صحيفة المثقف

المُرْسَلون

faraj yaseenيأتون في الخريف، حين تنكسر شأفة الحر ويطيبُ هواء الليل، ينصبون َخيمتهم على حافة الجرف الصخريّ أمام النهر، بالقربِ من البلدة، ليسوا رعاةً ولا غجراً. رجالٌ بيض مهيبون، ثيابهم نظيفه وعيونهم ضاحكة .. يتجولون صامتين ولا يجلسون في المقاهي أو يحدثون أحدا، ولم يُشاهدوا وهم يأكلونَ في مطاعم البلدة أو يشترون الطعام، يدخلون السوق ويعودون بأكياس ممتلئة يحملونها على ظهورهم. لا أحد في البلدة يجزمُ بأنهُ رأى بينهم طفلاً او امرأةً واحدةً، كما لم يسمعْهم أحدٌ وهم يُنشدونَ أو يرقصون أو يصخبون.

يمكثون ثلاثة أيام على هذا النحو ثم يرحلون.

بعدَ عقود من غيابهم الأخير، جعلَ أثرهُم الغرائبي يُطمس في الذاكرة الجمعية شيئاً فشيئاً؛ لكنّ بعض الأشخاص مازالوا يحتفظون بالملابس والأحذية والدمى واللعب التي كانوا يوزعونها على أطفال البلدة قبل رحيلهم.

يحتفظون بها على سبيل الذكرى.

 

فرج ياسين

 

للاطلاع على مشاركات ملف:

المثقف 10 سنوات عطاء زاخر

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم