صحيفة المثقف

مع العرابي كاتبا وناقدا..

eljya ayshيرى العرابي أن عدم الاستقرار نابع من أزمة المثقف نفسه كمنتج وكمتلقي، ويذهب بالقول إلى أن الأزمة الحالية هي ازمة نقد وإبداع، وتنصهر هاتان الأزمتان في الواقع الآني بما اصطلح عليه بالأزمة الثقافية،  التي ترتبط أساسا بصراع فكري.

فالفعل الكتابي هو معطى ثقافي، والكتابة عند المبدع الحقّ تتم بعد نضج فكرة ورؤية  متفاوتة الدرجة، واضحة تعلقت بذهن الكاتب، فهي ذوبان ذاتي في الواقع ويطمح إليه، وهو في هذا الحالة يعمل بمقولة ديكارت: " أنا أفكر أنا موجود"، يتحدث حاج محجوب عرابي عن ما اسماه بـ: " مادية الكتابة" وكأنه يطرح سؤالا لماذا أنا موجود ولماذا أنا أكتب كل هذا؟، وهذا لكي يكشف عن هوية الكتابة، وهدفها وعن جهده هو، فالكتابة فعل والكاتب فاعل، والفعل وصاحبه يعيشان في مجتمع يتكون من تشكيلات مختلفة، وأنماطا متفاوتة في الثقافة والمعيشة، وحامل القلم كما عبر عنه ابن خلدون اجتماعي بطبعة، فهو حامل رسالة، ووجب عليه ان يكن كذلك، يعيش عموم الآخرين وآمالهم، ويجد في مشاكلهم مادة في شكل فني، يزرع بذور الإصلاح والتغيير والنماء، إذا انطلق من مسؤوليته، يقول بعض الكتاب أن هذه الرؤية هي رؤية الفكر الوجودي الذي يطرح فكرة: "أنا أكتب لأشعر بوجودي، وأعبر عن قناعاتي مهما كانت القيود، فإذا أهملت الكتابة هذا يعني أنني أفتقد وجودي، وبالتالي أترك غيري يعيث في الأرض فسادًا.

الذين قرأوا للعرابي أجمعوا على أنه متأثر جدا بالفكر الخلدوني والفكر الديكارتي إلى جد المبالغة، والذين لم يقرأوا للعرابي يجهلون أن حاج محجوب العرابي كان يركز في مسالة الاستدلال على روايات عبد الحميد بن هدوقة (ريح الجنوب)، وأحمد منوّر (عودة الأمّ)، وعثمان سعدي (تحت الجسر المعلق)، غير أن العرابي حسب النقاد ،  ينتقد في كتاباته بعض النقاد  في مجال القصة والرواية لأنهم يحتكمون إلى الجزئيات لبناء الكليات، من خلال ما يسمى بفوضى النقد وما يحيطه من رؤية ضبابية، وهذه الضبابية هي وليدة الخطاب الإيديولوجي الذي يجهل منطلقات الرقي الاجتماعي والحضاري، ولا يربط النتائج بالأسباب، ولهذا يطرح  حاج محجوب العرابي سؤالا : كيف تمارس القراءة النقدية؟ هل الكاتب بتناول نصه  من حيث بعده الاجتماعي السوسيولوجي؟ أن في بعده التاريخي، وهل يعالج نصه باعتباره وثيقة سياسية إيديولوجية، أم من الناحية الجمالية فقط؟.

فالعرابي تعامل  مع الواقع السوسيوثقافي، ولطال شغلت المسالة الثقافية بال المفكرين والفلاسفة وحتى علماء النفس، ومنهم فرويد، وحاولوا صياغة تعريف دقيق لمفهوم الثقافة والمثقف، واستعداداته الضرورية لتنظيم علاقات البشر فيما بينهم، وكانت الثقافة من وجهة النظر الفرويدية  ميزة إنسانسة تميزت بالشمولية، حيث لا تهتم بجزء واحد من حياة البشر، وإنما تغطي كل حاجاته، بل تجعل الكائن البشري لا يعيش حياته الفردية فحسب، بل يعيش حياة الجماعة وتحوله أي الثقافة إلى كائن اجتماعي، لأنها هي التي أنسنت الإنسان، اي حولت حياته الحيوانية حسب النظرية الداروينية إلى إنسان، وقال ان الثقافة نؤنس الإنسان، وتنزع منه  "العدائية".

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم