صحيفة المثقف

أسئلة محمولات الألم – إخفاء الأجوبة .. قصيدة: لو تدرين للشاعر الراحل أديب ابو نوار

adnan aboandolisرغم استرسال الأسئلة وتداعياتها المخفية برضوخ تام، فأن حالة الاستلاب القهري بإفصاح ذلك لم يعلنهُ الشاعر، حيثُ أتى بقصدية مسبقاً بجملتة المركزة – أسئلة وإنتهت – إدخرهُ لنفسهِ فقط ؛ جعلهُ وقود ذاك الأتون المستعر أبداً، لا يهمهُ ما راح وما أتى،بقي هو في سكونٍ راسخٍ لا يفصح عنها، ليعبر عن مكنوناته وفق طريقتهِ ؛ بيسر وسهولة . بل إختزنها وإختزلها في عنونة تفصح المخبوء،ولا تتطلب الإجابة – لو تدرين – محذوفاً بداية جملة ونهايتها بدون علامة أو نقطة توقف سيل هذه الجملة –العبارة،بل تركها سائبة، يراد من القارىء أن يعيد صياغتها بإجابة وكما يتطلع هو . فالخيار للمتلقي أن يكمل ذلك بتقنية شعورية ملائمة لتلك الحالة الإستفهامية –المبهمة –ناقصة التكوين –لكن على يبدو بأن دلالتها تتسع المزيد من الإضافات المعقولة – فـ لو –حرف شرط غير جازم –إمتناع – يفضي إلى تأويلات أُخرى بذلك الحرف –فالمخاطب –المعني –أُنثى – سواءً كانت عاقلة أم غير ذلك ربما هي النفس –الذات – الأنا، والتي يحارورها همساً محاكاة، يلومها –يصبرها فهي ذات التوظيف الذي قد عثني بهِ - دنيا،حياة –معمورة،

الأسئلة التي حيّرنا بها، من أن يبوح بها أو يكشف مايلاقيهِ من عتمة قهرية ركنتهُ في زاوية لا إنفراج منها، لا تقبل إلا الانغلاق البات على مايبدو: لوتدرين

أسئلة وأنتهت

فما شأني بظلمة المحيط

وتثاؤب شمس هذا

الزمان

………...

أسئلة وإنتهت ؟ حيث لا يعنى الطرف الآخر بها ,كـ قضي الامر،كلام لحظوي عابر سِرٌ يراد منهُ الآخر بمعرفة أو الإطلاع عليهِ البتة، بل هو صاحب الشآن –أسئلة ليست لها أجوبة،إذن لاجدوى من السؤال، رضوخ الشاعر لحتمية القدر –المصير –فلا شأن الآخر بهِ . فما شأني بظلمة المحيط –وما الظلام القابع في أعماقهِ مضاعف لعتمة المحيط،مادام هو المستلب –المقموع –المركون في زاوية قهرية لايرى فيها النور اصلاً –فما شأنهُ إذن ! إن أشرقت الشمس أوغربت –في هذا الوقت الذي يتضور ألماً بالذات .

بعد إطلاق عبارتهِ –أسئلة وإنتهت – فما جدوى الأجوبة إذن –ليست الحرية في العراء كما يبدو لهُ –فالنعاج تسرح أيضاً –كذلك الغربان سائحة –سانحة –عملية جمع مفردات عقيمة حياتية ليس لها أجوبة –نعاج –غربان –عراء –رجل أعمى –قلب إسفنجي –تابوت،هذه المحمولات التي قد زوج بها مواءمة حالتهِ، هذهِ مطاوعِة كونها رخوة –مهملة –كما هي الحياة عندهُ،تمثل لحظتها مصير المستلب القهري دون جدوى من الحياة –ماثلة أمامهِ طيلة المكوث –ذلك الإستلاب –اليأس –القنوط،قد لمها في هذا المقطع الغائر في سوداوية وسكون سيتلاشى حين إنفراج الحالة تلك:

 ليس مهماً أن يسرح

أولاد آدم في عراء الخليقة

فالنعاج تسرح أيضاً

وكذلك الغربان المعفرة

بالهشيم

ولكن: مهم أن يقف

المنجم

أعني الرجل الاعمي

ذا القلب الاسفنج..

ويرفع اصبعه بجرأة

تجاه تابوت الحقيقة

فما الشفتين إلا هما قوتي الخير والشر –الموجب والسالب –الغرق والنجاة -المادي والمعنوي- تتلوع الأماني بهذه الثنائيات المتضادة،وما بينهما عنصر حياتي –جمالي –تفاؤلي –هو –الياسمين –الذي يبث حرية الإستنشاق –الخارج –الحرية \نسمة – متضادهُ –الفولاذ –الداخل –القيد –القبو –السجن –الدهليز،لو تُرك ذاك الباب الموصود لما رزح كل هذه المدة تحت القضبان الصدئة –فالعقل يطرح رؤاه خارجاً –يدب كما السلحفاة .......... هذه الإشتراطات ولدت كماً هائلاً من الأماني المكبوتة –المحطمة – داخل \ خارج سياق الحرية – المضيء – المحيط – المعتم أبد الدهر.

بين ضفتين لشق عظيم..

تتلوع الامنية

اذ أنتخبتك تكسّر

الاقحوان

فهل للفولاذ معني؟

هل له..

اتركي الباب موصداً

فالعقل يدب كالسلحفاة

علي ورق القصيدة

من خلال التمعن في مقاطع القصيدة الثلاث – كانت أسئلة موجههة إلى الذات –بحوار الهمس مع إجابة قد تكون مقنعة بصمت محبب للنتيجة " أسئلة وإنتهت " والتي صدرت من بين الشفتين اللتين تاهت بهما الأسئلة عن الحلول،لعلها قد تكون عصية الإجابة، كونها أصلاً غير مطروحة بل رددت همساً بحوارية صامتة بدءاً من الإستعاضات المتوافقة للمعني بمفردة وقرينتها –صفتها مثل : ظلمة المحيط = قتامة النفس \ تثاؤب الشمس = لحظة غروبها \ السرح = الإنطلاق- الحرية –العراء \ الاعمى –النظر في الغور الداخلي = المنجم \ الهشيم =الزوال \ الجرأة =الموت المحقق –الحتمي \ شق عظيم =الفم –الضفتين =الشفاه المتيبسة – الأمنية =إجابة مخنوقة =صمت \ الباب الموصد = إخفاء،هذه هي نتائج الإجابات " الصامتة " لأسئلة حادّة لا تنتهي أبداً .  .

 

عدنان أبو أندلس

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم