صحيفة المثقف

الحقيقة الغائبة عن الجماهير؟

abduljabar alobaydiبلا مقدمات، كنت أعتقد سيقف قادة كتلة الأحرار في التيار الصدري غدا ليتنكروا للمؤامرة ضد اعتصام المعتصمين من قبل زعيمهم الصدر، لأنهم لا يودون ان يسمعوا مالا يحبون، لأن النفس تأنس لما تهواه، وتتعلق بما استقرت علية، ويصعب عليها ان تستوعب غير ما تعتقد، حتى لو تبينت في خطواتها الباطل، او توسمت انها الحقيقة. ان اسوأ من هذا الموقف الرافض للحقيقة هو سبق الاصرار على الموقف الشجاع الذي وقفوه في لحظة الامل..والأمل كلمة، والكلمة موقف وعقيدة وأيمان، فبالكلمة كانت الانبياء والصديقين.لكن يبدو ان الكلمة عند الرجال وليست عند اشباه الرجال، والرجال معادن، والفعل دوماً دليل الاصل؟ .

غدا سأمزق من مكتبتي احسن كتابين ملكتهما في حياتي هما (اقتصادنا وفلسفتنا للمرحوم محمد باقر الصدر) اللذين تعلمت منهما الكثير في المواقف لا العلم، رغم كونهما لا يمتان للفلسفة والاقتصاد من قريب او بعيد، لكن يبدو ان المؤلف ما اختار لهما هذا الاسم الا لاعتقاده بخليفة له من معدنه ليدخل عليهما الجديد، وما درى انه اختار لهما أمين حزب الدعوة اليوم الذي لا علاقة له بعلمي الفلسفة والاقتصاد، فاصبحا من وجهة نظري لا قيمة لهما عندي .

هذا هو حديث الزمن اليوم، لا أزعم اني متخصص فيه، او فارس في ميدانه، لكنني ازعم انني قارىء له في أناة، محلل له بصبرموثق في دقة، نافذ له في منطق.فقد عشقت الوطن وكرهت الخيانة مهما كان لونها، لأن الخيانة أقبح ما يتحلى بها الأنسان . ليس من اجلي، ولكن من اجل المبادىء التي آمنت بها، وقلة من الرجال الذين يؤمنون بها ويضحون من أجلها، لذا من واجبي ان أنبه الجيل العراقي الجديد، ان قادتها خانت الأمانة، وخانت مبادئها، وخانت الوطن، وحنثت اليمين، وهي أكثرهما أيلاما في الضمير.

ولكن بقدر ما أفزعنا موقف خونة التاريخ والوطن اليوم في مجلس النواب، قدر ما دفعنا المجتمع البائس المحروم الى الامام والمستقبل نستمد منه القوة لرفضه لباطلهم.هذا حديث سياسة وفكر وليس حديث دين وأيمان وعقيدة، وحديث اسلام لا حديث مسلمين، وقبل هذا وذاك هو حديث قارىء يقرأ لحدث بتمعن وبعمق المسئولية والقدر، ولا يعود الى أكثر من ثلاثة عشر قرنا من الماضي حين زيف الاسلام واستبدلت المبادىء بقوانين الباطل، واصبح عمرو بن العاص أفضل من علي بن ابي طالب (ع).

حديث قد يُخطأ عن غير قصد، وقد يُصيب عن عمد، انه باب العقل الذي اهملناه واستبدلناه بدين مزيف وسميناه اسلام، كما رأيناه اليوم في مجلس نواب العراق المزيف باسم الدين ومرجعياته الباطلة.وما دام الدين يستخدم للباطل ولتحقيق المآرب الباطلة ، فلا مانع ان مفكرا يفكر في الابتعاد عنه والاقتراب من العقل..واذا قرأنا التاريخ فليس فيه أبلغ من حجة، ومن واقع فيه سند، ومن الاحداث فيها دليل .نعم ينكرون علينا فهم الاسلام وحججه، ونحن ننكر عليهم مصادرهم الوهمية التي بها يتمسكون، فهل بقي لتاريخ الاسلام من شيىء؟ وهل بقيت لهم من حجة او دليل.لا ابدا ليس لمنطقهم من سند او اصل، او ثوثيق.

حديث اليوم اكتبه، واضحا كل الوضوح، صريحا كل الصراحة، والوضوح والصراحة اليوم عند المسلمين أستثناءً.فأقول لقد أوهمونا حتى في الامثال كما يقولون (في سد باب الذرائع)، فما بالك اليوم ونحن نواجه اعصار التكفير، واعصار الخيانة، واعصار الخذلان والركوع على ايدي الاعداء ...ليس لديهم سوى قولهم انك مشكك، وواجهتك قلوب عليها أقفالها، وعقول نخرة استراحت لأجتهاد السلف، وأوجدت ان الرجم لقتل النفس الانسانية أهون عليها من اعمال العقل بالبحث والتنقيب.

هاهم قادة العراق اليوم الذين لا يؤمنون بدين، بل بشعارات تنطلي على البسطاء، فيسيرونهم من البصرة الى كربلاء ليلطموا الخدود، جياعا عرايا، ويتبعون في سبيلها من يدعون به الى الورع والتضحية والمظلومية بأسم الحسين (ع) المظلوم وهم يظلمون، ,يتعسفون في التفسير، لكي ينفسح المجال امامهم لمنصب السلطة ومقعد السلطان، ليخوضوا في دماء اخوانهم في الدين ، او يكونوا معبرهم فوق اشلاء صادقي الأيمان.

رأيت هذا الذي اكتبه اليوم في مجلس النواب العراقي حين وقف رئيس المجلس (عليل الجبوري) يدافع عن الحقيقة الغائبة عن الناس، وكان عليه ان يقبل الاجتهاد، واقصد اجتهاد الفكر والعقل بحثاً عن الحقيقة الغائبة، الحقيقة الغائبة عند الرئاسات الثلاث المخترقة للدستور في المادة 18 رابعا، والحقيقة الخائبة المقصودة عن السيد مقتدى الصدر حين اوهم الجماهير بالحق وهو اول من تنكر لهم بالباطل .

رأيت بأم عيني زمرة الخيانة التي تبرر اعمالها بمجلس مزيف جاء بالتزوير والمقسم الانتخابي والتعيين والتبديل والحلف اليمين المزيف يحمونه بمليشياتهم وكلابهم البوليسية، وانا مؤمن واقسم ان الكلاب البوليسة كانت اكثر منه أمانة ووفاءً لأصحابها .، هؤلاء الذين بالانتخابات المزورة يؤمنون و يوقنون. بها سرقوا من اموال الدولة، وبها قتلوا أبناء الشعب، وبها سجنوا المظاليم من الناس، وبها باعوا اراضي الدولة، وبها باعوا الحدود والنفط باثمان بخسة محتجين بالسلطة، وبها ادخلوا الدواعش لتحتل ارض العراقيين، وتهجر العر اقيين وتنتهك حرماتهم وهي شهود عليها وعليهم . اولاد (..... ) ان حضيرة خنزير والله اطهر من اطهركم، لكن العتب على من ارتدى العمامة تزيُفا امام الله والجماهير، ووثقنا به وأيدناه واليوم نحن من النادمين، لكن الندم لا ينفع على فراش الموت النادمين .

لم تعد الشريعة الاسلامية توقنني بها بعد ان اصبحت وسيلة لربط مفهومين مختلفين، الدين والدولة، حتى اصبحتُ على قناعة بأنهما وجهان لعملة واحدة هي عقيدتهم ودولتهم التي عاشت وتعيش بلا عقيدية ولا قيم ولا أخلاق .

علينا ان نناقش ساحة الحقيقة لدولتهم الاسلامية واحزابهم الاسلامية المزيفة، وهي ساحة السياسة والدين معاً، ولا ندري اين منهجهم في الدين والسياسة . غداً سنكتب ...؟

بصراحة بعد ان شاهدت اليوم مجريات عقد جلسة مجلس النواب المزيفة لم يعد في رأي وعقلي ان هناك اسلاما يعتقدون به، وعقيدة يطبقونها فيه، وشعبا يؤمنون بحقوقه عندهم فيه. بل عصابات ومافيات وذئاب متوحشة تقتل الضحية وتلحس دمها دون ضمير. مافيات الغاية عندها تبرر الوسيلة ولا تريد للحق ان يظهر، لأن بظهوره سينتهون والى مقاصل الموت سيذهبون، فأجرامهم بحق الدولة والشعب فاق كل تصور معقول .

ايها العراقيون هل سترفعون الراية البيضاء ...لا أعتقد؟ راية الاسلام السياسي والسقوط سيكون حليفكم، ما دمتم لا زلتم تلهجون برايات مرجعيات الدين والسياسة، اعدلوا عما أنتم فيه واهمون. والا ستواجهون المصير الاسود الذي يعدونه لكم دون ضمير. فأنتبهوا للحقيقة الغائبة عنكم قبل غيابكم من...؟

لكم الخيار.....؟

 

د.عبد الجبار العبيدي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم