صحيفة المثقف

علي جابر الفتلاوي: أنور عشقي ينقل العلاقة السعودية الإسرائيلية من السفاح إلى نكاح الجهاد

ali jabaralfatlawiالعلاقات السعودية الاسرائيلية ليست جديدة أو وليدة اليوم، لكنها اليوم خرجت من السر إلى العلن وأمام الملأ، وبهذا الفعل الشنيع تتحدى السعودية مشاعر الشعب الفلسطيني ومشاعرالملايين من المسلمين الذين ينظرون إلى الصهاينة محتلين أجانب اغتصبوا فلسطين والمقدسات في القدس التي لا تهم المسلمين فحسب بل المسيحيين أيضا، ودور أنور عشقي اليوم إنهاء علاقة السفاح السرّية بين إسرائيل والسعودية، ونقلها إلى علاقة (نكاح الجهاد) في الشرع الوهابي.

عائلة آل سعود تلقت الدعم من اللوبي اليهودي منذ تأسيس الحكم العائلي لآل سعود، المتبني لأفكار محمد عبد الوهاب التي باركها اليهود، كونها الافكار الأكثر خدمة للاهداف الصهيونية، بما تحمل من تطرف وتكفير للمسلم الآخر مع التعايش مع اليهود كونهم أصحاب كتاب حسب فتاوى شيوخ الوهابية، وهذه الأفكار التي يجهد اليهود في نشرها بين صفوف المسلمين، يقدمها الوهابيون على طبق من ذهب إلى اللوبي اليهودي الصهيوني، الأمر الذي دفع الصهاينة ومعهم أمريكا وحلفاؤها لدعم أفكار الوهابيين، والعائلة المالكة في السعودية التي تبنت هذه الافكار بقوة كبيرة، فأنتجت العشرات من منظمات الإرهاب التكفيرية بدعم مالي ولوجستي من حكام السعودية والحكام الأعراب الآخرين المتحالفين معها والذين لا يختلفون عنها في نسق الحكم العائلي ملوكا كانوا أو أمراء، ومهمة منظمات الإرهاب تمزيق وحدة المسلمين، وصرف اهتمامهم عن فلسطين.

 لعبت السعودية دورا مهما في تأسيس الدولة اليهودية الصهيونية في فلسطين، فالعلاقات الصهيونية السعودية مستمرة منذ أغتصاب فلسطين لغاية يومنا هذا، واليوم عندما نسمع عن هذه العلاقات والحديث العلني عنها، ليس هذا غريبا، لكن الذي جرى أن أنور عشقي ضابط المخابرات السعودي السابق كانت زيارته هذه المرّة علنية، وبذلك تحولت السعودية من علاقة السرّ مع إسرائيل إلى العلن، وقد سبق هذه الزيارة زيارات أو لقاءات مباشرة بين مسؤولين صهاينة، ومسؤولين سعوديين في إسرائيل أو خارجها، ولا نستبعد زيارة مسؤولين صهاينة إلى السعودية إيضا، وقد سبق عشقي في الاتصال بالصهاينة، الكثير من المسؤولين السعوديين ومنهم بندر بن سلطان مسؤول الاستخبارات السعودية السابق، فليس هذا أمرا غريبا، فمثل هذه اللقاءات والاجتماعات موجودة منذ سنين مضت لكنها تجري بشكل سري، أما اليوم ومنذ أحداث ما سُميَ (الربيع العربي) خرجت الى العلن، وظهرت بشكل أكثر وضوحا بعد فشل جهود الضربة العسكرية على سوريا التي بذلت السعودية فيها أموالا كبيرة لأجل تنفيذها فباءت جهودها بالفشل، وبعد بدء المفاوضات الايرانية مع الدول الست الكبرى حول الملف النووي، وعند الأعلان في جنيف عن نجاح المفاوضات والأتفاق بين الطرفين، وتخفيف العقوبات عن ايران، هذه النتائج التي جاءت لصالح تيار المقاومة، أقلقت  اسرائيل والسعودية وباقي الحكومات الوراثية في الخليج، أذ قال حليفهم نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل :أن الاتفاق صفقة سيئة.

 يبدو لي أن السعودية من خلال أنتقال العلاقة مع إسرائيل من السرّ إلى العلن، ستتوجه للقيام بأعمال تخريبية تصب في مصلحة إسرائيل، منها مثلا بذل الاموال لتخريب أتفاق جنيف بين إيران والدول الستة الكبرى، وفي حالة الفشل إعداد خطة متفق عليها بين إسرائيل والسعودية ومحورهما من الحكام الأعراب لخلق المشاكل لإيران تكون السعودية وحكام الخليج أداة لتنفيذها بضوء أخضر من أمريكا، وهذا الهدف سيدفع أكثر باتجاه التقارب السعودي الاسرائيلي ودول الخليج الأخرى، وكنتيجة لردود فعل السعودية واسرائيل على الاتفاق سيندفع هذا المحور أكثر من السابق في دعم المسلحين التكفيريين، من أجل زرع الفتنة الطائفية، وشعوب المنطقة تعرف أن شيوخ المذهب الوهابي قد أصدروا الفتاوى لقتل أي مختلف عنهم من المسلمين سنيا كان أو شيعيا، خاصة بعد أحداث الخريف العربي، وهذا ما يجري اليوم في مصر وتونس وليبيا وسوريا والعراق واليمن والبحرين، إذ شنّ حكام الذل العربي بقيادة السعودية عدوانهم على اليمن بدفع إمريكي صهيوني، وبدأ القتل العلني والعشوائي لأبناء شعب اليمن، واعتبروا هذا القتل مقدسا، والقاتل تُضمن له الجنة بصك من شيوخ المذهب الوهابي، وكذا ما يجري في البحرين من تقييد لحرية شعب البحرين الذي أعلن عن ثورة شعبية سلمية ضد حكم العائلة الواحدة المدعوم من السعودية ومحورها.

في خضم هذه الأجواء المعتمة التي خلقها الوهابيون خدمة لإسرائيل، نرى شيوخ المذهب الوهابي في السعودية، ووعاظ السلاطين في دول الخليج ومنهم القرضاوي، يصدرون الفتاوي بتحريم قتال اليهود في فلسطين لأنهم أصحاب كتاب، ويوجبون قتال وقتل المسلم الآخر، فهل توجد هدية أكبر من هذه الافعال المسيئة للاسلام والمسلمين تقدمها السعودية لحليفتها القديمة الجديدة أسرائيل ؟ خلق فتنة طائفية بين المسلمين، وتوفير الأمان للحليفة أسرائيل!

تدير السعودية الصراع في المنطقة تحت عنوان صراع بين السنة والشيعة، أو هكذا تريد أمريكا وأسرائيل أن يكون بالعنوان الطائفي، وما على الأدوات الا التنفيذ والحراك تحت هذا العنوان، من أجل أن تبقى اسرائيل هي الأقوى وتفرض وجودها وشروطها على دول المنطقة، وتنشغل الشعوب التي سُلبت حقوقها بصراع طائفي مختلق من قبل حكومات الدول الحليفة لأمريكا وأسرائيل وأدواتهم في المنطقة، لكن الواقع والمعطيات تثبت أن الصراع ليس سنيا شيعيا، وليس أسلاميا مسيحيا، بل هو صراع بين محورين، محور المقاومة ومن يدعم هذا المحور، وبين محور المهادنة مع اسرائيل والاعتراف بها دولة، وهذا المحور الذي تقوده السعودية اليوم، يتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني والمقدسات الاسلامية والمسيحية في فلسطين، وهدف السعودية ومحورها أشعال نار الحرب الطائفية في المنطقة خدمة لإسرائيل.

بعد أحداث الخريف العربي الذي صُنّع أصلا لتوضع ثمرته في سلّة أسرائيل، وسلّة الحركات السلفية خادمة الصهيونية، كي يكون جسرا لوصول هذه الحركات التكفيرية  الى السلطة خدمة لإسرائيل، بدعم قوي من السعودية وقطر والامارات وتركيا وبقية دول المحور الامريكي الصهيوني في المنطقة كالأردن، الأمر الذي دفع أسرائيل أكثر لدعم السعودية بعد هذه الاحداث كممثل للاسلام السياسي في المنطقة، تثمينا لمواقفها الداعمة لأسرائيل، ولأن الإسلام الذي تطرحه السعودية هو الذي تريده أمريكا وإسرائيل، بناء على هذه المعطيات نستطيع القول أن العلاقة بين السعودية وإسرائيل لا جديد فيها، سوى أنها خرجت من السرّ إلى العلن، وبطل اللعبة هذه المرّة أنور عشقي ضابط المخابرات السعودي السابق، إذ حوّل السفاح السرّي إلى (نكاح الجهاد) العلني بفتاوى شيوخ الوهابية، الذين أجازوا الممنوعات الشرعية والعقلية والأخلاقية، وبشكل خاص (للمجاهدين) التكفيريين خدّام إسرائيل.

 وأخيرا نعزي أنفسنا وجميع المسلمين على التشويه المتعمد لصورة الاسلام الناصعة من قبل شيوخ الوهابية، أمثال القرضاوي، وابن باز، وخباب مروان الحمد، ومحمد العريفي، وغيرهم من الذين حوّلوا الاسلام إلى سخرية عند أعداء المسلمين، وإذا أراد المسلمون التخلص من إسرائيل فعلا، فعليهم الحراك أيضا لإنهاء الفكر الوهابي التكفيري وسلطته في السعودية إداة أمريكا وإسرائيل في المنطقة.              

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم