صحيفة المثقف

المتحول

sardar mohamad تريثوا قليلاً وستعرفون حكايتي وعلام سميت بالمتحول.

لكم أن تخمنوا نوع التحول وليقل أحدكم أنني متحول عن مبادئي فسوف أضحك منه،وليقل آخر أنني متحول عن إنسانيتي وهذا أيضاً سيضحكني، وآخر سيقول: تحول عن حب حبيبته إلى أحضان أخرى وساسخر من هذا لأني لا أحبها بل أعشقها.

 سادتي..........أنا تحولت إلى إنسان أخضر وسينتج من ذريتي جنس بشري لم يُعهد جنس سادس،جنس أخضر.

قد يقارن ذلك مع النبي الخَضِر – ع - لالالا إنما جلس على فروة بيضاء فاهتزت خلفه فبدا أخضراً.

إذن اخضراره لون ناتج عن اهتزاز ويتمتع بكامل مواصفاته الفسلحية البشرية بدليل أنه يتغذى السمك.

(قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت)

إنما اخضراري صبغة وفسلجة فغذائي الماء وضوء الشمس.

له دم يسري في أوردته وشرايينه يوزع الغذاء إلى أنحاء الجسم ويحتوي على كريات دم حمراء وبيضاء أما دمي فيحمل شيئاً مختلفاً يسمى البلاستيدات الخضر ولذلك دمي أخضرودمه أحمر قان.

وصلت إلى دلهي عاصمة الهند لألتحق بمعهد الفنون الجميلة وكدت أضيع في هذه العاصمة – الدولة – إذ هي أكبر من كثيرالدول العربية التي هي مجهرية بالنسبة للعاصمة فقط والحق أن الهنود شعوب تستحق الحياة وقادتها لا يسرقون شعوبهم كما هم عليه قادة العراق وتعبت حتى حصلت على سكن على السطوح.

كانت مالكة السكن تجيد العربية وهذا ساعدني كثيراً.

لم أجد مسكناً بأجرة رخيصة أفضل من هذا الملحق في سطح بناية مؤلفة من ثلاث طوابق.

غرفة منام واحدة وحمام صغيرومطبخ أصغر منفرد يطل على السطح الواسع.

الحقيقة أن لي مع السطوح ذكريات وحكايات ولربما هذا السطح سيضيف ما ليس في الحسبان فعندما بلغت الحلم للتو مارستالجنس لأول مرة مع إبنة الجيرانالتي تفوقني عمراً ومن أول كلمة مراودة وافقتُ بلا تردد ولكني لم أكن أعرف اللذة الجنسية إلا عندما كبرت حين صادقت عن طريق الصدفة أرملة صغيرة السن مات زوجها في حادث غامض.

البناية تحيط بركنين من أركانها حديقة عامة يرتادها الناس للتعبد وأبى المالك إشغالها ببناء يدرّ عليه مالاً وفيراً لسبب ديني إذ أشيع أن فيها تنبت شجرة مقدسة.

للغيبيات في مختلف الأديان سطوة وسيطرة على عقول معتنقيها يؤمنون بها ويدافعون عنها على أنها الحقيقة التي لا يشوبها باطل على الرغم من عدم وجود أي دليل مقنع لديهم والغريب أنهم يكذّبون نظريات غيرهم وهم سواء كلهم غيبي.

وهذا ما جعل لاكشمي صاحبة البناية التي سكنت في سطحها أن أحذر من المساس بهذه الشجرة.

كنت أتطلع للناس من زائري الحديقة يتعبدون ويصلّون للشجرة ويحيطون ساقها الأملس الضخم بخيوط ملوّنة ، وأضحك في سري.

لا يستطيع إنسان أن يغير معتقدات أمم رسخت في أذهانهم دهوراً.

وعلى حين غرة سمعت لغطاً، مصاحب ببكاء، نحيب، ولولة، صادر من الحديقة عند الشجرة المقدسة من النساء والرجال، فأثار فضولي فاندفعت إلى السياج الذي يطل عليها فذهلت من الموقف الغريب إذ يندب إنسان نبتة.

أخبرتني لاكشمي أن الشجرة تحتضر.

بدون إثارة أي انتباه مددت يدي نحو قمة الشجرة من السطح فهي لا تبعد عني سوى بضع سنتيمترات وقطعت غصناً ما زال طرياً وعلى مهل وبلطافة زرعته في أصيص وسقيته الماء القراح.

زارتني لاكشمي فشاهدت الغصن الذي غرسته فقالت: هذا لن ينبت وذهب تعبك سدى وأخبرتني عمّا يروى من أخبار عن الشجرة المقدسة،

كما يقال أنها كانت فتاة فائقة الجمال وفي غاية الطيبة إلا أن القوى العظمى غضبت عليها فمسختها شجرة وسبب غضبها أنها أحبت شاباً يصغرها بسنوات ولما حوكمت بررت ذلك بأنها كانت بحاجة لذكرقوي البنية وإن لم يكن متمرساً ولما لم تجد ما يلبي حاجاتها سوى ذلك الصبي عشقته.ولم يكن عشقها نزوة لحاجة غريزية فُرضت عليها والقوى العظمى لها دورها في فرض ذلك، فلا يُظن أنها تتنصل منه.

ولا نعرف ربما تتراجع القوى العظمى عن قرارها وتعيدها إلى واحدة من بني البشر فهي رحيمة رؤوفة.

تتراجع، تتراجع.....هي حقّاً عظيمة تفوق عظمة كثير من الحكام العرب.

وقد عوقبت بما فيه الكفاية

بقيت يومياً أسقي الغصن وأنتظرلعل الحياة تعود إليه

لاكشمي تضحك على صبر غير مجد.

في صباح يوم ربيعي صرخت من فرحتي مما جعل لاكشمي تهرع إلى السطح لتستطلع الأمر فلربما حدث لي مكروه ولكنها رأت الفرحة مرتسمة على وجهي فسألتني:

ما بك؟

فلم أستطع الإجابة بل أشرت للنبتة.

ذهلت إذ لاحظت البرعم الذي انفلق في قمة الغصن وأكّدت عليّ أن لا أخبر أحداً

وكان يُفترض بي أن أخفي الغصن عن أنظار المنظفة.

فسرعان ما كشفت الموضوع لزوجها الشرير الذي حاول بوسائل متعددة الحصول على النبتة.

كلما حاول كنت مصرّاً على عدم القبول وكأن شيء يدفعني للإعتناء بها كما لو تربطني بها صلة ما وكانت النبتة تزداد فروعاً وطولاً بأوراق نظرة شديدة الخضرة.

في أثناء نمو النبتة باطراد،

حدثت حوادث غريبة في غرفة نومي

 فمرة وجدت أن قدح القهوة غُسل

ومرة فُتح المذياع مساء ورأيت مؤشره يتحرك واستقرعندما صدحت أنغام موسيقى كلاسيكية رومانسية.

مرة كاد يغمى علي عندما أصبت بحمى وتعرق أحسست أن كفّاً تمسح عن جبيني نطف العرق.

كنت أبرر ذلك بمبادرة من لاكشمي أوالمنظفة ولم يدر بخلدي أن النبتة تقوم بهذاكله.

يبدو أن زوج المنظفة اتخذ قراره بمهاجمتي وسرقة النبتة وهنا حدثت المفاجأة فقد كشفت النبتة عن نفسها، فلم يعد هناك داع للتستر،

هجم الشرير يريد خنقي لئلا ألاحقة ثم يسرق النبتة.

مد يده وهي ترتجف تحمل خرقة إلى أنفي ولكن حدث العجب إذ استطال فرع من النبتة والتف حول ذراع الشرير، فأصابه هلع وذعر فهرب

جلست جلسة خائف مترقب

نظرتها متعجباً

لم أتخيل نبتة تتحول إلى غانية رشيقة....قالت:

أمندهش أنت؟

من البديهي...........لأنك لاتؤمن بشيء اسمه التنا سخ فغانية من البشرتتحول إلى شجرة من عالم النبات ثم تعود من جديد إلى بشر ولكن عليك مشاهدة لوني أليست الخضرة طاغية عليه في حين أحدثك كإنسانة اعتيادية....ولا أخجل إذ أخبرك أني بكامل المواصفات الأنثوية ومشاعري مشاعر أنثى تحب وتكره...تفرح وتحزن...تغضب وتهدأ.

أنت تشعر بشيء يجذبك إلي. وأعترف لك أنك عندما زرعتني غصنا ً جعلتك نصب عيني واعتذر منك لوقاحتي فدون استئذان منك وأنت نائم عصرت ورقة من وريقاتي التي انبثقت للتو فاندلقت بضع قطرات خضراء اللون على شفتيك فلعقتها.

لم أعر هذه القصة اهتماماً. ولكن لا مجال لنكران ما رأت عيني في تحول النبتة إلى كيان بشري.

بعد أيام شعرت بنحول وضعف وخوار يعتريني فرأتني الشجرة متعباً منهكاً فعادت متحولة إلى أنثى واقترحت على الجلوس تحت أشعة الشمس وسقتني كأس ماء وضعت فية قليل من الملح ولم أفهم غايتها.

بعيد بضعة دقائق شعرت بنشوة وقوة فأخبرتها فضحكت وقالت وهي مبتسمة:

ها أنت تحولت إلى إنسان أخضر.

أنت الآن بدأت تعيش كما يعيش النبات..ماء وضوء شمس

أنت ستكون آدم جنس البشر الأخضر.

لك الفضل على البشرية كونك جد الجنس الجديد السادس ولك الفضل في حل مشكلة الغذاء و جعل الكوكب الأرضي نظيفاً لاتلوثه مصادر الطاقة ولك الفضل في استهلاك المصادر الطبيعية بأرخص الأثمان.

صُعقت لسماعي هذا فقالت:

لا توجل عندما تصبح إنساناً أخضرَ فستجد غانية خضراء عندها ما عند النساء جميعاً بانتظارك على شوق.

لتكن آدمي الأخضر مليكي وأكون حواء الخضراء مليكتك ونعيش مطمئنين لايستطيع أحد استعبادنا فما من طاغية يستطيع منع ضوء الشمس والهواء.

 

سردارمحمد سعيد

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم