صحيفة المثقف

معرض جماعي بعنوان "تجليات" في تونس

يتواصل بقاعة المعارض الفنية علي القرماسي بالعاصمة المعرض الجماعي بعنوان " تجليات " الى غاية يوم 4 جويلية وتعرض فيه بعض لوحات الفنانات التشكيليات زينب النفزي وسوسن هدريش وعفاف مولود وجميلة عكروت .

الأعمال المعروضة مختلفة التيمات وتعكس اهتمامات تشكيلية متعددة ولكن الجامع بينها هو هذا البعد التلويني لتجربة الذات في تواصلها مع العالم ..

1021-awni

..المرأة والبحر..هي..الوجوه الحائرة والمأزومة النسوة ولوحة الألفة بين الرجلين... في لوحاتها ضمن هذا المعرض تسعى الرسامة زينب  النفزي لابراز ذالك الحيز من العواطف والأحاسيس والتواصل حيث عوالم المرأة وما تشكله من حضور اجتماعي وثقافي ومشاهد أخرى للوقوف على ماهو كامن في الوجوه من خطاب يستبطن حالات فيها النفسي والاجتماعي المتوزع بين الحيرة والانتظار ضمن رؤية حرصت فيها الفنانة زينب النفزي على استقراء ما يحدث من خلال التوغل في الوجوه والذهاب عميقا في قراءة علاماتها بين الرجاء والأمل والريبة والتوجس والرفض..و هكذا...

هي لحظة أخرى من نشيد الأكوان الضاجة بالحلم.. هي لعبة الحنين والأصيل الكامن في الذات تجاه التوحش وعولمة العناصر والتفاصيل..هي العذوبة تنتقي من الألوان عباراتها الملائمة..

كما تبرز في لوحة البدويات  تلك الألفة التي تعنون عددا من أعمال زينب النفزي ضمن حميميتها وانسانيتها التي تنهل من المشاعر ومعاني الشعر الذي تعشقه عشقها للألوان ..أعمال في طياتها أحاسيس وألفة وحميمية ... أعمال نرى من خلالها الرسامة زينب النفزي طفلة طافحة بالألوان وما جاورها من مشاعر تكاد الروح تفتقدها في أيام الناس هذه..

في لوحاتها  المعروضة اشتغلت الرسامة جميلة العكروت ضمن تجربتها مع الأكريليك وتقدمها في هذا المعرض الجماعي  برواق علي القرماسي وفي قلبها شيء من حمى المعمار الماثل الآن وبنفس الامتاع من حيث الشكل والنقوش ..لوحات تقول بفتنة الرسم وسحر الألوان التي تخيرتها بعناية فائقة ..الى جانب أعمال أخرى في مشاهد ومواضيع مختلفة..ثمة شاعرية بينة في اللوحات من خلال التناسق اللوني ودقة الجانب المعماري الذي يبرز حرفية في حكاية الرسم والخطوط والمشهد عموما..مجال للسفر في عنفوان البهاء الماثل في عناصر معمارية بعاصمة تونس وبعض المناطق الأخرى وهنا تدرك جميلة عكروت الصلة الحارقة بين الابداع والذاكرة..بين التلوين والرسم..و المعمار لتأخذنا الى لوحاتها فنقف مأخوذين بالبهجة النادرة تجاه تناسق جمالي مميز..

الفنانة عفاف مولود تأخذنا الى عوالم أخرى من التلوين خاصة بعد تجربتها مع المعارض السابقة ضمن الأجواء اللونية الافريقية فمن خلال نظرات متقاطعة وماء/ أرض/ نار والعودة الى الينابيع وأصوات الصمت يبرز الاشتغال الجمالي للفنانة عفاف حيث الفن ذاك التنافذا مع الذات والآخرين كما أن تلك الأشكال الملونة تبرز ما يشبه المتاهة ولعلها متاهة الكائن في هذا الكون المربك وهو يبحث عن ملامحه تجاه صمت العناصر وأصوات هذا الصمت المبثوثة في الحياة والجمال ..كما تتقاطع النظرات في الوجه الواحد تجاه الذات بما يجعل الوجه مفردا بصيغة الجمع..انها لعبة الفن في أتون السؤال وحمى النشيد..

الفنانة الأخرى المشكلة لهذه التجليات تنقلنا الى حميمية الأمكنة العلامات ..سوسن هدريش تمتعنا في لوحاتها الأربع بجماليات المعلم والمكان من ذلك سيدي محرز وباب بحر الى جانب خزافي قلالة والحصاد..تشتغل سوسن على مفردة جمالية هي مزيج من حميمية الذاكرة ورمزية المكان ضمن البعد الحضاري والثقافي وكذلك بث المتعة الفنية تجاه مناسبات منها موسم الحصاد وخصائص تقليدية ثقافية على غرار حرفة الخزف وتقاليدها بقلالة الجربية التونسية..فسحة أخرى للفنانة سوسن في ثنايا ودروب الرسم ..

هذه ملامح تشكيلية لمجموعة تجليات حيث الفن تلك النظرة القريبة البعيدة يطوعها الفنان كما يشتهي وهو في جوهر الحالة الانسانية الباذخة...الفن اذن ضرب من ضروب النظر والقول...و البساطة والعمق... والدهشة بالنهاية.

 

 

شمس الدين العوني

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم