صحيفة المثقف

بناء الشخصية في رواية الجديلة والنهر

wafaa abdulrazaq3الدكتور عدي عدنان محمد

 الكتابة عن واقع حالي تعرضه الأخبار والصحف، وواقع نعيشه كل يوم، أظنه أصعب بكثير من الكتابة عن ماض بعيد أو قريب، لذا كانت الكتابة في رواية (رقصة الجديلة والنهر) بحاجة إلى الخروج عن المألوف كما هو شأني في السرد الذي اتخذ نهجا غرائبيا، لإعطاء الرواية صبغة فنية لتصبح نصا أدبيا. . ومن الصعب أيضا الدخول إلى عوالم الرواية التي تأخذ بالقارئ إلى الخيال، والرجوع إلى البدايات مهما توغل في الفصول الأخيرة، ليكتشف أن ما قرأه عن حياة الأبطال، هو أنهم أرواح يتحركون ويعيدون الحياة من خلال السنابل التي هي رمز الحياة، والناي صوت الحياة، من أول العمل حتى نهايته حيث التحامهم أي الأرواح من الشمال إلى الجنوب، من كوباني، الموصل وسبايكر، والمدن التي نهبها داعش.

لذا، ما كتبه الدكتور "عدي عدنان محمد" أعتبره جهدا مضاعفا لبداياتي في الرواية حتى النهايات، فعين القارئ العارف والمكتشف لخلفية كل بطل وعلاقته بالحدث، والمكان والزمان، وتأويل تلك العلاقة، وعلاقتها ايضا بالأسلوب الغرائبي، في الرواية، وماهية الشخصية باعتارها دالا، الشخصية الرئيسية والثانوية. . فضلا عن أن الموضع الذي اختاره (بناء الشخصية في رواية رقصة الجديلة والنهر) موضوع في غاية الأهمية، وأول موضوع يتناول الرواية من هذا الجانب، على الرغم من كثرة النقود والدراسات حولها، لا اريد أن أسرق من القارئ متعة اكتاشاف هذا البحث في الإطالة، لذا أتركه بين يديه وأرجوه أن يكون عيننا الآخرى.

 

وفاء عبد الرزاق

... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

 

بناء الشخصية في رواية الجديلة والنهر

عدي عدنان محمد

 

توطئة: مفهوم بناء الشخصية في الرواية

 لما كان المنهج يعني الوقوف على آلة التحليل، أو ما يسمى بأدوات التحليل، فإنَّ هذه التوطئة تحاول إيضاح الآلية الإجرائية التي سيقوم عليها البحث، إذ نجد من المفيدهنا أنْ نحدد معنى كلمة (بنية) و (شخصية) محاولين توجيه مدلولهما لخدمة غرضنا في هذا البحث.

 

1. مفهوم البنية:

 جاء في معجم مقاييس اللغة أنّ (بني) هيأة يُبنى عليها شيءٌ ما بعد ضمّ مكوناته بعضها إلى بعض فـ (بني) ، (الباء، والنون، والياء، أصلٌ واحدٌ، وهو بناء الشيء بضم بعضه إلى بعض، تقول: بنيتُ البناءَ أبنيةً…) (1) . ويذهب ابن منظور إلى المعنى نفسه، فـ (البَنْية والبُنْية، وهو البنى، والبُنى… ويقال بَنْيَةٌ؛ وهو مثل رشوة ورشا؛ لأن البَنيْةَ: الهيئة التي يبنى عليها مثل المشية والركبة…) (2) .

والبنية: (الكيفية التي تنظم بها عناصر مجموعة ما، أي إنّها تعني مجموعة من العناصر المتماسكة فيما بينها بحيث يتوقف كلّ عنصرٍ على باقي العناصر الأخرى، وبحيث يتحدد هذا العنصر بعلاقته بمجموعة العناصر) (3) . والبنية بما هي: (آلية للدلالة وديناميكية لتجسيد الدلالة في سلسلة من المكونات الجذرية، والعمليات المتصلة، وفي شبكة من التفاعلات التي تتكامل لتحول اللغة –بمعناها الواسع- إلى بنية معقدة تجسد البنية الدلالية تجسيداً مطلقاً في اكتماله) (4) . فالعنصر داخل البنية يتحدد من خلال علاقته مع غيره من العناصر التي تعمل مجتمعة لتكوين الدلالة.

والبنية ليست مجموعة هذه العناصر، بل هي هذه العناصر بما ينهض بينها من علاقات مع بعضها الآخر، وعلاقتها بالنص كلاً أو البنية بوصفها كلاً (5) . فتتكون البنية من حركة هذه العناصر، والعلاقات المتبادلة فيما بينها.

وبناء النص: هو كل متكامل، ومعطى لساني بالدرجة الأولى يكتسب قيمته الدلالية والفنية والأسلوبية من خلال اللغة التي تدخل في صياغته، بالإضافة إلى الأساليب التي تتم فيها تلك الصياغة والعناصر الأخرى التي يتم بها النص فيتوجه به مؤلفه إلى القارئ (6) .

فالبنية: هي الكل المتكامل من العلاقات المتبادلة بين عناصرها المكونة التي تضافرت فيما بينها على تكوينها. أو هي ما نعقله من علاقات العناصر المكونة للبنية وحركتها من خلال تضافرها و تعالقها معاً.

 

2. مفهوم الشخصية:

الشخصية، من شَخَصَ، والشَخص، جماعة شَخْصٍ... والجمع أشخاص، وشخوص، وشخاص... والشخص:سواد الإنسان وغيره، وتراه من بعيدٍ، ... وكلُّ شيءٍ رأيت جسمه فقد رأيت شخصه (7) . فالشخص هنا يعني الذات الظاهرة للعين، وقد وصف بها الإنسان في أغلب استعمالاتها .

والشخصية في العمل السردي: (أحد الأفراد الخياليين أو الواقعيين الذين تدور حولهم أحداث القصة) (8) ، بل هو المحور الذي تدور حوله القصة كلها (9) . إذ تمثل العنصر الحيوي الذي يضطلع بمختلف الأفعال التي تترابط وتتكامل في مجرى القص (10) . فضلاً عن أنّها تجسد في ذاتها تعبيراً تاماً وكاملاً عن فكرته الظاهرة المطروحة في القصة (11) .

 ولما كانت الشخصية الروائية هي إنسان، والإنسان هو محور الحياة والكون ؛فإنَّ الرواية أشبه ما تكون بمنظار يضعنا خلفه الراوي لنرى بوضوح ما هو غامض التفاصيل أو بعيد عن مرمى نظرنا من خلال الشخصية الروائية في قناعاتها وحركاتها وسكناتها، فوجود الشخصية هو ما يفترض وجود الظروف الطبيعية والفيزيائية (خارجية) ، والأفكار والمفاهيم الذهنية (داخلية) المرافقة لحياة هذا الإنسان. لذا لا ينتظرُ قارئ أنْ يرى في رواية مكاناً أو زماناً بدون أشخاص يتحركون لتشكل تماساً مع هموم القارئ وشؤونه.

من هنا تبدو أهمية وجود الشخصيات في الرواية، فهذا الوجود يصور الحياة وقد أُعيد تشكيله في العالم التخيلي الخاص بالرواية، فيكون مرآةً للقارئ يرى فيها نفسه . فالشخصية في الرواية هي إعادة خلق للحياة والواقع المعيش على الورق بأسلوب الكاتب.

 وبناء الشخصية في الرواية يعني الهيأة التي تبنى بها من خلال علاقتها بمجموع العناصر المكونة للرواية، فيما بينها، إذ يتوقف كلّ عنصرٍ على باقي العناصر الأخرى، و يتحدد هذا العنصر بعلاقته بمجموعة العناصر الأخرى.

ولما كانت مكونات الخطاب الروائي هي: (الشخصية –الحدث –الزمان – المكان) ، فإنّ بناء الشخصية الروائية:هو علاقتها بهذه العناصر بحيث يشكلون معاً بنية متكاملةً للرواية . فيتم دراسة الشخصية الروائية في ذاتها بعيدة عن هذه العناصر، فتتحدد ماهيتها وطبيعتها، وأفكارها بوصفها دالاً. ومن ثمّ تدرس في علاقتها بالعناصر الأخرى، أي علاقة الشخصية بالشخصيات الأخرى، وعلاقة الشخصية بالحدث والزمان والمكان، فيتحدد معناها بوصفها مدلولاً . وبذلك تكون الشخصية عبارةً عن بنية متكاملة لها دال، ومدلول.

 

المبحث الأول: ماهية الشخصية الروائية (بوصفها دالاً) :

نقصد بماهية الشخصية الروائية هويتها الثقافية والنفسية والأخلاقية والاجتماعية، ثم الجسدية، فهذه الرواية أعطت معلوماتٍ مكثفةٍ عن هوية الشخصيات من هذه النواحي، فضلاً عن رصد المواصفات الخارجية . ولقد تبين لدى دراسة رواية رقصة الجديل والنهر أنّ الأحداث والأدوار الأساسية في الرواية تتوزعها مجموعة من الشخصيات يمكن تقسيمها على الآتي:

الشخصية الأساس:

- ريحانة:

وهي الشخصية الأساس في هذه الرواية ؛ لأنّها مصدر الأحداث، وهي تطغى على الشخصيات الأخرى من ناحية حضورها، إذ تبدأ الرواية بهذه الشخصية بوصفها ملاكاً تتكاثر حولها الأقاويل، وتنتهي بها عند ذبحها وتحول روحها إلى ملاك يوزع السنابل الذهبية، فهذه الشخصية من الناحية الجسدية ؛شابة شقراء جميلة (12) ، ذات عينين خضراوين (13) ، وضفيرة شقراء متدلية (14) . وهذا الوصف يتناسب تماماً مع فكرة السارد الذي حولها إلى ملاك، فهذه خصائص الملاك، وتلك هي أفعاله.

أما من الناحية الاجتماعية، فقد كانت تنتمي إلى أسرةٍ عريقةٍ تتكون من أب وثلاثة أطفال (نعيم- ورياض، وريحانة) رباهم أبوهم أحسن تربية، وعلمهم حب الوطن، والموت من أجله، وقد ورثت ريحانة من أبيها صفات البطولة والإباء (15) . وكانت تحب عادل وتتابعه في نظراتها، تشدها إليه آراؤه في الحكم والوطن ومعرفة حقيقة الوطنيين من غيرهم (16) .

 وقد كانت شخصية غير متفائلة من الناحية النفسية، وهذا ما أوحت به في حوارها الداخلي عندما تحدثت في سرها عن حبها لعادل وخفقان قلبها له، إذ نجدها تقول:

تحدثت في سرها:

- وما الفائدة من هذا الخفقان يا قلبي !!

غداً أو بعد غدٍ سنموت، سيظل صوت حبي أبكمَ، وعيناه كرفيف أعمى.

علي التخلص من هذه المشاعر، أنا لم أخلق للحب ... (17) .

وقد قاتلت في كوباني مع صديقاتها، وقتلت من داعش الكثير ثم وقعت أسيرةً لأحد مجرمي داعش فحزَّ نحرها، ونشرت صورها في الإعلام والداعشي يرفع رأسها المقطوع، وضفيرتها الشقراء المتدلية إلى الأرض، وعلى الرغم من ذلك لم تفارقها الابتسامة، وتحولت بذلك إلى ملاك يقتل الدواعش ويفرق السنابل على عوائل الضحايا (18) .

نستنتج من ذلك؛ أنَّ هذه الشخصية رمزٌ للثورة على كلّ فكرٍ هدام يحاول استعباد الناس، واستباحة أعراضهم وأموالهم متخذاً من الدين سبيلاً لذلك، والدين منه براء، بأسلوب تظهر فيه هذه الشخصية متأرجحةً بين الواقعية والخيال . فالرواية مستوحاة من حادثتي كوباني وسبايكر، وشخصية ريحانة مستمدة من الواقع المغلف بخيال الراوي، إذ أظهرت وسائل الإعلام صورتها عند احتلال داعش لكوباني، وقد حزّ رأسها، ولكنها غلفت بخيال الروي الذي حولها إلى ملاك يقتل الدواعش، و يساعد المهجرين، ويوزع السنابل على أهل القتلى بعد هذا الفعل.

- حامد :

من الناحية الاجتماعية، ف (" حامد" شابٌ تولع بجنون ب"شيرين " منذ لحظة وطأت قدمه أرض كردستان، هارباً مع أمه من ظلم سلطة البعث، وهو شاب في السابعة عشر، بعد إعدام أبيه على يد السلطة في السجون البائسة، فبعد تعذيبه تم إعدامه في أصبوحة عيد ميلاد "حامد") (19) فالحب بجنون هي الصفة الغالبة على هذه الشخصية حتى وصف بصاحب الناي المعتوه، ، إذ نجد السارد يقول: (... ويعولون على صاحب الناي المعتوه لمعرفة السر الدفين بين أضلعه. يتوقعونه يكذب عليهم، بل يجزمون إنّه يكذب، وكل الحكايات من نسج خيالات الجنون . تصيبهم الريبة منه، ويتقبلون ظهوره ليلاً على مضض) (20) . وكان أبوه يعمل محاسباًفي فرعمصرف الرافدينفي إحدى القرى الجنوبية، يتصف بالتواضع لكنه عنيف مع الظالم والمستبد، وهو يدافع عن حقوق الفلاحين والمضطهدين، وهو محبوب من قبل الفلاحين، وقد أهداه أحد الفلاحين ناياً، فورثه منه حامد بعد مقتله (21) .

أما من الناحية النفسية، فقد ظهرت هذه الشخصية مضطربة، إذ نجده مرةً عاشقاً مفعم الإحساس، ومثال ذلك قول السارد في زمن فرح أهل القرية قبل دخول داعش: (بدأت الأجساد تتمايل... مسك "حامد" يد " شيرين " بقوة، وشعر بدفءٍ غريبٍ ينساب من بين أناملها إلى كفه، ثم جسده كله، فارتعش ارتعاش العاشق، في المقابل تسرب الحرارة ذاتها لكفها من بين أصابعه) (22) . وأخرىيكتم سر الحب بعد دخول داعش ورحيل حبيبته للقتال في كوباني، إذ نجد السارد يقول: (أما العازف فلم يستقر باله ولم يهدأ قلبه، مع هذا عليه أن يعتصم بالحكمة لئلا يشك به أهل القرية، ويعرفون ما بينه وبين "شيرين" من خلال جنونه، لقد جُنَّ فعلاً، فالفراق جلاّدٌ لا يرحم) (23) . و مجنوناً معتوهاً بعد مقتل حبيبته على أيدي داعش يقص عليهم قصة الملاك الذي يراه ولا يرونه (24) .

وقد جسد حزنه في نايه، فكلما مرَّ مشهد حزين في الرواية، عزف صاحب الناي، إذ نجد الراوي يقول: (وكلما أسهبوا في وصف هول المأساة، ارتفع حزن الناي ... مبتكراً تنغيماً جديداً لعله يجدها. الفاجعة تلمع كما الشمس أحياناً، من هنا ترتجف ثقوب الناي الرخيم، ومن هنا تنبثق التساؤلات ؟- لماذا الموت ؟ أين حبيبتي "شيرين") (25) .

نستنتج من ذلك أنّ هذه الشخصية تمثل الواقع المأساوي الذي مرت به هذه المناطق في العراق، فكانت رمزاً لمأساة الواقع، فرسمت أبعاد الإنسان العراقي في ظلِّ خراب داعش، وحربه على العراقيين، فكانت هذه الرواية محاولةً لقراءة العنف من خلال بنية العلاقات الاجتماعية والنفسية التي أدت إلى هذه المأساة وما نتج عنها من معاناة المنفى، ومشكلة الهوية، وفقد الأحبة، وعجز البطل عن تغير هذا الواقع المأساوي .

- عادل:

شاب فارع الطول ذو شعرٍ أسودَ ناعمٍ (26) ، من الناحية الجسدية ,وهو (شاب ممشوق القوام، باهر الطلّة، له حاجبان كثيفان، وشاربٌ كثيف توحي بالقوة والصرامة، و بين أضلعه شكوى النفس للنفس) (27) . وقد امتلك طباعاً باهرةً، ولكن ليس من السهولة قراءة أفكاره، إذ اتصف بالغموض (28) . كما (تجد في ثقافته الواسعة متعةً كبيرة، خاصة حين يتحدث عن الحرية، والسلام، حتى لو كانوا يخوضون حرباً... تشغل باله حرية الإنسان المطلقة . يتحدث بها ويرجع يتساءل:- هل هناك فعلاً حرية مطلقة؟) (29) .

أما من الناحية الاجتماعية، فهو ضابط هارب من الجيش الصدامي بعد نفاذ صبره، من قطع الأذن، وحرق الجباه بعلامة ناقص للجندي الهارب (30) ، فقد (عانى " عادل " من الشعور بالألم وهو يدون تفاصيل معاقبة الجنود الفارين من خدمة الجيش) (31) . و كان صاحب مبدأ فهو لا يقاتل مع كاذب عاشق لجرمه ولنفسه (32) ، وقد هرّبته عمته "أسماء "التي ربته وهو صغير إلى إقليم كردستان بمساعدة رجل كانت تحبه، ولم تستطع الزواج منه (33) .

فضلاً عن ذلك فقد كان عادل هذا عاشقاً يرى الأشياء كلها حبيبته (34) ، ، ولكنه أخفى حبه هذا أو امتنع عن إظهاره لحبيبته ريحانة ؛لأنّ ظروف المعركة فرضت عليه ذلك (35) . وهذه الظروف نفسها جعلته يقاتل مع البيشمركة في حين قاتلت حبيبته ريحانة في كوباني، وقتلت هناك (36) .

 

نلحظ أنّ عادل شخصية قوية في الرواية، وهو ينمو مع الحدث، فالمبادئ التي يتبناها هي المحرك له في السرد ؛ لأنّ الهروب إلى كردستان، والقتال مع البيشمركة، والعمل مدرباً في المعسكر كان سببها الإيمان بمبادئ الحرية والعدالة والصدق.

- شيرين:

شيرين هي إحدى المتطوعات للدفاع عن أرضها، وهي ابنة "خلّات " الذي يئن ليلاً ونهاراً عليها (37) ، وكانت تحب حامد (صاحب الناي) ، إذ نجدها تتحدث عنه بانتشاء: (... هو هكذا "حامد" مثل الطير، فحين تهاجر الطيور يفكر بي، وحين ترجع يفكر بي، لا شجرة غيري يكن إليها) (38) .

وقد حاربت داعش في كوباني وقتلت هناك مع ريحانة (39) ، فتحولت روحها إلى ملاك يعاتب السماء، ويمثل ذلك قولها: (لكن الأرواح لم تصمت، مسحت الجباه المعفرة بالدم ... عاتبت "شيرين " السماء العريانة وهي ترى أربعة نسوةٍ رُميت جثثهنَّ على جانبي الطريق الرابطة بين الموصل وتكريت، جمعت التراب ونثرته على عوراتهنَّ المكشوفة للحشرات والزواحف، وقربهنّ أطفالهنّ الخالية غمّازات خدودهم من الابتسامة، تكوّرت الوجوه الشمسية والعيون القمرية حتى صارت حفراً للغبار) (40) .

نلحظ مما تقدم أنّ شيرين تمثل البطل المأساوي، إذ إنها تخلت عن حبها لتقاتل في كوباني، فتتحول إلى روح تعاتب السماء على هذا القتل، فكانت سببَ مأساة حامد وتحوله إلى عازف ناي معتوه، فضلاً عن كونها السبب الرئيس في حزن خلات، وأنينه ليلاً ونهاراً عليها.

- سليمى

فتاة إيزيدية من سنجار اختطفها داعش بعد احتلال سنجار، وقدموها هديةً لأحد الإرهابين على الخط الأمامي، إذ كان من المقرر بعد ذلك أن تشهر إسلامها، ويتم تزويجها منه (41) . تمكنت من الهرب مع صديقتها من الدواعش بمساعدة حزب العمال (42) .

أما من الناحية النفسية فقد (تتظاهر "سليمى "بالشجاعة وقلبها يرتجف، وتشد من عزم ذاتها، وصديقتها، كلما شعرت بخذلان قدميها النازفتين جراء المشي على الأرض الوعرة دون حذاء) (43) .

من الناحية الاجتماعية، فقدتْ سليمى أسرتها إثرَ استيلاء داعش على مساحات كبيرة من شمال العراق، وسوريا (44) ، ولكنها كانت تشعر بالسعادة نتيجة لهروبها من تلك الغرفة السوداء حالكة الظلام (45) .

نلحظ من خلال النص، وهو مروي من قبل الراوي "كوفان" –أحد شخصيات الرواية- أن الهدف من رواية هذه القصة هو أخذ العبرة من هذه الشخصية، وبذل الجهد في سبيل الخلاص من داعش فكما انتصرت "سليمى " على الدواعش بهروبها منهم سينتصر أصحاب القرية ويخرجوا داعش من أراضيهم.

 

الشخصية الثانوية:

الشخصية الثانوية (الثابتة) شخصية لا تفاجئ السرد فجميع ردود أفعالها متوقعة تماماً، لأنّها راكدة متحجرة على الاطلاق أثناء تقديم الفعل (46) ، وإنّما يحدث التغير في علاقاتها بالشخصيات الأخرى فحسب، أمّا تصرفاتها فلها دائماً طابع واحد (47) ، ولذلك سميت بالمسطحة، أو الجاهزة (48) ، أو البسيطة غير المعقدة، أو ذات المستوى الواحد (49) . و بذلك يمكن تلخص دورها في ألقاء الضوء على جوانب الشخصيات الرئيسة، فتعين القارئ على فهمها من خلال التفاعل والاحتكاك بتك الشخصيّة. ونذكر من هذا النوع في رواية رقصة الجديلة والنهر الشخصيات الآتية:

- السيدة " زينة"، وقد انحصر دوره بتوضيح شخصية الطفل العجائبي، إذ تتذكر فيه طفولة ولديها الذين فقدتهما في سنجار (50) .

- "أم جوان " أنحصر دورها بأنها تسرد قصصاً غريبةً عن بعض السنبلات، وأنها رأت في الحلم شابةً شقراء جميلة- ريحانة- تجلس بقرب السنابل، وتسقيها بأصابعها (51) .

- "آزاد"، وينحصر دوره بتجسيد الحزن على والديه وبنته الذين التحقوا بالبيشمركة لمقاتلة داعش، فكان شخصية تحب العزلة، وتشعر بالعذاب وعدم التفاؤل (52) .

- "خلات " والد شيرين ينحصر دورها بتجسيد الحزن على ابنته "شيرين"، إذ كان يتخيل ما سيحل بها من اغتصاب أو قتل ... ألخ (53) .

- " كوفان" وزوجها "هافال "، وينحصر دوره"كوفا" في قص قصة هروب "سليمى" من الدواعش (54) ، في حين انفرد "هافال " بقص قصة دخول داعش إلى الموصل، وما جلبوه من دمار للمدينة (55) .

- " البغدادي " وينحصر دوره في إصدار أمر قطع رؤوس المرتدين، وتطبيق العين بالعين، وقطع يد السارق (56) .

- " سميرة" إحدى المسيحيات المهجرات، ينحصر دورها في الدعاء، وتأمل قمة الجبل العالية، لعل الله يستجيب لدعائها، فترجع إلى دارها (57) .

- الأرملة "سعاد" وينحصر دورها في تجسيد مآسي المهجرات وأطفالهن الرضع، إذ جف حليب صدر الأم، ومات الطفل من البرد (58) .

- مختار القرية، وهي شخصية بخيلة متواطئة مع داعش، أثرت على حساب الآخرين (59) .

- "نيروز" ينحصر دوره في توضيح شخصية الملاك، إذ يرتبط ظهوره بظهور صاحب الناي والطفل (60) .

- "روناهي" ينحصر دورها في توضيح شخصية شيرين (61) ، إذ قتلت معها في كوباني، وتحولت إلى روح تدخل إلى محكمة داعش (62) .

- "كازين" مدرب عسكري من البيشمركة، يمتلك إحساساً، ويتلخص دوره في توضيح شخصية عادل (63) .

- "بريفان" يتلخص دورها بتوضيح شخصية ريحانة (64) ، فجرت نفسها على الدواعش في كوباني (65) .

- "زبان" مقاتل سوري سيذهب إلى سوريا ليقاتل هناك (66) .

- " رياض"، أخو ريحانة الذي استذكرت أيامه وشقاوته معها، فيتلخص دوره في توضيح شخصية ريحانة، ومما تتكون عائلتها (67) .

- " أسماء" عمّة عادل التي ربته وهو صغير، ويتلخص دورها في تهريب عادل إلى كردستان بوساطة حبيبها القديم (68) .

- "سيفان " أحد الشباب الإيزيدين، ينحصر دوره بتجسيد معاناة الإيزيدين، إذ تساق حبيبته إلى ملتح وسخ، وتعذب فيما بعد (69) .

- "محمد" شخصية من شخصيات معسكر سبايكر، يتلخص دوره بتجسيد معاناة جنود سبايكر، وكيفية قتلهم، وسلب أحلامهم (70) .

يتضح مما سبق أنّ الشخصية الثانوية في رواية رقصة الجديلة والنهر، شخصيات لا تتطور مكتملةً، وتفتقد التركيب، ولا تدهش المتلقي بما تقوله أو تفعله ؛لأنّها تبنى حول فكرة واحدة أو صفة لا تتغير طول الرواية، فلا تؤثر إلّا قليلاً، وينحصر دورها بتوضيح فعل ما أو تجسيده.

 

الشخصية العجائبية:

وهي الشخصية الخارقة للعادة، وتقوم بأفعالٍ مستحيلة، ونجد هذه الشخصية في رواية رقصة الجديل والنهر في شخصية الطفل الأخرس، إذ أكسبها المؤلف صفات أعلى من صفات الإنسان، ويمكن تلمس ذلك في قول السارد: (الطفل الأخرس لا يشبه أحداً في القرية، قادم من مكان مجهول ... حاول الأهالي مراراً تعويضه بثوبٍ جميل جديد، وإجباره على نزع الممزق ... لكنه يرفض كلياً، ربما يرى الثوب حارسه الوحيد من الضياع) (71) .

أما من الناحية الجسدية، إذ يصفه الراوي بقوله: (شعر ناعم مسترسل على الكتفين، وعينان واسعتان، نحيل يميل إلى سمرة تشوبها صفرة ... على وجههِ ملامح الذهول، وبأصابع نحيلة يلوح بها بالتحايا للآخرين ويبتسم) (72) ، وكذلك وصفه: (الطفل الرث الثياب، من أين حصل على هذه الدشداشة إنها قصيرة عليه فوق الركبتين، وممزقة ثلاث ثقوب عند موضع القلب، لماذا استقرت هذه الثقوب ومن الفاعل) (73) . وكأنه رمزٌ لقتل الطفولة بكل تجلياتها.

وقد كان من الناحية الاجتماعية فريسة الاختلافات والتناقضات كلها، فأهل القرية لا يعرفونه، ولا يعرفون بالضبط من أين أتى، ولماذا إلى قريتهم بالذات، لا يظهر إلّا حين ينحسر الضجيج، ولا يجيب عن التساؤلات (74) .

أما من الناحية النفسية، فقد كان يبحث عن أجمل الأنهار، وأصدق الرجال، وأجمل النساء، كما كان يبحث بالتراب ظاناً أنّه سيجد أجمل الأيام، وسيجد أسرته، ولكن أصابعه اعوجت، واسودّت أظافره، ولم يستطع تحقيق هدفه (75) . فكان رمزاً لكل يتيم فقد أهله وعاش وحيداً من دون أمل.

 يتضح مما تقدم أن الشخصيات في رواية رقصة الجديلة والنهر جاءت على ثلاثة أنواع، تنحصر خصائصها في:

 1. فقد جاءت الشخصيات الرئيسة، والثانوية مكتملة الدلالة، توحي للقارئ بدلالتها من دون تعقيد، في حين كانت دلالة الشخصيات الخيالية (الملاك) دلالة موحية لا يتوصل إليها بسهولة، وقد خلت الشخصية العجائبية من الدلالة المسبقة فهي مفتوحة على كل الدلالات الممكنة.

2. يركز السارد مع الشخصيات الرئيسة على الشخصية وما تقوم به من فعل، في حين يركز مع الشخصية الثانوية على الفعل، أو الشخصية الرئيسة التي تقوم الشخصية الثانوية بتوضيحها أو تسويغ أفعالها . ويركز السارد مع الشخصية العجائبية على الفعل الخيالي.

3. الخيال:

 يكون الخيال مع الشخصية الرئيسة والثانوية مقيداً بالعقل، في حين يمزج بين العقل والخيال الخارق مع الشخصية العجائبية.

4. المعرفة:

 جميع الشخصيات الرئيسة والثانوية معرفة بأسمائها إلّا شخصية حبيب أسماء عمة عادل، في حين خلت الشخصية العجائبية من التعريف.

 

المبحث الثاني: (الشخصية الروائية بوصفها مدلولاً)

 1- علاقات الشخصيات (الإنموذج العاملي)

توطئة: مفهوم الإنموذج العاملي:

 وهو بنيةالعلاقات القائمة بين الشخصيات التي تتحدد في ضوئها دلالة السرد (76) ، ، وتعرف العوامل بأنها: (الفواعل التي تنجز أفعالها على وفق معايير محددة، وقيم خاصة تدرج ضمن المقاصد المرغوب في تحقيقها من قبل الفاعل) (77) . فالعامل مفهوم إجرائي أشمل من الفاعل، إذ إنّه يشمل مستويين، أحدهما، عام، لا يهتم الشخصية نفسها المنجزة للفعل، بل يهتم بالدور الذي تقوم به، كفعل الموت، أو فكرة الدهر، فتتخذ الشخصية بذلك مفهوماً شمولياً . والآخر: خاص (ممثلي) ، تتخذ فيه الشخصية صورة فردٍ يقوم بدور ما في الرواية، أو مجموعة من الأدوار (78) . في حين يشمل الفاعل مستوى التمثيل فقط . ، فهو شخص فاعل يشارك مع غيره في تحديد الدور العاملي . وبذلك فالعامل دور يقوم به فاعل ما أو عدة فواعل .

وقد أثيرت هذه العلاقة بين العوامل في أكثر من ميدان، فقد استعملت في المسرح عند سوريو، وأراد بها طبقة من الممثلين المحددين بمجموعة من الوظائف والخصائص الأصلية التي تتوزع على المحكي بأكمله (79) . واستعملت عند بروب، إذ قسم الوظائف بحسب الأدوار التي تقوم بها الشخصيات، وهي عنده على (البطل –المعتدي –الواهب –المساعد –الأمير –البطل المزيف) (80) وقد استعملت في علم النحو، إذ تحد العوامل – قواعدياً- بكونها متممات للفعل بما في ذلك الفاعل (81) ، فضلاً عن أنّها قد استعملتْ في أسلوبية العوامل، إذ تكون أقطاباً وظيفية في عملية التبادل الخطابي، فهي تحلل في إطار (الكاتب/ الناشر) أو الشخصية من حيث هي جزءٌ من عملية القول (82) .

وبإعادة تنظيم نمطية الأدوار التي اقترحها بروب وسوريو توصل غريماس إلى ما أسماه بالإنموذج العاملي الذي تألف في البداية من ستة عوامل: (الذات، والموضوع) و (المرسل والمرسل إليه) ، و (المعين والخصم) (83) .

ولما كانت أي حالة من الوعي أو القصد تفترض وجود فاعل (ذات) وموضوع يؤلف كلاهما الآخر، فيظهر العامل من خلالهما (84) ، فإننا نستطيع أنْ نستنتج بأنّ العامل: هو فلسفة الأدوار المتبادلة بين العناصر الفاعلة (العلاقات) التي يقوم بها الفاعل على وفق معايير محدودة وقيم خاصة مرغوب في تحقيقها، وتتلخص هذه الأدوار في ثلاث علاقات: (رغبة- تواصل –صراع) .

 

تحليل رقصة الجديلة والنهر في ضوء هذا الإنموذج

يمكن تلمس هذه (العلاقات) بين الشخصيات في رواية رقصة الجديلة والنهر من خلال الآتي:

علاقة رغبة:

وهي العلاقة التي تجمع بين الفاعل وموضوعه الذي يرغب في تحقيقه (85) ؛ لأنّ التقديم غير بريء، بل ينطوي على فعلٍ تأويلي ينتقل المعاين في ضوئه من الظاهر الجلي إلى الباطن الخفي ؛مبرزاً مدى مطابقة هذا لذاك، فالحقيقة ليست مضموناً مستقلاً بذاته، وإنّما يمكن التوصل إليه من خلال آليات معرفيةٍ منتظمة، فهو موصول بملابسات الخطاب، وتكمن حقيقته في ذاته (86) . فالعلاقة بين الفاعل وموضوعه هي بؤرة النموذج العاملي الذي تصوره غريماس، والذي يكون مشحوناً بالدلالة الكامنة في رغبة الفاعل بموضوعه (87) .

ولا تخلو العلاقة الحالية بين العاملين من احتمالين:

الأول: تحقيق موضوع الرغبة .

والآخر:عدم تحقيق موضوع الرغبة.

وإذا نظرنا إلى رواية رقصة الجديلة والنهر نجد موضوعات شتى ترغب الشخصيات في تحقيقها نذكر منها:

الحب موضوع الرغبة:

يمكن تلمس ذلك في علاقة عادل بريحانة، إذ نجد أنّ كلّ واحدٍ منهما يرغب بالآخر، فعادل: (عاشق حقيقي يرى الأشياء كلها حبيبته، لذلك ينغمها وينغم بها ...) (88) ، وريحانة (تتابع طوله الفارع وشبابه، وشعره الأسود الناعم) (89) . ولكن رغبة الحب هذه لا تتحقق لوجود رغبة أكبر منها، وهي رغبة الدفاع عن الوطن وطرد الدواعش، فقتلت ريحانة في كوباني، وبقي عادل يقاتل مع البيشمركة.

ونجد مثل هذا النوع أيضا في علاقة حامد وشيرين، فالحب هو موضوع الرغبة بينهما ؛لذلك يتحول حامد إلى عازف ناي معتوه عندما تقتل شيرين في كوباني مع ريحانة، وبذلك لا يتحقق موضوع الرغبة هذا.

ومثله أيضا رغبة "روناهي" بأحد شباب المعسكر، إذ كان ينظر إليها بإعجاب فبادلته النظرات، ولكنها عندما فكرت بالموضوع، وجدت أن هناك موضوعاً أهم من هذا الموضوع، وهو الموت في سبيل الوطن، فنجدها تقول: (لسنا بحاجة للحب الآن بقدر حاجتنا للعناية الإلهية كي نبقى أحياءً وننجو من الموت) (90) .

 

الموت موضوع الرغبة:

 نجد هذا الموضوع يتحقق في كوباني (كما تناقلت الأخبار أيضاًعن موت شيرين وروهاني، إثناء تأدية الواجب، لكن ريحانة بقيت تتخفى من داعش وقتلت منهم العدد الكثير. بعدما تمكن داعش من السيطرة على مناطق كثيرة من (كوباني) وقعت في قبضة مجرم حزّ نحرها وسالت دماؤها بيد لصوص الحياة) (91) .

فجميع هذه الشخصيات تتخلى عن حبها دفاعاً عن الوطن، فتموت من أجله، وهي فرحة لا تفارقها الابتسامة، إذ نجد السارد يصف ابتسامة ريحانة وهي مقتولة ما يدل على تحقيق رغبتها، ويمثل ذلك قوله: (نُشرت صورها في الإعلام والداعشي يرفع رأسها المقطوع، وضفيرتها الشقراء المتدلية إلى الأرض، رغم ذلك لم تفارقها الابتسامة، مرسومة على محياها، وهي ذاهبة للشهادة في سبيل الوطن... ابتسامة حب كبير يتسع العالم كله ... أو نور يتسلل الحوائط كلها ليخترق الحواجز، ويصل إلى كلِّ شبر عاث فيه هؤلاء المجرمون) (92)

 

ج- التعرف موضوع الرغبة:

نقصد بالتعرف رغبة الشخصية في التعرف على معلومات لا يعرفها . ويمكن تلمس هذا النوع في رغبة السيدة "زينة " في التعرف على سر الطفل الصغير، إذ نجد السارد يقول: (كلما حاولت السيدة "زينة" الاقتراب من الطفل ولمسه، هرب منها مسرعاً عائدا إلى نفسه... تتذكر به طفولة ولديها اللذين فقدتهما في سنجار ... سألته مراراً إن كان له أهل، وما بوسعها أن تفعل!! حتى وصل الأمر بها إلى اليأس؛ لأنّه يتابعها بنظرات بائسة ولا يجيب) (93) .

ونجده أيضاً في رغبة أهل القرية في التعرف على سر السنابل من حامد (صاحب الناي المعتوه) ، ولكن هذه الرغبة لا تتحقق أيضاً، إذ نجد الراوي يقول: (... ويعولون على صاحب الناي المعتوه لمعرفة السر الدفين بين أضلعه. يتوقعونه يكذب عليهم، بل يجزمون إنّه يكذب، وكل الحكايات من نسج خيالات الجنون . تصيبهم الريبة منه، ويتقبلون ظهوره ليلاً على مضض) (94) .

يتضح مما تقدم أنّ الشخصيات في رواية رقصة الجديلة والنهر تحاول تحقيق موضوع رغبتها بطرائق مختلفة، فإن تنازعت الرغبات قدم حب الوطن والموت من أجله على غيره من الرغبات، وأنّ هذه الرغبة قد تتحقق، وقد لا تتحقق.

 

علاقة صراع:

في سياق العلاقة بين الفاعل وموضوعه تنشأ علاقة صراع، فإذا كان أحد الفاعلين يرغب باحتلال موضوع رغبة الشخصيات الأخرى، فإنّ تلك الشخصيات ستحاول الدفاع عن موضوع رغبتها، وبذلك ينشأ هذا الصراع. ويمكن تلمس هذا الصراع بين داعش، وشخصيات الرواية الأخر جميعاً، فنجد البغدادي، يصرح على لسان الراوي: وصرح رئيسهم (البغدادي) يجوز قطع رؤوس المرتدين، وتطبيق العين بالعين، وقطع يد السارق) (95) . وهذا الفعل سيؤدي بالضرورة إلى صراع بين مؤيدي داعش، وأهل المناطق المغتصبة.

فالصراع هو الذي أدى إلى التهجير والقتل وتعطيل المدارس، وهو الذي أدى إلى معاناة المهجرين، إذ وصف السارد هذه المعاناة في قوله: (في اقتراب الصقيع يعيشون في خيم شُيّدتْ على عجلٍ في أربيل وكردستان العراق ... الأطفال والنساء على حافة المرض والعوز والبرد، بينما قصورهم وممتلكاتهم تعرضت للنهب من قبل داعش الذي يدّعي الدين والحلال والحرام ...) (96) .

الصراع بين داعش وأهل هذه المناطق، هو المحور الرئيس الذي تقوم عليه هذه الرواية، إذ تحاول المؤلفة إظهار وحشية داعش، وكيفية تعامله مع الناس، فهو يستعمل شتى الطرق لتحقيق رغبته في السيطرة على المناطق ونهب خيراتها، واغتصاب نساءها وتشريد أطفالها، الأمر الذي أدى بأهل هذه المناطق إلى محاولة منع تحقيق هذه الرغبة عن طريق القتال، وتفجير النفس عليهم كما فعلت بريفان، إذ يقول السارد: (إلّا أنّ خبر المقاتلة "بريفان" تصدّر في الإعلام التلفازي والإذاعي، وهي تفجر نفسها لئلا تقع أسيرةً) (97) ، أو الانتحار، (فقد تعاهدنّ على الانتحار بأخر رصاصة قبل وقوعهن بيد العدو) (98) . وبهذا الصراع تتشكل الحبكة، وينمو الحدث إلى الذروة.

يتضح مما سبق أن هناك فاعلاً يرغب في تحقيق موضوعه، وفاعلاً مضاداً يحاول أن يمنع تحقيق هذا الموضوع، فيحدث صراعٌ بين الفاعلين، ويقف السارد مع وجهة نظره رقيباً على هذا الصراع فيغلف أفعال داعش بغلاف العدو الغاشم الذي لا يملك ديناً في سعيه لتحقيق رغبته، في حين يغلف باقي الفاعلين في الرواية غلاف الشرف والوفاء للوطن، إذ تتجلى المأساة في كل بيت، ويذهب الحب مع الابتسامة حتى يدفع هذا العدوان وينتصر الحق.

 

علاقة تواصل:

وهي عملية تعاقدية تربط بين الشخصيات توضح إرادة المتعاقدين ومراميهم (99) وقد قسمها غريماس على العقد الإجباري، والعقد الترخيصي، والعقد الائتماني، فيكون العقد إجبارياً إذا كان أحد طرفي الاتصال مجبراً على العقد، في حين يكون في العقد الترخيصي غير مجبرٍ على العقد، ويبنى العقد الائتماني على الفعل الإقناعي الذي تقوم به إحدى الشخصيات، فتؤوله الشخصية الثانية تأويلاً صادقاً بغض النظر عن صدقه (100) .

ويمكن تلمس العقد الإجباري في امتثال ريحانة وشيرين وروهاني، وبريفان للأوامر العسكرية، إذ نجد السارد يقول: (اقتضت الأوامر العسكرية بتوزيع الفرق المدربة على طول الخط الجبلي الممتد بين شمال العراق وسوريا، فصار نصيب ريحانة وشيرين وروهاني، وبريفان التوجه مع فرقتهنَ إلى (كوباني) بينما بقي الآخرون مع البيشمركة) (101) .

فجميع هذه الشخصيات مجبرة على العقد ؛لأنّ الأوامر العسكرية هي التي اقتضت ذلك، وهو أمر لابد من تنفيذه، فلا تمتلك الشخصيات حق الرفض أو المناقشة، وبذلك تكون إرادة الشخصية في هذا العقد غير مقصودة، بل المقصود تنفيذ الأمر.

ونجد العقد الترخيصي في شخصية ريحانه وعادل اللذين اختارا القتال ضد داعش، وقدماه على الحب، إذ نجد ريحانة تقول:

تحدثت في سرها:

- وما الفائدة من هذا الخفقان يا قلبي !!

غداً أو بعد غدٍ سنموت، سيظل صوت حبي أبكمَ، وعيناه كرفيف أعمى.

علي التخلص من هذه المشاعر، أنا لم أخلق للحب ... (102) .

 فالعقد بين عادل وريحانة لم يكن قائماً على الإجبار، بل يمتلك كل واحد منهما حق الرفض أو القبول، وبالتالي فقد اختارا القتال على الزواج وممارسة الحب، وهذا الأمر أدى إلى الفراق الأبدي بين الطرفين فقتلت ريحانة، ولم تظهر الرواية مصير عادل.

ويمكن لحاظ العقد الائتماني في شخصية مختار القرية، فهو متواطئ مع داعش، ولكن إخفاءه لذلك وادعائه أنّه مختار القرية يجعلهم يصدقونه وإن كان كاذباً (103) .

يتضح مما تقدم أن هناك ثلاث علاقات للتواصل، تتمثل إحدهما بعلاقة ترتيب، وتكون فيه الشخصية الروائية مجبرة على العقد إذا كان العقد أعلى منها مرتبةً، وعلاقة تناقض عندما تكون الشخصية الروائية مناقضة في فعلها للشخصيات الروائية الأخرى كشخصية المختار المذكورة آنفاً، وعلاقة تكميل عندما تكمل الشخصيات بعضها بعضاً في العقد الترخيصي أعلاه.

 

2- علاقة الشخصيات بالزمان

للزمان أهمية كبيرة في الواقع ؛لأنّه الإطار العام للحياة، وتظهر أهميته في الرواية في أنّ السرد (أكثر الأنواع الأدبية التصاقاً بالزمن) (104) ، وقد تعددت اتجاهات دراسة الزمن على وفق رؤية كلّ باحث. ولكن دراستنا هذه ستقتصر على علاقة الزمن بالشخصيات العوامل، وهو مفهوم الزمن حين ينبثق من ذات الشخصية أو صفتها، إذ تظهر هذه العلاقة في اتجاهين:

 

1. الزمن الوصفي:

يعرف الوصف بأنّه: (إنشاء يراد به إعطاء صورة ذهنية عن مشهد أو شخص أو إحساس أو زمن للقارئ أو المستمع) (105) . ويتألف من مضمون موضوع يشير إلى الشيء أو الشخص أو الزمن الذي يرمز لغاية معينة يراد تبليغها إلى القارئ .

فالزمان الوصفي:هو إنشاء يراد به إعطاء صورة ذهنية للقاريء عن زمن الحالة البدئية الوصفية للشخصيات العاملة، وما قطعته هذه الشخصيات من زمن بحيث تستطيع أداء الفعل المنوط بها.

ولو تتبعنا الزمان الوصفي للشخصيات العاملة في رواية رقصة الجديل لوجدناه يظهر في عمر الشخصية الفاعلة في السرد، فيصف الراوي الشخصية بأنّها (شاب –شيخ- عجوز- طفل... ألخ) ، ومثال ذلك: (أُحبُ العجوز" علوان "وعينيه اللتين تشبهان عين نسر، عندما أنظر إليهما، أشعر بالدم يتجمد، له نظرة تخترق الأفكار التي تدور في رؤوس الآخرين...) (106) .

فالسارد يصف الشخصية بأنّها (عجوز) ؛ليعطي للقارئ صورةً عن الزمن الحياتي لهذه الشخصية، وما قطعته في الحياة، وهي حالة بدئية تتصف بها هذه الشخصية أراد السارد أن يخبر القارئ بأنّ هذه الشخصية خبيرة بالناس، فهي تستطيع من نظرة واحدة اختراق أفكارهم والتعرف على خباياهم .

وقد يصف السارد الشخصية بالشباب، إذ نجده يقول: (تمرُّ على عجلٍ شابةٌ يملأ عينيها نعاس شمسي، و يهفهف على ضفيرتيها الشقراوين هواء ندي . هيفاء فارعة بعينيها الواسعتين ستجعل من العشاق عبيداً) (107) .

فالسارد يصف الشخصية بالشباب ليعطي صورة ذهنية للقارئ عن مدى الحيوية والجمال الذي تمتلكه هذه الشخصية بحيث سيكون العشاق عبيدا لها ؛لفرط جمالها وحيوية شبابها، فخصال الجمال تكثر عندها، فضلاً عن شبابها .

يتضح مما سبق أنّ دلالة العمر في رواية رقصة الجديلة والنهر يأتي بها السارد ليعرف القارئ على الفترة العمرية التي تعيشها الشخصية من جهة، وما يحمله هذا الزمان من دلالة خفية قد تدل على الخبرة أو الجمال أو الطفولة ... ألخ، وهو معنى فلسفي يعنى بالجانب التعليمي يستكشفه القارئ من خلال النص.

 

2. الزمن النفسي:

وهو مفهوم الزمان الذي ينبثق من داخل الشخصية، ومن أعماق أحاسيسها ومشاعره (108) . فهو زمن يتعلق برؤية الشخصية للزمن، وما تشعر به اتجاه نوع خاص من الزمان . فقد تضيق بزمان معين فتتمنى زواله، وقد تأتلف بالزمن فيعيش في داخلها حبٌّ له، فتتمنى بقاءه، ويمكن أن نطلق على الأول وسم الزمان السلبي، في حين يكون وسم الثاني بالزمن الإيجابي .

ومثال الزمن الأول، قصة هروب عادل من الجيش، إذ نجد السارد يقول: (عانى عادل من الشعور بالألم وهو يدون تفاصيل معاقبة الجنود الفارين من خدمة الجيش . أما قصة هروبه في إجازته العسكرية في حرب العراق مع إيران، فكانت معجزة حقيقية ... في يوم ٍ غائمٍ وباردٍ، رجع منهكاً إلى داره، وأخبر عمته أنْ لا رغبة له في الرجوع إلى الجبهة، وأنّه يقاتل من أجل نصرة كاذب ومن أجل طاغٍ عاشق لجرمه ولنفسه) (109) .

فعادل يهرب من الجيش في زمن حرب العراق وإيران في يوم غائم وبارد؛ لأنّه عانى من الشعور بالألم، وهو يدون تفاصيل معاقبة الجنود الفارين من جهة، ولأنّه لا يقاتل من أجل كاذب طاغٍ من جهة أخرى، فهو يحاول الانفصال عن هذا الزمن بالهروب عنه، إذ يشعر بالكراهية والنفور من هذا الزمن وما يجري فيه.

ومثال الثاني قصة الصبي "بيور"، إذ نجد الراوي يقول: (... يحكي مع الأيام في ذهابه إلى المدرسة ويتغزل بها ... يوم الأحد أجمل أيام الأسبوع، الاثنين يوم مزعج إليه ؛لأنّه يكره حصة التاريخ، والثلاثاء يوم تعلم السباحة بعد حصة الدرس، الأربعاء رياضة كرة القدم، يعشقها وتعلمها من أبيه الذي مات شنقاً...) (110) .

فالطفل " بيور" يشعر بالانزعاج في يوم الاثنين ؛لارتباط هذا الزمن بدرس التاريخ الذي يكرهه، فيصبح يوم الاثنين مزعجاً وسلبياً بالنسبة للشخصية ؛لارتباطه بالحالة النفسية لها، فالزمن ليس سلبياً، بل ما تشعر به الشخصية اتجاه هذا الزمن جعله يتصف بالسلبية.

يتضح مما سبق أنّ الزمن النفسي، هوزمن ليس له مقياس محدد، فهو بعيد عن الضبط يتعلق بالشخصية وما تشعر، فإنْ شعرت بالسلبية والحزن في ذلك الزمن كان الزمن تابعاً لمشاعرها، وإن شعرت بالفرح كان الزمن إيجابياً فرحاً.

 

3- علاقة الشخصيات بالمكان:

للمكان أهمية كبيرة في السرد؛ لأنّه يشكل انتماء أي فرد في الحياة، فهو يؤثر في الافراد ويطبعهم بطابعه، ومن ثم يظهر دوره في تكوين هوية الكيان الجمعي في التعبير عن المقومات الثقافية التي ينتمون إليها، فيصبح المكان إشكالية إنسانية تكتسب قيمة دلالية خاصة تكون محوراً أساساً من محاور نظرية الأدب (111) .

فقد تنسجم الشخصية مع المكان فتحبه وتعيش في ألفةٍ معه، وقد لا تنسجم معه فتكرهه وتشعر أنها في ضيق فيه، وإنّ هذا الضيق يخلق نوعاً من الصراع بين دواخل الشخصية وعلاقتها بأنماط المكان المختلفة (112) . ويمكن تقسيم الأمكنة في علاقتها بالشخصيات الروائية على:

 

أولاً: الأمكنة الإيجابية:

وهي: (الأمكنة التي يشعر الإنسان بالألفة والارتباط بها) (113) ، فتحاول الشخصيات أداء الأفعال فيها، ومثال ذلك: (أم "جوان" أكثر فرحاً واستغراباً من باقي الأمهات في القرية، كونها ترى ثلاث سنبلات كل صباح...) (114) .

أم "جوان" أكثر فرحاً من غيرها في القرية (مكان) ، لكونها تجد ثلاث سنبلات عند دارها، فالمكان أصبح إيجابياً ؛لأنّ أم جوان تشعر فيه بالسعادة، فالمكان في ذاته غير مقصود، وشعور الشخصية فيه هو المقصود، وبذلك فإنّ إسقاطات الشعور هي التي تجعل من المكان يتصف بالإيجاب.

 

ثانياً: الأمكنة السلبية:

وهي الأمكنة التي تشعر الشخصية إزاءها بالنفور والكراهية، فتحاول الانفصال عنها (115) . ومثال ذلك وصف دار الطفل العجائبي وتذكره لأمه، إذ يقول السارد: (لقد زرت دارنا البارحة فلم تعرفني الشبابيك، لم يعرفني سريري المخضب بالدماء، حتى الدجاجات الميتات، تجمد عليهن الريش، ليحنطهن أثراً باقياً من ظلم الكفرة، والمتأسلمين. يرى ظله الصغير ممدّداً، وهو ينظر إلى وجهه في المرآة أخافه الظل ... عاد مسرعاً إلى عازف الناي ...) (116) .

فالطفل ينفر من داره ويبغضها ؛لأنه المكان الذي قتل فيه مع إمه، وبقيت روحه تدور في المكان، وبالتالي فإنّ شعور الشخصية نحو هذا المكان هو الذي جعلها تنفر منه، فهو مكان طارد للشخصية، تنفر منه نفسها وتحس بالضيق عندما تكون فيه .

 

عدي عدنان محمد

...............................

 (1) معجم مقاييس اللغة، أبو الحسن احمد بن فارس (ت395هـ) ، تح: عبد السلام هارون، : 1/302.

 (2) لسان العرب، محمد بن مكرم (ابن منظور) ، (ت711هـ) : 1/510.

 (3) مفهوم البنية، د. الزّواوي بغورة، مجلة المناظرة، السنة الثالثة، العدد:5، 1992: 95- 96.

 (4) جدلية الخفاء والتجلي، دراسة بنيوية في الشعر، كمال أبو ديب : 9.

 (5) ينظر: في معرفة النص (دراسات في النقد الأدبي) ، يمنى العيد: 32.

 (6) ينظر: في بناء النص ودلالته (محاور الإحالة الكلامية) مريم فرنسيس: 4- 5.

 (7) لسان العرب، ابن منظور، دار صادر، بيروت، ط 7، 1997:7/45.

 (8) معجم المصطلحات العربية في اللغة والادب، مجدي وهبة وكامل المهندس: 208.

 (9) ينظر: فن كتابة القصة، حسين القباني: 68، وعالم القصة في سرد طه حسين، احمد السماوي: 1.

 (10) ينظر: قال الراوي، البنيات الحكائية في السيرة الشعبية، سعيد يقطين: 87.

 (11) ينظر: الاتجاه الواقعي في الرواية العربية السورية، سمر روحي الفيصل: 35.

 (12) ينظر: رقصة الجديلة والنهر، وفاء عبد الرزاق:26

 (13) ينظر: نفسه:88.

 (14) ينظر: نفسه:106.

 (15) ينظر: نفسه:89.

 (16) ينظر نفسه:87.

 (17) نفسه:89.

 (18) ينظر: نفسه:105- 106.

 (19) رقصة الجديلة والنهر:62.

 (20) نفسه: 56.

 (21) ينظر: نفسه:61- 63.

 (22) نفسه:68.

 (23) نفسه:61.

 (24) ينظر: نفسه: 56.

 (25) نفسه:38.

 (26) ينظر: رقصة الجديلة والنهر:87.

 (27) نفسه:101.

 (28) ينظر: نفسه:93.

 (29) نفسه:93.

 (30) ينظر: نفسه:82.

 (31) نفسه:97.

 (32) ينظر: نفسه: 98.

 (33) ينظر: نفسه:97- 100.

 (34) ينظر: نفسه:83.

 (35) ينظر:نفسه:87.

 (36) ينظر: نفسه:105- 108.

 (37) ينظر:نفسه:28.

 (38) نفسه: 79.

 (39) ينظر: رقصة الجديلة والنهر:105- 106.

 (40) نفسه: 118.

 (41) ينظر: نفسه:29.

 (42) ينظر:نفسه:28.

 (43) نفسه: 30.

 (44) ينظر:نفسه:31.

 (45) ينظر: نفسه: 30.

 (46) ينظر: معجم المصطلحات الأدبية: 211.

 (47) ينظر: أركان القصة، أ. م . فورستر: 83.

 (48) ينظر: الأدب وفنونه، محمد مندور: 192.

 (49) ينظر: النقد الأدبي الحديث، محمد غنيمي هلال: 566.

 (50) ينظر:رقصة الجديلة والنهر:25.

 (51) ينظر: نفسه: 26.

 (52) ينظر: نفسه:27. و 36.

 (53) ينظر: نفسه:28.

 (54) ينظر: نفسه:29.

 (55) ينظر: نفسه:34- 36.

 (56) ينظر: نفسه: 43.

 (57) ينظر رقصة الجديلة والنهر:44- 51.

 (58) ينظر: نفسه: 49- 50.

 (59) ينظر: نفسه: 56.

 (60) ينظر: نفسه:57- 58.

 (61) ينظر: نفسه: 79.

 (62) ينظر: نفسه:118.

 (63) ينظر: نفسه:82- 83.

 (64) ينظر: نفسه:83.

 (65) ينظر: نفسه: 105

 (66) ينظر: نفسه:84.

 (67) ينظر: نفسه:89- 90.

 (68) ينظر: نفسه:97- 98.

 (69) ينظر: نفسه:115- 116.

 (70) ينظر: رقصة الجديلة والنهر:120.

 (71) نفسه: 19.

 (72) نفسه:26.

 (73) نفسه:53.

 (74) ينظر: نفسه: 25- 26.

 (75) ينظر: نفسه: 21.

 (76) ينظر: المصطلح السردي (معجم مصطلحات) ، جيرالد برنس: 18.

 (77) قال الراوي، البنيات الحكائية في السيرة الشعبية، سعيد يقطين:92.

 (78) ينظر: بنية النص السردي: حميد لحمداني:52.

 (79) ينظر: المصطلح السردي:17.

 (80) ينظر: مورفولوجيا الخرافة:8- 9.

 (81) ينظر: الأسلوبية، جورج مونيه:135.

 (82) ينظر:نفسه: 135.

 (83) ينظر: المصطلح السردي:17.

 (84) ينظر:المعنى الأدبي من الظاهراتية إلى التفكيك، وليم راي:17.

 (85) ينظر: مدخل إلى نظرية القصة، سمير المرزوقي وجميل شاكر:68- 69.

 (86) ينظر: في الخطاب السردي، محمد الناصر العجيمي:68- 69.

 (87) ينظر:نفسه:40.

 (88) رقصة الجديلة والنهر:83.

 (89) نفسه: 87.

 (90) نفسه:81.

 (91) رقصة الجديلة والنهر: 105- 106.

 (92) نفسه: 106.

 (93) نفسه:26.

 (94) نفسه: 56.

 (95) نفسه: 43.

 (96) رقصة الجديلة والنهر:43.

 (97) نفسه: 105.

 (98) نفسه:105.

 (99) ينظر: مدخل إلى نظرية القصة، سمير المرزوقي، وجميل شاكر: 65- 66.

 (100) ينظر: نفسه: 66.

 (101) نفسه:105.

 (102) رقصة الجديلة والنهر:89.

 (103) ينظر: نفسه:56.

 (104) بناء الرواية (دراسة مقارنة لثلاثية نجيب محفوظ) ، سيزا أحمد قاسم:26.

 (105) معجم المصطلحات العربية في اللغة والآداب، مجدي وهبة، وكامل المهندس:433.

 (106) رقصة الجديلة والنهر:14.

 (107) نفسه:19.

 (108) ينظر: الزمن التراجيدي في الرواية المعاصرة، ، سعيد عبد العزيز:33- 35

 (109) رقصة الجديلة والنهر:97- 98.

 (110) رقصة الجديلة والنهر:72.

 (111) ينظر: جماليات المكان، مجموعة من الباحثين:3.

 (112) ينظر:غائب طعمة فرمان روائياً، فاطمة عيسى جاسم:158.

 (113) نفسه:160.

 (114) رقصة الجديلة والنهر:26.

 (115) ينظر:غائب طعمة فرمان روائياً:167.

 (116) رقصة الجديلة والنهر:20. 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم