صحيفة المثقف

بعيدا عن النجيع قريباً من الحب

sardar mohamadالجزء الخامس من رواية

عربة عشتار

 


 

بعيدا عن النجيع قريباً من الحب / سردار محمد سعيد

 

13

إقترحت ُعلى راحيل مصاحبتي إلى جزيرة العرب فرفضت.

تلك أرض لازرع فيها ولا ماء ورجالها بارعون في فنون التقاتل والجنس تستهويهم العصبية

والفخار بالحسب والنسب

سبي النساء ظاهرة شائعة وعرف سائد بعد حروب طاحنة لأسباب ساذجة.

جلجامش فرد كانت هوايته فض بكارات العذراوات وبرغم بطولاته غضب النا س واستجاروا بالآلهة.

أتريديني التنصل من جذري؟

لا والله إنما أقصد أن هكذا قوانين وعرف ستصبح تراثاً يجب أن يفهم في حدود عصره وإلا سيستثمره الطغاة

أذكرك ماذا رُدد على أسماعنا في أثناء دراستنا الأولية:

إذا بلغ الفطام لنا صبي تخر له الجبابر ساجدينا

وحفظنا:

لاحت رؤوس الحراب تلمع بين الروابي

ومنذ الصغر رسّخوا في أذهاننا مفاهيم عجيبة

أناشيد قذرة:

يابط يابط إسبح بالشط

قل للسمكة أتت الشبكة

ميلي عنها تنجي منها

وعلى الجرف خفي خفي.

إذت نحن السمك مكاننا الجرف وإلا فمصيرنا الشباك.

ضحكت وقالت ربما ستقوم حرب من أجل الحصول عليّ

كاعب بيضاء في صحراء يندر فيها بيض النساء

وربما تطول الحرب إلى سنوات

أتذكرزميلتنا هناء في معهد الفنون كم كانت بيضاء؟

كم سنة ستطول الحرب من أجلها لو سبيت؟

ربما مائة سنة لأن حرباً من أجل فرس حتى اسمها بشع طالت عشرات من السنين

إذا كنت راغباً بالبقاء معي ،خذني إلى موضع آخر.

إذن أنا مضطر لوداعك

ركبت العربة وانطلقت بي...

 

14

كان لابد أن أشم بعض الهواء الخالي من رائحة النجيع المتخلف من حرب ظلت مستعرة لسنين تربو على الأ ربعين

وقيض الله لسيدين تداركا قوم تفانوا ودقّوا بينهم عطر منشم

بحثت في الخلاء البعيد فرأيت خيمة منزوية على مقربة من عين ماء وبضع شجيرات وعشب فأثرن فضولي.

 أوقفت العربة خلف وهدة وأرسلت الهدهد مستطلعاُ

فعاد مسرعاً ليخبرني بأن المكان آمن

وانطلق دون عادته بالإستئذان إذا ما أقدم على أمر وبقي مختفيا ً حتى صباح اليوم الثاني ولما جاء عرف أني غاضب منه ولم يشأ إخباري عن سبب غيابه.

سرت راجلاً تلقاء الخيمة فرحب بي شيخ جليل بلحية بيضاء كثة وبسحنة وجه تنم عن ألم دفين ومرارة.

ضيّفني على عادة العرب وقال:

هنا نحن في أمن وأمان عين جارية وزرع وكلأ،

وتبسم قائلاً وهنا تحدث أمور غريبة منها مرعب كوجود حيات ضخام ومنها مسر كما حدث أمس إذ رأيت هدهداً ذكراً يطاردأنثى وانصاعا دوين العشب حذرالعيون.

في ذلك الموضع عند قبر زوجتي الذي اعتادت يوميا ً ابنتنا المتبناة مناجاتها

هنا ترقد بسلام بعيداً عن قعقعة السيوف وقراع الكتائب وتهاوي النصال كأنها كواكب ليل تتساقط على اللمم البريئة

ناجت أمها بصوت مسموع

أماه .... يا أماه....ألتمسك العذروالصفح لم يتسن لي أن أفرحك وتلبية أمنيتك برؤيتي أرفل بثوب العرس

أسمعت؟؟ هل عانيت حزناً كحزني وسأعاني أكثر حين أرحل من الدنيا

هاأنذا الآن أشعر بلوعتها فمن لها بعدي

صاح الهدهد:

العدو العدو حذار حذار،

ولم يكن العدو بشراً بل أفعى ضخمة تلقف ما تراه

صرخت الفتاة والأفعى تحاول ابتلاعها

وهي تتلوى محاولة الإفلات بلا فائدة

غار نصفها العلوي في بطن الأفعى

ساقاها في الهواء ترفسان

واندلقت في أحشائها

بدت بطن الأفعى ضخمة في موضع وجود الفتاة

إستدعيت العربة فداست على رأس الأفعى واستل الشيخ خنجره فتناولته ومزقت جلدها الثخين الملون بألوان غاية في الجمال لولا العطب الذي تحمله

أخرجتها وكانت ملطخة بهلام ومخاط وسائل لزج كثيف القوام

وادلهمت السماء ودقت طبول الغيم

بدت فرحة لاسيما حين هطول المطر بكثافة

رقصت

تفاوتت طرقات الغيم شدة وأنغاماً

فتفاوتت اهتزازات جسدها ورفعت ساعديها

يا للمفاجأة

وشم أزرق على الساعد الأيمن

ما اسم فتاتك يا أيها الشيخ الجليل؟

يوم اشترتها زوجتي بثمن بخس نوديت راحيل

وساد الإسم

طلب الشيخ منها شكري على صنيعي

تقدمت نحو أبيها دون أن تكف عن الرقص وقالت:

لا يكفي يا أبتي... أنقذ َحياتي دع أمي تُسعد، أخطبه لي إنه القوي الأمين.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم