صحيفة المثقف

سايكلوجيّة الفتوى الشيعيّة (٢)

إذا كان المكلّف طالباً لدرجة الاجتهاد، أو إنّه قد بلغها والناس محتاجون إليه للتعلّم، فجاز له أن يأخذ من الزكاة، ويترك التكسّب بالمقدار الذي يدفع حاجته، وإن كان يعلم أنّه لا يبلغ درجة الاجتهاد، لم يجز له أن يأخذ شيئاً من الزكاة، بل يجب عليه حينئذ أن يشتغل بالتكسّب، ويترك الزكاة؛ فإن التكليف المذكور قد سقط عنه، وهذه وجهة نظر أغلب الفقهاء على تفصيل في طبيعة أسهم الزكاة... ولكن هل يجوز لمثل هذا الشخص الذي يعلم بأنّه لا يصل إلى درجة الاجتهاد ولو نبتت ستون نخلة في رأسه أن يأخذ الخمس؟!، وهل يجوز ذلك لمن يعلم بأنّه لا يهشّ ولا ينشّ لا في الواقع الحوزويّ ولا في الواقع المنبريّ ولا في الواقع البحثي والتحقيقي والتدريسي؟!، وهل يسمح الإمامُ للفقهاء أن يمنحوا حقّه في  الخمس إلى من تصطلح عليهم حوزة النجف في أواسط القرن الماضي: "جماعة فيّ الصحن"، ويعنى منهم جملة من طلّاب الحوزة الذين لا عمل لهم فيها سوى الاستظلال بظلال صحن عليّ "ع" حتّى شاع هذا الاصطلاح؟!

 والجواب: نعم؛ وأفضل دليل على جواز ذلك وقوعه، فهذه الحوزات العلميّة مملوءة بآلاف الطلّاب، ويُصرف عليها وعلى طلّابها ملايين الدولارات من "الخمس" شهريّاً، ولكن كم هي نسبة المجدّين والمجتهدين "النافعين" للدين والأمّة الذين سيتخرّجون منها، وكم هي نسبة العطالة البطّالة فيها؟! ولست أدري: هل إن احراز رضا الإمام يتحقّق بفتح حوزة تضمّ "مئة" طالب، ونصرف كلّ الإمكانيّات الّلازمة لهم، فنضمن خروج تسعين مجتهداً أو عالماً أو محقّقاً أو خطيباً أو كاتباً... منها، أو من خلال افتتاح عدّة حوزات وبعشرات الآلاف من الطلّاب تحت شمّاعة تكثير السواد وبالتقشّف المصطنع، ونجزم بأنّها لا تخرّج إلا بعض المجدّين والمجتهدين النافعين ممّن لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة؟! فهل عرفت أحد الأسباب السايكلوجيّة للتمسّك بالخمس؟!

 

ميثاق العسر

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم