهم وطهرهم؛ وذلك لأنّهم يتحدّثون ببساطتهم التي اعتادوا عليها قبل خمسين سنة، في مجالس خاصّة لا يحضرها سوى المتعلّمين، ولا يمكن لهم تشذيب ذلك مهما سعوا أن يغيّروا من لغتهم ومفرداتهم، كما لا ينبغي لفضائيّاتنا أن تظهرهم، وعليها فتح المجال للعناصر الشابّة النافعة والمخلصة لكي تأخذ مجالها، الّلهم إلا أن تكون لهذه الفضائيّات مآرب أخرى، والله من وراء القصد.

 

ميثاق العسر

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم