صحيفة المثقف

شيوخ العشائر والمُثقّفون والخذلان الوطني (2-3)

safaa alhindiقد خذلوا الإمام الحسين (ع) وغدروا به وسلّموه الى عدوّه بل وقاتلوه وقتلوه، ومنهم مَن جبُن وطلَب الدنيا والعافية لنفسه وأهله وتقاعس عن نصرته، وكثير منهم مَن أنكر بيعته ومكاتبته له عندما إحتجّ الأمام عليهم يوم اجتمع القوم لقتاله، حيث أنه (عليه السلام) قد عرَضَ على الناس (خِرجَين) ممتلئَين بالرسائل.. لمَن كاتبوه عندما حاجَجَهم في أسباب قدومه...)، وقد إعتُبِرَت هذه القضيّة نقطة سوداء في تأريخ المجتمع الإسلامي العراقي وتخاذله في القضية الحسينية تحديدا، حيث أنهم (وجهاء الكوفة وشيوخها) كتبوا إليه يستقدمونه، ومع ذلك امتنعوا بعدها عن الإلتـزام بما كاتبوه به، ولم يفوا ببيعتهم ووعودهم له التي قطعوها على انفسهم وألزموها به. وهكذا خذَل شيوخ الكوفة الأمام الحسين كما خذلوا قبله أبيه وأخيه (عليهم السلام)، فكان هذا الموقف الخائن النقطة السوداء في صحيفة زعماء وشيوخ عشائر الكوفة العراق التي شوّهَت صورتهم بنحو عام على مدى التأريخ، ولن تُمحى من صفَحات التأريخ مالم ينتفضوا انتفاضة عربية حقيقية ويُسجّلوا موقفا وحدويا مشرّفا في نصرة العراق وشعب العراق.

ورغم أنه ليس موضوعنا الخوض أكثر في تفاصيل سلبيّة أو إيجابيّة المواقف الإسلامية والوطنية للقبائل والعشائر العراقية تأريخيّا إلّا أنه وللإنصاف، كان لعدد من شيوخ وزعماء القبائل العراقية العربية الموقف المشرّف والنبيل في نصرة الإمام الحسين (عليه السلام) والتضحية في سبيل الإسلام ونصرته.

في هذه المرحلة التأريخية مرحلة مابعد التغيير، وما قبلَها، إصطفَّ الأعم الأغلب من شيوخ عشائر العراق مع الأنظمة الحاكمة بعد أن أغرَتهم بالأموال والمناصب والهدايا والعطايا ودعَمَتهم ووفّرت لهم كل الإحتياجات -المادية والمعنوية والسلطوية- لتكسبهم وتكسب أصواتهم وأبنائهم وعشائرهم ومجتمعهم في صفّها وفي صالحها خاصّة بعد أن شكّلت بعض الأنظمة مجالس عشائرية بما يسمى (مجالس إسناد)، وأستقطَبَتهم لغرض إسنادها ودعمها هي في الإنتخابات كما شكّلت غيرها الكثير من المجالس والمكاتب والمنظّمات تحت مسمّيات عديدة (ثقافية ومجتمعية ولجان شعبية ومدنية وغيرها..)، من أجل إستقطاب الجماهير والشباب العراقي وكسبهم لصالحها، وقد أصبحت هذه الأمور معروفة ومشهورة لدى قاطبة العراقيين ولن تستطيع إطلاقا أي جهة رسمية او مدنية إنكارها..

في مرحلة سابقة من مراحل حياتي المهنيّة كنت قد عملت في الإعلام، وكنت حينها مراسلة صحفية لإحدى (الوكالات..)، أُرسِلَتُ لإجراء لقاءات مع عدد من شيوخ العشائر العراقية في منطقة الفرات الأوسط وبعض مناطق العراق، وأذكر منهم، الشيخ وحيد العيساوي شيخ قبيلة آل عيسى، والشيخ سلمان ابو جزرة شيخ قبيلة بنو كلاب، و الشيخ فريد.. شيخ عشيرة آل ابراهيم، والشيخ ثعبان.. شيخ قبيلة آل شبل وكان ضريرا، والشيخ فخري السماوي شيخ قبيلة خفاجة، وشيوخ آخرين غيرهم.

وأذكر، كان زمان لقائي بهم قبيل الإنتخابات.. ومباشرة بعد إعطاء نوري المالكي (مسدس + 1,000000 مليون دينار عراقي) أهداها لشيوخ العشائر* وبعضهم ممّن إستلم هدية المالكي كان سبق له وأن إلتقى بأكثرهم، وفعلا إلتقيت بهم وأجرَيت لقاءات معهم.

وكان السؤال الموجّه لهم:

(بإعتبارك شيخ عشيرة عراقي وطني شريف صاحب كرامة وغيرة على أهلك وبلدك وشعبك... فماذا تقول وكيف تنصح رؤساء العشائر الذين غرَّر بهم المتسلطون العملاء والسراق والمفسدون وخدعوهم وشروا ضمائرهم بأبخس الاثمان؟

(أ) كمنحهم مليون دينار او اكثر شهريا او في المناسبات او عند قرب موعد الانتخابات.

(ب) وكإعطائه واجهة زائفة زائلة فيكلّفه جمع شيوخ عشائر قبيلته لعقد مؤتمر للقبيلة في مكان ما او وقت ما خاصّة مع قرب موعد الإنتخابات.

(ج) وكإعطائه واجهة وتسلط دنيوي خبيث من حيث السماح له بحمل السلاح ومن خلال السماح لبعض متعلقيه بحمل السلاح فيكون مكلوبا على ابناء عشيرته فضلا عن غيرهم.

(د) وكاعطائه قاط ومسدس مع اجازة حمل السلاح.

(هـ) او كتكليفه بتأسيس موكب او بعقد مجلس حسيني في بيته او ديوانه او منطقته فيكون دعاية للعملاء والمفسدين فيتسلّطون على البلاد والعباد والاموال والثروات.

(و) او يعطيه عددا من إستمارات التعيين فيكون وسيطا في تعيين بعض العاطلين من متعلقيه او يكون وسيطا في ان يكون بعض العاطلين في امل ان يتعيّنوا فيعلقوا إتمام التعيين على فوز هؤلاء العملاء المفسدين المتسلطين.

وانت ايها الشيخ الوطني الشريف:

(1) لو أعطوك أضعاف ما أعطوا لأُولئك الشيوخ العملاء الأقزام بل لو أعطوك عضوية في مجلس النواب او أعطوك وزارة من الوزارات بل حتى لو رئيس وزراء فهل ستقبل بهذه المناصب وتخون بلدك وشعبك فتمزِّقهم شر تمزيق وتبيحهم وأموالهم وثرواتهم وأعراضهم وتأريخهم تبيحها كلها لكل الدول من إحتلال الى دول إقليم وجوار ومخابراتها وأجهزتها الأمنية فيكون العراق وشعبه وأرواحهم وأعراضهم مباحة ومسفوكة من قوى الشر وعصابات ومليشيات وقوى تكفير وإرهاب؟...

 

صفاء الهندي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم