صحيفة المثقف

النفور الحكومي من السلطة الرابعة

الصحافة عندما اطلق عليها عالمياً لقب (السلطة الرابعة) لم يكن ذلك جُزافاً، بل لأنها بحق هي سلطة الشعب التي تراقب وتُشخص وتُقوِم بأداء وتقويم عمل السلطات الثلاثة الرئيسية في البلد حيث ان واجبها المهني والوطني يُحتّم عليها أن تتابع كل شيء في البلد وتبحث عن المشاكل والهموم التي تمس حياة المواطن بشكل مباشر وتسلط الضوء عليها وتقترح الحلول المناسبة لتصحيح هذه الأخطاء وتضعها على طاولة الوزير أو المسؤول، وتتابع بنفس الوقت إجراءات الوزارة أو المؤسسة المعنية وتسلط الضوء على هذه الإجراءات وتشيد بها لأن الصحافة ليس واجبها التسقيط وتسليط الضوء على السلبيات والأخطاء فقط، بل التعامل مع كل ماهو ايجابي ونشره وايصاله بأمانة للقاريء وأن يكون دافعها الحقيقي هو الأمانة الصحفية وشرف المهنة.

من المعروف للجميع أن الوزارات والمؤسسات الكبيرة يضم هيكلها التنظيمي على مكاتب اعلامية تضم كادراً متخصصاً له واجبات كثيرة ومتعددة ومنها متابعة جميع ماينشر في وسائل الاعلام وخاصة فيما يتعلق بوزارتهم أو مؤسستهم، وبعدها يتم تلخيص ذلك وإعداد تقرير يومي يتم تقديمه الى الوزير أو رئيس المؤسسة الذي يقوم بدوره بالاطلاع عليه وإصدار أوامره بمعالجة المشاكل والسلبيات المطروحة بشكل سريع لأن هذه القضايا تمس سمعة وأداء وزارته،وبعدها عليه أن يصدر اوامره بإعداد إجابات رسمية يتم ارسالها الى وسيلة الاعلام التي نشرت القضية لكي تقوم بدورها بنشرها عملاً بمبدأ الشفافية وحرية النشر، وهنا يجب أن يكون المواطن هو المستفيد الأول والأخير لأن جميع هذه الحلقات المذكورة وجدت لخدمته ولاتوجد أية مصلحة خاصة من قبل الصحفي عند طرحه لأي قضية تمس حياة المواطن وهمومه غير الأمانة الصحفية التي يحملها في عنقه تجاه المجتمع، ولكن بكل أسف مانراه على أرض الواقع من خلال تماسنا المباشر بهذا الموضوع هو كثرة التشخيص للحالات السلبية والمشاكل التي تطرح في جميع وسائل الإعلام ويقابلها ندرة في الاستجابة من قبل الوزارات والمؤسسات المعنية وتصل الى انعدام الاستجابة من قبل بعض الجهات ولانعرف السبب الحقيقي وراء هذا التصرف الغير مسؤول وعدم تكليف أنفسهم حتى بالتبرير او الرد على هذه القضايا المطروحة، وهذا ان دلّ على شيء فانه يدُلّ على تقصير المسؤول وتقصير المكاتب الاعلامية واستخفافهم بهموم المواطن، وعلى الوزير والمسؤول أن يدرك بأن غضّ النظر والسكوت المتعمد لن يثني الصحافة الحرة والأقلام الوطنية عن أداء رسالتها الانسانية والمهنية بالاستمرار في إعادة نشر هذه القضايا والتأكيد على سكوت الجهات المعنية بها والمطالبة مجدداً بحقوق المواطن الضائعة والمطالبة بالاستجابة السريعة واتخاذ الاجراءات المناسبة لذلك، وعلى المسؤول أن يدرك بأن الصحافة هي العين الحقيقية التي يرى من خلالها عمله وعمل وزارته بدون رتوش ولامجاملة مثل التي يتلقاها من مستشاريه وحُجّابه الذين يجاملونه ويخفون عنه الحقيقة لتحقيق مصالحهم الشخصية.

هذه رسالة نوجهها الى كل شخص في موقع المسؤولية بأن لاتهمل كل مايطرح في وسائل الإعلام وان الرد أو الاعتراف بالخطأ لايقلل من شأنك بل على العكس سيرفع من شأنك في عيون الجميع لأنه لاعيب في من يعمل ويخطأ ويصحح خطأه، بل العيب في من يعمل ويخطأ ولايعترف بخطأه ولايحاول تصحيحه ، وتذكر جيداً ان موقعك ومنصبك وجد لخدمة المواطن وليس لتحقيق مصالحك الشخصية.

 

رائد الهاشمي

رئيس تحرير مجلة نور الإقتصادية

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم