صحيفة المثقف

جودت العاني: يا قبلة المجد

MM80الموت خاب ولم تخمد نوازعه

والحق يعلو على من حوله شهبا

 


 

يا قبلة المجد../ جودت العاني

 

تهدم الصرح حتى شدني عجبا

وأثخن الجرح في بغدادنا  ندبا

 

وأمعن السيف في محراب محنتها

قتلا وسلبا  ولا  من  منقذ وثبا

 

حتى إذا الجرح قد كلت سواعده

تحشد الحقد في ساحاته خببا

 

الموت خاب ولم تخمد نوازعه

والحق يعلو على من حوله شهبا

 

لكن عزفا على  إيقاع  معترك

تاهت خطاه ولم يذكر له عتبا

 

فاستكلب البعض حتى هاج مغتصبا

واستدرك البعض يشكو همه غضبا

 

واستنبح الصمت حتى أمطرت حمما

واستمطر الغيم  نيران السما  سربا

 

راحت  تدير رحاها  فوق  نازلة

وتشتكي  الهم لكن  همها  استلبا

 

بغداد  تبكي  جراحًا  فاغرًا  وغدا

راحَ  الظلامُ  إلى  باحاتها  وسبا

 

بعض  يسير على  منواله  هربًا

والبعض ينطق في وادي الردى كذبا

 

والحق  يبقى  وإن  هدت  عزائمه

يقتات  من  وجع  الدنيا  وإن  تعبا

 

كل  الذين  إذا  جفت  مدامعهم

تهدج الموت يبكي يومه الصعبا

 

والصبح يأتي وإن عانت طلائعه

والفجر آتٍ إذا ما عانق السحبا

 

والدمع يخبو عبيرًا في محاجرها

والعهدُ يبقى  له  في  سيره  كتبا

 

هذا الزمان له في صحوه نجبا

يستنطق الدهر في مشواره عجبا

 

يمضون والفجر لا يلوي لهم عضدًا

ولا يهابون  إن  حلت  بهم  كربا

 

أشكوك بغداد ما أشكوه من غضبٍ

يلقى اسودا علت هاماتها الشهبا

 

أما الضباع  فما زالت نوازعها

تخفي عِداءًا وتبني  للعدا  نصبا

 

ياقبلة  المجد هذا  فاشلٌ غدر

قد أشعلَ النارَ لكنْ ذاكَ  قد سلبا

 

لا ترتجي حالهم حتى وإن شربوا

من ماء دجلة واستوحوا به النسبا

 

والعازفون على أنغام محنتها

قهرًا وذلاً طغى حتى غدا طربا

 

يا دجلة الخير ما هذا الذي قبعت

أصداؤه  برحاب  الدار  فاكتئبا

 

وكيف يعلو على من حوله همما

وكيف يغفو واضحى صفوه نوبا

 

لا يرتضي الحر أعمال الوغى ثمنًا

ولا يجاري  هوانًا  من  هو انقلبا

 

أو راعه الظلم يبني من سواتره

حصنا من الرعب لم يملك له سببا

 

يا دجلة  الخير هذا  يومنا  وغدا

سيحمل النخل ما  يحلو لنا  رطبا

 

وينتشي  الطير في عليائه  عبقا

ويشرب الماء من مجراه من شربا

 

ويهرب الوحش مذهولا ومنكسرا

يجرر الذل  مهزوما  ومنسحبا

 

ويسقط البغي في مجرى حقارته

ويبزغ الحق لا  تلمح  له  ريبا

 

يا دجلة الخير لا  تخفى  طهارته

حتى وإن دنس الأعداء ما وهبا (*)

 

Madrid

28 / 06 / 2009

(*) .. قصيدة مستلة من الديوان الثاني (غدق البحر)

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم