صحيفة المثقف

بكر السباتين: الاقتصاد اللبناني المتردي والفرص الضائعة!

bakir sabatinماذا تنتظر من دولة لبنان التي تعاني من فراغ رئاسي منذ عامين، وتعتبر منطقة صراع مفتوح لتصفية الحسابات الإقليمية بين السعودية وإيران على خلفية التخندق الطائفي وتنافرالكتل السياسية في إطار التحالفات الإقليمية الفاعلة في الأزمة السورية المتفاقمة، ناهيك عن مخرجات الأزمة السورية التي أغرقتها باللاحئين السوريين وارتداد ذلك على معدلات البطالة ومن ثم تعثر الحلول الممكنة لهذه المعضلة. أما النفط فما زال مشروح طموح لم ير النور بعد وظل خارج سياق التنمية. هذا هو لبنان الذي تتفاقم أزمته الإقتصادية تحت وطأة الديون وافتقاره للصندوق السيادي الذي من المفروض أن يتحول ناتج استثماراته الداخلية في التنمية المستدامة لسداد الدين العام الذي تضاعف خلال عشرة أعوام من ٣٠ مليار دولار إلى ٧٠ مليار دولار، بسبب عدم اعتماد الخطة الإثني عشرية في تنظيم الميزانية، واللجوء إلى تمويل المشاريع الحكومية باللجوء إلى فتح اعتمادات بنكية اعتماداً على ديون مفتوحة حارة الخطط الحكومية، ما نجم عنه تفاقم الديون وإدراج لبنان في قائمة الدول الأكبر مديونية في العالم. لقد ضاعت فرص كبيرة خلال المحاولات المتعاقبة لاعتماد وصفات علاجية للوضع القائم في لبنان بعيداً عن شروط صندوق النقد الدولي، فهل اللبنانيون مؤهلون للإجماع على حل يتجاوز الصراعات في لبنان لمصلحة التنمية؟ فماذا ينتظرون!؟ الوقت يمضي والفرص لا تعوض! وتأخذني الذاكرة في السياق نفسه إلى (9 أوغسطوس 2014) حيث نشرت في صوت العروبة مقال صحفي تحليلي بعنوان : "مستقبل الطاقة في لبنان" وكنت قد تلقيت دعوة رسمية من قبل المركز اللبناني للدراسات السياسية (LCPS) وإدارة البترول اللبنانية (LPA)، بالتعاون مع مركز البحوث للتنمية الدولية (IDRC)، لحضور ورشة عمل بعنوان “حكومة قطاع النفط والغاز ” التي نظمها المركز في بيروت لمدة يومين حضرها مسئولون حكوميون وخبراء وعلماء، وأعضاء من المجتمع المدني، بتاريخ 19-20 تموز عام 2014 في فندق جفينور روتانا، بيروت، لبنان. ورغم تعذر حضوري لأسباب قاهرة إلا أنني تابعت المجريات من خلال المراسلات عبر بريدي الإلكتروني حيث زودني أخيراً المركز اللبناني للدراسات مشكوراً بتفاصيل ومجريات الحدث في تقرير مفصل باللغة الإنجليزية. وقد جاءت هذه الورشة لمناقشة التحديات و جلب الفرص المناسبة في إطار التحضيرات التنموية والفنية لمرحلة ما قبل الاكتشاف المحتمل لاحتياطيات النفط والغاز في لبنان. ووهدفت ورشة العمل البخث في مسارين بالغي الأهمية: أولهما عرض ومناقشة المسودات الأولى من ست ورقات سياسة، وذلك بتكليف الخبراء والعلماء لإعدادها، والتي سلطت الضوء على ما يلي: التحديات والفرص المتاحة في مجالات الهياكل المؤسسية، احتياجات الطاقة المحلية، خيارات تصدير الغاز، الآثار الاقتصادية الكلية للعائدات، وإدارة الإيرادات والسمات الجيولوجية لحوض المشرق العربي. وثانيهما تحديد التحديات الإضافية التي تتولى دراسة تقنيات معالجتها من قبل الباحثين في ((LCPS)) وLPA)) من خلال الدراسات الفنية. وأخيراً اختتمت ورشة العمل بمناقشة القضايا الهامة اللازمة لتطوير قطاع النفط والغاز في لبنان شارك فيها كل من السيد سامي عطا الله، السيد فاروق قاسم، والدكتور عديل مالك، والدكتور بسام فتوح، والسيد ناصر حطيط، والدكتور كمال حمدان، العضو المنتدب لمعهد الاستشارات والبحوث حيث خلص النقاش إلى ضرورة الجاهزية اللبنانية التنموية لعملية استخراج النفط والغاز الموعودة. وذلك من خلال الحاجة إلى الحوار المستمر بين الحكومة والمواطنين، ومطابقة المهارات اللازمة لسوق العمل اللبناني، وتحسين قطاع التعليم المهني والتقني، وتحسين البنية التحتية، وفهم الاقتصاد السياسي للقطاع، وغيرها. حيث أبرز الخبراء أيضا الموضوعات الرئيسية إلى مزيد من الدراسة مثل إنشاء صندوق للثروة السيادية، والاستثمارات في البنية التحتية العامة، والتحويلات النقدية المباشرة والعمالة والتعليم في المحتوى المحلي، ودور البرلمان وعملية التشاور، والمخاطر التي تهدد البيئة، واستخدام الأراضي. وفي سياق هذه الخلاصة كمراقب كنت حينها أتوقع من القائمين عل مثل هذه الورش التباحث بفاعلية في تعزيز الإحساس العام بقيمة هذه الثروة من أجل التظافر لحل العقبات السياسية المحتملة التي لها جذور على أرض الواقع اللبناني بعيداً عن المحاصصة الفئوية والطائفية في إطار تنمية شاملة ذات محرك مركزي يقود البلاد إلى ازدهار متوازن. اللبنانيون يمتلكون طاقة بشرية ذات كفاءة عالية؛ قادرة على تجنيب المجتمع اللبناني من انتشار المرض الهولندي الذي قد يصيب الشعوب المترفة بالترهل والكسل ما يؤدي إلى تباطؤ في التنمية وضياع الثروة دون حساب ، ومن ثم تهيئة البيئة المناسبة لتفشي ظاهرة الفساد. وفي لبنان لتركيبته الفسيفسائية القائمة على الطائفية في إطار التقاسم السلطوي فإن الفساد قد يعزز ظهور مافيا مركبة طائفياً من شأنها السيطرة على مقدرات البلاد والدفع بلبنان إلى مصائر غير محسوبة. من أجل ذلك لا بد من تحريك فكرة مستقبل لبنان الاقتصادي في عقول الساسة اللبنانيين لنبذ كل أسباب الخلاف من أجل تنمية حقيقية مستدامة تقوم على التشاركية والكفاءة تهيئة لمستقبل الطاقة في لبنان. أقلها !! حل أزمة الرئاسة في لبنان.. وتحييد هذا البلد عن الصراعات الإقليمية لخلق بيئة مناسبة للاستثمار واستصدار حزم من القوانين المنظمة للتنمية بدلاً من هدر وقت البرلمان في تجاذبات جهوية.. وتشجيع إنشاء الصناديق السيادية لحشد الرساميل المحلية في إطار اكتتاب للأسهم على نطاق جماهيري واسع درءاً لتمركزها في يد قلة لبنانية قد تتحكم بمصير لبنان. المحصلة أن العوائق كانت أكبر من أي خطوة تنموية شاملة في لبنان، فماذا ينتظر اللبنانيون!

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم