صحيفة المثقف

حربٌ وسيكارةٌ وحكاية

saad alsalehi سيق جدي توفيق العبو مع من سيق الى (السفر بر) لمقاومة الإنزال البريطاني في الفاو أثتاء الحرب العظمى. حدثنا وهو يولج طرف سيكارته بتُخْم الياسمين، يصمتُ آناً على ترقبنا ونحنُ نتملَّى دخان لفافته ليعاود الحكاية آناً آخر. قال:

- كان دخانُ بنادقنا القديمة أكثر تأثيراً علينا من رصاصاتها التي تسقط كالبعرور لا تصيب هدفاً أو تمنع عدواً.

ثم نفثَ نفساً آخرَ من سيكارته على وجوهنا ونحن نتساءلُ (إي جدو... وبعدين؟)، قال:

- دصبروا شوية، عليش مستعجلين.. تجيكم السالفة

ثم أردفَ، نظرتُ إلى جاسم الجَمُّون على يميني يصرخ من جرحٍ في جبهته، وما أن مددتُ يدي اليه حتى أصيبت بطلق من (الأَنْكَريز)، صرختُ متألماً وأنا أصيح (وين الطواب؟) فإذا السماء تُفتَحُ علينا بقذائف مدفعية الكفار لا تبقي بشراً ولا مذراً على رمال الفاو. لم تدم تلك المعركة أكثر من (جارك) ساعة، هرب بعدها منا من هرب وقتل من قتل، وما وجدتُ خطايَ قد توقفت عن الجري إلا على باب الدارِ في (الجيزاني) ببعقوبة.

قلتُ:

- جدو، يعني انهزمتوا؟

- إي جدو... انهزمنا، ذولة (الأنكريز) بلوة مال ألله، عدهم هاي (الفيكرس) ما يوكف كدامها بنيادم. والتُرُك طلع سلاحهم لا بي خير ولا غيرة.

ثم نفث دخان سيكارته بوجوهنا ثانيةً.

 

....................

*السَفَر بر = حملة تجنيد مواطني الدولة العثمانية للحرب العظمى *الأنكريز = الإنكليز

*جارك ساعة = ربع ساعة

*الجيزاني = من قرى مدينة بعقوبة

*الفيكرس = رشاش بريطاني الصنع

*بنيادم = بني آدم

 

سعد الصالحي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم