صحيفة المثقف

العراق باعتقادنا لن يعود وطنا من جديد ...إلا عندما تنقرض هذه الكتل السياسية!!!

ألاعمار بيد الله تعالى، وباعتقادنا، ان هذه الكتل السياسية التي تكثر في مزايداتها وتستغفل نفسها في كيفية النظر لها من قبل العراقيين، ككتل مخربة بلا ضمائر، فارضة نفسها على شعبنا فرضا، ستستمر في وجودها الشائن من خلال فرص الانتخابات، لتبقى في المشهد السياسي الى خمسة وعشرين عاما قادمة . فالصورة واضحة امام كل عراقي واعي، ولا تحتاج الى نوعا من عبقرية للتكهن بالاحوال العراقية القادمة. فهذه الكتل لها جماهيرها المستفيدة من بقاءها والتي ستعيد انتخابها لاستمرار عيشا رغيدا لها وللمستفيديم من بقائها . فالبعثيون الخونة لهم حثالاتهم والاسلاميون الخونة هم ايضا لهم حثالاتهم، ولا أمل في عودة العراق كوطن بشكله الحقيقي من جديد أبدا، سوى بانقراض هذه الكتل السياسية جميعا، فهو الحل الوحيد . فبما ان معدل عمر الانسان العراقي هو خمسين عاما حسب الاحصاءات الرسمية العالمية، وبما أن الكتل السياسية تتراوح معدل اعمارهم اليوم بين الاربعينات – والستينات، فستبقى السنوات الخمسة والعشرون القادمة في هذه الحالة بالنسبة للعراقيين، مجرد معانات وصراعات ومؤامرات ولصوصيات وولاءات خارجية من قبل هذه العقول المجرمة التي تزيد العراق خرابا وتتواجد تحت ذريعة "الانتخابات"، إللهم إلا أن يقع حدث عسكري او جماهيري كبير للاطاحة بالرئاسات الثلاث، وتبدأ صفحة كريمة لعراق جديد أخر، باذنه تعالى .

إذ لم يحدث في العالم في يوم ما، ان بلدا يقوم سياسيوه من الكتل المتوفرة من وزراء ونواب البرلمان وغيرهم بسرقة ثروات شعبهم بمليارات الدولارات، تاركين شعبهم يتضرع جوعا، وواضعين الحكومة في زاوية التسول من العالم، بينما تعيش هذه الكتل الفاسدة عصرها الذهبي . وفي المقابل، تقوم ما يسمى بالرئاسات الثلاث عديمة الكرامة، بالدفاع عن هؤلاء المجرمين وحمايتهم وابقائهم في مناصبهم . مثل ذلك تفعل أيضا السلطة التشريعية اليوم باحتضانها للطائفي اللئيم سليم الجبوري الذي ازيح من موقعه من قبل الشجعان من أعضاء البرلمان الذين اعتصموا، بعد أن اثبت سليم الجبوري انه اكثر سوءا من سابقه اسامة النجيفي الذي يقطر سما زعافا ضد شعبنا هو الاخر. ومع ان ألابطال في كتلة المعتصمون في البرلمان قد برهنت على شرعية انعقادها وما اتخذته من قرارات شرعية في ازاحة الجبوري من خلال اعتصامها في البرلمان، كان الاجدر باستمرار دعمها من قبل تلك التظاهرات الكبيرة، ولكن بدون فوضى او ارهاب فكري من قبل تلك الجماهير البطلة بشكل عام .

أن السؤال الذي يجب طرحه هنا على حكومة العبادي، هو كيف لها ان تدعي ان بين المتظاهرين كانت مجموعات بعثية مخربة، في حين أن الحكومة لم تعتقل اؤلئك المخربون؟ فمع ان الحكومة صرحت على انها شخصت بعض البعثيين المخربين، وأعلنت عن صورهم، ولكنها تراجعت عن اقوالها، ثم ادعت ان القوات الامنية قد التقت القبض على ثلاثة عناصر، وبعد التحقيق معهم اطلق سراحهم؟  فاين مصداقية حكومة العبادي؟ وهل ما ادعته الحكومة مجرد افتراءات أم ان ذلك كان حقيقة، لكنها و"لسبب ما" غيرت اقوالها؟ فنرى هنا حتى في اقوالها الرسمية، فان حكومة العبادي لم تكن موفقة لتجعل شعبنا على حقيقة ما جرى او يجري، اليس في ذلك خطلا في المصارحات مع شعبنا؟  

لم يحدث في أي بلد في العالم، ان يكون المسؤول الحكومي المناط به مسؤولية الدفاع عن الوجود الوطني وتأمين حماية شعبه وتطبيق الدستور، ان يصل به التخوف والتخاذل من غضبة شعبنا على ما يجري من استهتار، فيساهم بالاعتداء على المتظاهرين، مع ان حرية التظاهرات والتعبير عن الرأي مكفولة من قبل دستور البلاد! كما ولم يحدث أبدا أيضا، ان رئيس كتلة سياسية كالمجلس السياسي "الاعلى" الذي ما برح يجاهر في اغتصاب حقوق الشعب باستيلاءه على الممتلكات الحكومية والاهلية، يرضى لنفسه ان يعيش عارا امام شعبنا مع تأريخه السياسي الحافل في تخريب العملية السياسية. فقد وجدنا عمار الحكيم زعيم كتلة الاسلام السياسي هذا، يسارع وهو رجل دين، في مزايدات بخسة بارتداءه "بدلة عسكرية" موهما من يستطيع إيهامهم، ومعتقدا انه قادر على خداع شعبنا في اظهار "بطولاته" الوطنية من خلال ارتداءه البدلة العسكرية، وكأنه يعتقد ان في ارتداءه للبدلة العسكرية يكون قد سجل له شعبنا عنوانا لبطولاته!! بينما ينسى أن المقبور صدام قد ارتدى البدلة العسكرية لعقود من الزمن، لكنه انتهى في حفرة حقيرة تعيش فيها العقارب والجرذان، ولم يطلق رصاصة واحدة من مسدسه الجبان عندما ساقوه كالخروف.

المفترض بمن يرتدي البدلة العسكرية ان لا "يهينها" من خلال المزايدات و الاستعارضات وخصوصا امام شعبنا العراقي الذي  "يقرأ الممحي" .  لقد شعرت بالأسف نحو سياسي فاشل يعيش على سمعة اسلافه، يحاول ان يبدوا "وطنيا للعظم"، لكنه في حقيقته لم يكن بنظر شعبنا سوى مخربا حتى لعلاقة التصافي بين الكتل الشيعية نفسها. حيث كان الاجدر بمن يريد ان يكون شيئا كبيرا من اجل العراق والعراقيين، أن لا يكون ظالما وباغيا على الحق وعلى حقوق الاخرين . بل يفترض به أولا اعادة الممتلكات الحكومية والاهلية التي استولى عليها الى اصحابها الشرعيين وان لا يعيش على بؤس الفقراء . فشعبنا، وان يكن يعيش تحت قوانين شريعة الغاب، كان ممكن أن نجد على الاقل ممن يدعون التدين ومخافة الخالق تعالى، ان يجعلوا من انفسهم مصادرا للخير والبر ومخافة الله . وكان الاجدر بعمار الحكيم أن لا يظهر بصورته من اجل الاعلام، ميتباهيا بزيه العسكري بينما هو يدرك جيدا ان هناك رجال ابطال "حقيقيون"  تروي دمائهم الارض العراقية المعطاء، بينما بعضهم لا يرتدي البدلة العسكرية، إذ يكفيه ما يحمله من غيرة ووطنية، فاين الثرى من الثريا من الفهم العقلاني ؟؟!!

أن مأساتنا الحقيقية هي اننا لا نجد في الحياة السياسية العراقية سوى دجل المزايدات . فكيف للسيد عمار الحكيم مثلا ومقتدى الصدر، وهما ساعيان من اجل اسقاط اخوتهم في الدين والمذهب، أن نجدهما لا يعيران لا للدين ولا المذهب أي اعتبارات؟ وكيف يستطيع شعبنا الوثوق بهما، ليفهم نواياهم بينما هما يتباهيان بالقشور، ويتركون اللب، وقد أسس كل منهما "امبراطوية" صغيرة، في داخل الحكومة، فلا تستطيع حكومة العبادي ان تطولهما. فهل بعد هذا يرتجى منهما أي ثقة بهما ؟ وهل في ذلك شيئا من وطنية أوشيمة للوطنيين ؟ 

ما تزال حكومة العبادي تستسهل الاساءة لشعبنا . فها قد مضى على "مناورات العبادي" أشهرا طويلة واخيرا كانت النتيجة انها لم تكن سوى جعجعة بلا طحن . إذ لا يزال الفساد مسشريا في مرافق الدولة وسيبقى كذلك ما دامت الكتل السياسية مهيمنة على الاوضاع من خللا مرشيحها الجدد والذي لم يتغير من شيئ سوى اسماءا وشخصيات جديدة؟ فمن يسرق اموال شعبنا علانية، ونجده حرا طليقا، او في أحسن حالات "العدالة العراقية" بعد ممارسات لضغوط كبرى تسلط على الحكومة، تضطر الى احالة تلك الاموال المسروقة وهي بمليارات الدنانير، الى هيئة النزاهة، ثم اخيرا تبزغ علينا السلطة القضائية "بلا عدالة" بالحكم على المتهم "ثلاث سنوات"... فيا لرأفة العدالة العراقية على المجرمين...!!

 

فتحت حكومة كحكومة العبادي لا يمكن للواقع الفاسد ان يتغير أبدا. فكيف سيكون التغيير في واقع مأبون كهذا الذي يعيشه شعبنا.  فعلى سبيل المثال، بعد أخذ ورد ومماطلات وتسويفات من اجل الابقاء على الواقع نفسه، وجدنا كيف أن الكتل السياسية فرضت ترشيح ممثليها في "حكومة التكنوقراط"!!! لكننا في النهاية، وجدنا أن من كانوا ألاكثر حماسا في التغيير كمقتدى الصدر الذي كان يؤكد على الغاء أي مرشح من قبل الكتل، وجدناه أول من يقوم باختيار مرشحي كتلته في هذه الحكومة، ومثل ذلك تفعل بقية الكتل؟

ألا يكفي أن يكون ذلك عارا وشنارا على حكومة تحاول البقاء تحت امرة كتل سياسية باغية، من خلال مبدأ "نفذ" لما تراه الكتل السياسية الغارقة في الفساد، ثم ناقش... فيا لهول المصير ...

حماك الله يا عراقنا السامق...

 

أ . د . حسين حامد حسين

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم