صحيفة المثقف

وفار التنور

sardar mohamadالجزء الثاني من رواية

عربة عشتار

 


 

وفار التنور / سردار محمد سعيد

 

6

كأن الموج جبال

يناطح الغمام

موج فوقه موج , تحته موج

لا عاصم اليوم منه.

العربة تتفادى نزوات الموج في تقلبه ,إرتفاعاً ,وانخفاضاً........كأنما يقودها سائس ماهر,

لو كنت على اليابسة لكنت من المغرقين.

ثمة سفينة مذهلٌ كبر حجمها لكنها وسط طغيان الماء بدت كرمثة.

إهتزت صفائح القاع ففارالتنوروطغت سياط الجبابرة سيولاً غامرة الزرع والضرع.

حامت العربة حول السفينة

أرقب النهاية

سألت نفسي كم هي كمية الخشب التي بنيت به؟

لاشك أن غابة بأكملها اجتثت.

ومئات من العمال المهرة استغرقوا سنيناً في بنائها

لو لم تكن في مرمى نظري لقلت محض خرافة

على حين غرة بعد ظلام وبرق ورعد فتحت الأرض أفواهها وبدأت تبلع الماء

راح طير فلم يجد موضع قدم فعاد خائباً.

أين ستُخبَىء هذه السيول؟

برد غضبها وسكن فورانها فغدت كالمرايا واقتصرت على السريان بوداعة بين ضفتين.

أُطلقوا طيراً ولم يعد.

راح السمك يتقافز بحرية ولا يخشى الطيور الحائمة.

السمك منشغل بالتزاوج وكذلك البشر والطير.

لا شك أن الهلع والخوف في أثناء الطوفان لم يترك لهم مجالاً للتفكير بممارسة الجنس.

اليوم بعد أن هدأ غضب السماء وظهرت الأشجار وبرزت الوهاد توافر الإنتباذ القصي عن أعين المتطفلين.

لحظت طيراً أصفر اللون مخطط بالسواد، على رأسه تاج ريش يتبختر به

حام حول العربة منبهراً.

عربة بلا خيول تنساب بلا ارتجاج ثم ما لبث أن استقر على حافة العربة اللازوردية دون وجل.

نطق كما البشر قال:

خذني معك رفيقاً فلن تخيب وسآتيك بأخبار غائبة عنك.

أراك تعلمت منطق البشر؟

من سماعي ثرثرة راكبي السفينة.

سترافقني على أن لا تسألني عمّا ليس لك به علم.

 

7

طرق سمعي صياح صائح من أعماق الفضاء.

فرعون أيها الجبار آن الأوان فأين المفر؟

هذا هو العام الموعود سيولد من على يديه زوال عرشك.

سيولد رجل الرب.

فأخذ فرعون يهذي

اضطرب وصرخ.

إجمعوا لي القوابل كلهن:

آمركن بقتل كل وليد

أحدهم يدعو لزوال ملكي.

فعاد الصوت مقهقهاً:

هذا الذي تنتظره بنو إسرائيل بعد أن سمتهم أبشع العذاب قتلت وأثكلت ويتمت.

بدأ الخوف يسري في أعضائه

دار ودار ودارحول نفسه ويداه تمتدان فوق رأسه تمسكان بتاجه الذهبي متشبثاً به.

عصفت ريح وثار نقع جعل التاج يهتز فازداد تشبثاً واستمر بالدوران فسقط أرضاً

إي رجل الله

أكرمك الله فحماك من الطاغية الجبار

أوحى الله إلى أمك أن تلقيك في اليم ووصل التابوت قصر فرعون

فتربيت فيه ثم افترقت عن آل فرعون.

ونصرت عبرانياً من أخوتك

قتلت فسعوا إلى قتلك.

لتهرب من مصر

 

8

جاء الهدهد مسرعا ًواستقرعلى كتفي

القوم يأتمرون لقتله.

لتقله العربة سيعجزون من اللحاق بها.

إركب.... تعجل.... سأتجه بك إلى مكان آمن لن يصلوه. تلقاء مدين عسى الله يهدينا سواء السبيل.

قال الأب: أراكن عدتن مسرعات اليوم على غيرعادتكن......ما الأمر؟ وأنت يا بنية مالك مستبشرة؟

إنه هو يا أبي القوي الأمين

سقى لنا متدافعاً ومتزاحماً مع الرعاء.

وأين هو الآن؟

تولى إلى الفيء.

ناديه

أقبلت تخلط بالجمال الحياء والخفر.

قالت:إن أبي يدعوك ليشكرك جزاء ما سقيت لنا.

وكان الأمين حقاً

طبع النسيم الثوب على الجسد البض فبانت تفاصيله.

ومن عفاف قال:

كوني خلفي وأرشديني

تبسم الهدهد وعلق: هذه سمة الأنبياء.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم