صحيفة المثقف

كنت توأما لموقع "المثقف" في دخولي لعالم النشر الإلكتروني

nabe  oda- دورنا الثقافي، ومن هنا اهمية موقع "المثقف"، ان نحقق حلمنا

- الانساني بان يكون  صوت المثقف العربي أقوى من صوت الرصاص

 دخلت عالم الحاسوب والانترنت بجيل متقدم، كنت ما بعد جيل الخمسين، انظر لأولادي يبحرون بين المواقع ويشاهدون ما يحلو لهم من برامج، ويمارسون العابا متنوعة وانا جالس اراقب هذا العالم الغريب عن ثقافتي وعالمي المهني في وقته، وشعور بالعجز يتملكني، لأني كلما حاولت اقتحام هذا العالم العجيب اواجه بالفشل وضحك اولادي "من خشونة عقلي"!. كنت اطلب منهم العون للدخول الى مواقع اخبارية ومواقع ثقافية .. وارشادي كي انتقل من مادة الى أخرى، لكني دائما ارتبك امام الشاشة وابدأ بحركات تسقط المواد التي تثير انتباهي، وعبثا احاول العودة اليها.

صحيح اني جئت من عالم تكنولوجي، كطالب هندسة ميكانيكيات سابقا في كلية التكنولوجيا – التخنيون في حيفا، ثم طالب للعلوم السياسية والفلسفة في موسكو، الموضوع الأقرب لروحي المتمردة ولعالمي الثقافي والفكري.

تقاعدت من عملي المهني كمدير انتاج في الصناعات الثقيلة في حدود العام 2000 وهو العمل اعتشت منه  بعد ان حرمت من الحصول على وظيفة في التعليم كما كان حلمي، لأن جيلي الذي ولد مع نكبة شعبنا الفلسطيني (ولدت عام 1947) واجه اشكاليات صعبة جدا في الحصول على عمل، حيث كانت هناك سيطرة مطلقة للحكم العسكري الاسرائيلي في التوظيف، وانا كشاب شيوعي من بيت شيوعي في ذلك الوقت ونشيط سياسيا واعلاميا وثقافيا، كنت محسوبا من العرب "السلبيين" الذين واجهوا سياسة بطش السلطة، والاقامة الجبرية والنفي واثبات الوجود اليومي في مراكز الشرطة حسب قوانين الطوارئ العسكرية، التي واصلت اسرائيل تطبيقها ضد الأقلية العربية الفلسطينية الباقية في وطنها، وهي قوانين طبقها الانتداب  الاستعماري البريطاني في فلسطين، اليوم تمارس هذه القوانين الاستعمارية في المناطق الفلسطينية المحتلة ضد الشعب الفلسطيني، وضمنها النفي والاعتقال الاداري بدون محاكمة لفترات لا نهاية لها.

مع بداية عملي في الصحافة (عام 2000) بعد ان تقاعدت من العمل المهني اثر اصابة عمل، فهمت ان الحاسوب هو الأداة التي لا يمكن الابحار بدونها في عالم الاعلام. حسمت أمري وتفرغت في نهاية أحد الأسابيع، عندما كانت الزوجة والأولاد في زيارة خارج البيت، جلبت كراس ارشاد للحاسوب، وجلست حاسما امري ان لا اقوم الا وقد اتقنت المبادئ الأساسية للتعامل مع هذه التكنولوجيا التي عصفت بكل عالمي القديم.

تفاجأت ان مهنيتي يمكن تطويعها بسهولة لعالم التكنولوجيا، استغرقني الأمر نصف يوم وبدأت ابحر بحرية بين المواقع، ثم اخترقت عالم "الوورد" وخلال نصف ساعة تعلمت ان افتح الصفحات والملفات وأحفظها. ثم مع ارشاد اولي بدأت اتحكم بالرسائل الإلكترونية ارسالا واستقبالا. وبدأت اتقن سحب الأخبار الى ملفات وورد واعادة صياغتها بما يتناسب مع رؤيتي وما أضيفه من خلفية سياسية واخبارية وتحليلية اشعر ان المادة تفتقد لها، وصياغة العناوين التي اراها اكثر مطابقة واثارة اعلامية أي بدأت اكون اعلاميا أيضا في تفكيري..

حتى عام 2006 لم اكن قد بادرت الى النشر في المواقع الإلكترونية، وكنت انتظر مثلا ان تطبع لي الموظفات مقالاتي للصحيفة التي احررها، ثم خطوة وراء خطوة بدأت اتقن الطباعة بأصبعين ولكن بسرعة لا تقل عن سرعة القلم.

استطيع القول ان تلك كانت بداياتي للدخول في عالم الانترنت والنشر الإلكتروني. بحثت منذ البداية عن المواقع الثقافية، ويبدو ان اسم المثقف المشتق من الثقافة  كان المفتاح السحري للتعرف على موقع "المثقف"، ويبدو ان تعرفي على المثقف كان في بدايتها أيضا، لذلك اعتبر نفسي توأما ثقافيا لها في عالم الانترنت والنشر الإلكتروني واستطيع القول اني لم اجد كثيرا من المواقع الثقافية التي شدتني بمستواها الثقافي والفكري.

شدني الموقع بمستواه الفكري والثقافي ومضامينه الاعلامية برصانتها ومصداقيتها، ابتعادا عن الاسفاف الذي اراه  مدمرا للثقافة الجادة وللعقل المتنور. طبعا هناك العديد من المواقع الجادة  التي تعرفت عليها فيما بعد والتي تشكل الى جانب المثقف منبرا هاما لمسيرة الثقافة العربية.

يهمني اليوم بالمقام الأول ان اجد ما اوزعه منشورا على صفحات المثقف وعدد غير كبير من المواقع التي اعتبرها جادة بنشرها ومستواها كمنبر لنشر المعرفة التي اؤمن انها من المتطلبات الضرورية لمجتمعاتنا، خاصة في وقتنا الراهن.  ويبدو ان كوني فلسطينيا دفعني للمقال السياسي أيضا رغم اني كنت مصرا دائما ان لا ادخل السياسة، لكن ما اعيشه من مهازل السياسية دفعني الى المقال السياسي، وما عشته على جلدي من النقد التافه والانحيازي والقائم على قاعدة العلاقات الشخصية والعائلية  وتجاهل اعمال الأدباء الشباب وانا منهم، جعلني اكرس جهدا للكتابة النقدية، رغم ان صفة الناقد تلبستني الا اني لا اعتبر نفسي ناقدا، بل عارضا او كاتبا ثقافيا !!

رؤيتي كانت وبقيت بأن المعرفة هي زبدة ثقافة عصر العولمة، وما أراه أن حركة المعرفة في مجتمعنا العربي،  تخضع للكثير من المسلمات والمفاهيم النهائية غير القابلة للتطوير، ودور موقع ثقافي بمستوى موقع "المثقف" أضحى ضرورة حياتية بما ينشره من فكر ثقافي - تنويري !!

"المثقف" تنطلق كما ارى من فهم نوعي لأهمية الثقافة والإبداع الثقافي بكونهما يحتلان حيزا واسعا من التفكير الإبداعي للمجتمع وأهمية ذلك المطلقة في واقع مجتمعنا وأهمية تحقيق أحلامنا الابداعية، بجعل صوتنا كمبدعين الصوت المعبر عن واقعنا والدافع للرقي بإبداعنا وفكرنا لما فيه خير مجتمعاتنا.

يجب ان نفهم ان اهمية موقع ثقافي، والمثقف في طليعة المواقع، ان يكون صوت المثقف في المجتمعات العربية أقوى من رصاص البنادق في التأثير على الرأي العام والحث على التغيير نحو رفاهية المجتمع وتقدمه.

عشر سنين ويبدو ان الزمان يحني رأسه اجلالا لهذه التجربة المميزة والضرورية.

 

نبيــل عــودة - كاتب واعلامي

للاطلاع على مشاركات ملف:

المثقف 10 سنوات عطاء زاخر

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم