صحيفة المثقف

سُليماني و شَرَف العراقيّات

safaa alhindiبداية، لابدّ من التذكير الى أن العراق صار مسرحا للصراع والنزاع وتصفية الحسابات بين العديد من الدول الإقليمية والعالمية، عربية وأجنبية وإسلامية، كـ أميركا وتركيا وإيران والسعودية وغيرها، وصار ساحة وأرضا خصبة للمصالح والتدخّلات.. أطماع ونفوذ وسيطرة، فكرية وسياسية وأقتصادية ووو الخ. كذلك يجب أن نُدرك ونفهم أن هذه الدول المُتصارعة، وتدخلها بشؤون العراق قد إشتركت جميعها بخراب العراق ودماره وهي المسؤولة عن كل الأزمات والمفاسد والمآسي والويلات التي حلّت بالعراق وبشعب العراق. بنفس الوقت لابد من تقييم هذا التدخّل معرفة أيّها (الدولة) التي من بين غيرها كانت الأكثر تدخُّلا وقُبحا وفسادا وسفكا للدماء في العراق وأكثر شراسة وضراوة على الواقع السياسي والإجتماعي والفكري، وأكثر تأثيرا وتحكُّما في المصير الوطني والمجتمعي العراقي؟.

نعتقد، بناءا على ما مرّ علينا من وقائع وأحداث سياسية ووطنية في تجربة العملية السياسية العراقية منذ أكثر من عقد من الزمن من ناحية، والإعلام ورفع الأعلام والصور والشعارات التي تُكتب وتصوّر وتُهتف وتُرفع في العاصمة بغداد والنجف والبصرة وفي غيرها من مدن ومحافظات العراق، والولاءات الحزبية والجهوية والدينية والمليشياوية الحاكمة والمُتسلّطة والمُتنفّذة الغير خافية على الشعب من ناحية ثانية، وتواجد سليماني المستمر وقيادات سياسية وعسكرية ايرانية في العراق من ناحية ثالثة. إضافة الى مُجريات الأحداث الأخيرة إرهاصات الرفض والتحرّر والشعارات التي أطلقتها الجماهير المتظاهرة والمنتفضة صراحة في إعلان ولائها الوطني للعراق وموقفها الرافض للتدخّل الإيراني.. جميع هذه الدلائل  تُثبت وتُؤكد على أن إيران هي الدولة الأكثر تدخّلا بشؤون العراق وهي المُتسلّط والمُحتل الأفسد والأقبح والأشرس والأفتك على العراق وشعوبه من بين باقي الدول الأخرى المُتدخِّلة بشؤونه.

في ضوء ذلك يبقى علينا أن نفهم أن كل هذه الدول قد برَّرَت وتُبرّر تدخلها بشؤون العراق (مهمى كان نوع التدخل) بأنه، من أجل حماية مصالحها وأمنها القومي.

ووفق ذلك علينا أن نعرف أيضا أن سليماني وغيره من الإيرانيين وتواجدهم الدائم في العراق يقع ضمن هذه الحيثيّة (حماية مصالح ايران وأمنها القومي).

ببساطة، هذه هي الإستراتيجية المرسومة لوجود سليماني في العراق الذي يحاول الإعلام المأجور المظلِّل المُوَجَّه للأغبياء والسذّج من شيعة العراق، تحسين صورته وتقديمه لهم على أنه حامي العراق وحارس المذهب.. بل وصار في إعلامَهم مؤخرا (حامي شرَف العراقيّات!؟!؟).

إذن عرَفنا أن وجود سليماني في العراق ليس حبّا بالعراق ولا دفاعا عن شرَف العراقيّات كما يزعم هذا الإعلام بل من أجل متابعة ورعاية مصالح ايران وحماية أمنها القومي.

 

وعن شرَف العراقيات،

لا أعرف كيف قَبِلَ هؤلاء ممّن سمِعَ ورَضِي بهذه الدعاية والكلام الناقص كيف قبلوا على أنفسهم وشرفهم وغيرتهم إن كانوا حقّا عُرُبا عراقيّون أن رجلا أجنبيّا يحمي نسائهم وأعراضهم أخواتهم وأُمّهاتهم وبناتهم، وهل العراقيّات كُنّ قبل ذلك بلا شرَف حتى يأتي ويحميهن هذا الأجنبي الدَّخيل؟، ولنا أن نسأل هؤلاء أشباه الرجال ولا رجال، كيف كان حال عِرضُكم وشرَفُكم قبل أن يأتي سليماني ليدافع عنه؟.

وفي هذا الصدد، لابأس أن نذكر أن حملة تواصل إجتماعي فيسبوكية أقامها الأغبياء والناقصون تغَنَّت بسليماني حامي عِرضهم عنوانها (شكرا سليماني) ونظموا أبيات فيه:

يامالكا قلبي ووجداني

ومُدافعا عن مجدِ أوطاني

أرواحنا بحبّك هتفَت

يحميك ربّي سليماني.

والأجمل أن حملة أخرى أقامها عراقيون أُصلاء من أهل الغَيرة والحميّة والشرَف العربي كانت ضدّها وعلى نقيضها تماما حملَت عنوان (سليماني تحت أقدامي) وأيضا مصحوبة بأبيات:

ياعدوّا شعبي وأوطاني

وقاتلا شيبا وشُبّاني

شعوبنا ضدّك هتفَت

يلعنك ربّي سليماني.

وننبّه أهلنا العراقيين، علينا جميعا أن لا نغترّ ونندفع مع الدعاية والترويج الإعلامي فنَقَع فريسة سهلة بيد فلان أو عِلّان ونُمكِّنهم من أنفسنا فيتلاعبوا بنا ويُوجّهوننا أينما يريدون وكيفما يريدون، وعلينا أن نعلم ونفهم جيدا ماهي قيمة ومعنى إعتزازنا وإفتخارنا في كوننا عربا وعراقيون بصفة خاصة، وماهي قيمة ما نملك من ثوابت وقيم وأعراف إجتماعية وأخلاقية إسلامية عربية نبيلة وما هو قدرها؟.

 

صفاء الهندي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم