صحيفة المثقف

الصورة ابلغ من الخبر

استنسخت صورة قاعة أمانة مجلس الوزراء، لأني غير متأكد بأنها نفس القاعة والطاولة التي يعقد عليها مجلس الوزراء اجتماعاته في المنطقة الخضراء، بدون لعب أو تزوير .الطاولة في الصورة نفسها وأمام كل كرسي ميكرفون بساقٍ سوداء رفيعة، والقاعة فارغة من ذوي ربطات العنق المتأنقين بأموال مسروقة . لم ادخل المنطقة الخضراء من قبل، كنت اتجنب المرور قرب سياجها الكونكريتي الرمادي الوسخ.. فقط في حالات اضطرارية، فتأكدت إن القاعة والطاولة المستطيلة والميكرفونات بسيقانها الرفيعة المصفوفة على جهتي الطاولة والكراسي الوثيرة أو المريحة، بأنها فعلاً قاعة الاجتماعات الحكومية أو قاعة مجلس الوزراء، وبدا في الصورة إن مجموعة من المقتحمين، يتأملون محتويات القاعة، يبحثون عن مصدر الفساد في جدرانها وميكرفوناتها وكراسيها وأرضيتها الناعمة، ولكن لا شيء فقد هرب الجميع من المكاتب القريبة من القاعة، وحتى قاعة المؤتمرات الصحفية فارغة يتنقل بينها المقتحمون، كأنهم يبحثون عن شيء ما مختف بهذه القاعات والممرات والمكاتب والشرفات بدون جدوى، ولكن ماذا حدث قبل اقتحام المنطقة الخضراء يوم الجمعة 20.5.2016 ؟ سقط أكثر من 90 جريحاً، وأربعة شهداء من مُقتحمي المنطقة الخضراء، وهنالك جرحى بحالة خطيرة بينهم، فقد استخدمت القوات الأمنية المستنفرة الغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي والحي ضد المتظاهرين، وبعد هذه المواجهة غير الضرورية وانسحاب المتظاهرين والمقتحمين من المنطقة الخضراء. أغلقت جميع الجسور والشوارع المؤدية الى المنطقة الخضراء وشوارع بغداد الرئيسية . أنها حالة غضب عارمة، بسبب انقطاع التيار الكهربائي على مدار اليوم، وغياب الخدمات والبطالة، وتفشي الجريمة والسرقات وغياب الأمن والفساد ونهب وتهريب المال العام، فهذه في الواقع ليست أحداث شغب كما أدعى بعض السياسيين الفاسدين. أنها انتفاضة غاضبة ضد اللصوص الرسميين المتحاصصين والفساد والفاسدين، واللافت إن درجات الحرارة في الأيام القليلة التي سبقت تظاهرات الجمعة، واقتحام قاعة مجلس الوزراء، ومكتب رئيس الوزراء - حيدر العبادي في بغداد، وصلت الى 40 درجة مئوية وأكثر، ولكنها قبل يوم من اقتحام المنطقة الخضراء.. أي الخميس 19.5.2016، تراجعت الى 32 درجة مئوية، واستمرت الى يوم الجمعة 20.5.2016، وتخللت الجو نسمات باردة وخفيفة، انعشت حماس المتظاهرين من ساحة التحرير عبر جسري السنك والجمهورية، معززة بحشود، ظلت تتدفق من مدينة الصدر، واحياء بغداد الى بوابات المنطقة الخضراء الثلاث، قبل وبعد اقتحام المكاتب الحكومية وأمانة مجلس الوزراء، وتراجعت بعد ساعات من انسحاب المتظاهرين والمقتحمين من المنطقة الخضراء، ولكننا لا نعلم مدى قانونية تصدي القوات الأمنية للمتظاهرين بالرصاص الحي والمطاطي والغاز المسيل للدموع، وغيره، وفقاً للدستور، لأنها في الواقع تظاهرات سلمية في أغلبها ضد المحاصصة والفساد والفاسدين وسراق المال العام، باستثناء حالات محدودة غير سلمية، حدثت وتحدث هنا وهناك، وهذا يعني إن ليس من حق أيّة جهة سياسية منع تظاهرات سلمية لها مطالب معروفة، وواضحة دستورياً، ويمكن تقديم شكوى ضدّ هذهِ الجهات لمخالفتها الدستور، بمنع التظاهرات والاعتصامات السلمية، وبغرض التستر على الفساد والفاسدين، ولكن وفي غمرة أو تداعيات ما حدث في تظاهرات الجمعة التي اعتاد المتظاهرون على احيائها يوم الجمعة من كل أسبوع، تأكدت بأن الصورة حقيقية ..فكانت فعلاً أبلغ من نقل خبر اقتحام المكاتب الحكومية ومكتب رئيس الوزراء - حيدر العبادي وامانة مجلس الوزراء من قبل المتظاهرين.

 

قيس العذاري

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم