صحيفة المثقف

مزمل موسى: إمام الحرم المكي.. والانغلاقية الفكرية

mozamil mousaنِيرْمِين الحُسيني طفلة فلسطينية تبلغ ثلاثة عشر ربيعاً، استطاعت أن تنشئ فَصْلاً في بيتِها الموجود في المُخيَّم وتُعْطي دروساً مجّانية للتلاميذ!!.

ما قدّمتهُ الطفلة نِيرْمِين يُوازي ما كان يصدَح به إمام وخطيب الحرم المكي طيلة سبعين خريفاً.

فإمام الحرم المكي استأثر دوماً الاستعانة بالكلام المعلب والفضفاض والمتكرر، والخالي من المعاني والدلالات التي تجعل المسلم المعاصر يفتحُ باب الهجرة بعيداً عن (ماضَوية المعاني المستنتجة للمفردة المقدسة).

فنحن لسنين طويلة نخرج من المسجد نَتَلَمّس اضافات الخطبة المعرفية فنجد المحصلة صفراً!!.. فننهضُ بآلام ظَهْرٍ حادة نتيجة اتكاءاتنا على أعمدة المسجد!.

إلا أننا لا نَتَعمدُ هضم الحقوق الملكية الفكرية لإمام وخطيب الحرم المكي.. فنستشهدُ أنّهُ عَلَّمَنَا جُملتان مُفِيدَتان: أُولاهُما: (بارك اللهُ فِيك)، وثَانِيهما: (جزاكَ الله خيراً وإحسَان)!!.

وَرَيْثَما نضعُ مواضيع ذات صِلة بالنفس والمُجتمع، كقضايا المرأة والفن والجمال على طاولة النقاش.. عِندَها تَسْقُط العِمَامَةُ ويَسْبِقُها (العِقَال)!.

ذلك لأن معظم (اللافتات الإسلامية)* تتحاشى فتح باب الاجتهاد في هكذا قضايا خوفاً من مقارعة العولمة والعلمانية، وذلك ليقينهم أن أسلحتهم البيضاء لا تصلح في عصر المعلوماتية، ففضلوا دور (الكومبارس) على مسرح الحياة، ومن ثم يلجأون إلى (التحريم) كأسهل الطرق لإقناع الفرد المسلم.

وعلى سبيل المثال ..

نجد المدارس السلفية تُحَرّم الصورة والموسيقى والنحت والفن التشكيلي ومصافحة المرأة.. ونتفاجأ بأن أحدهم يحمل صورته الشخصية على جواز سفره!!.. ويستقبلُ مكالمة هاتفية ذات رنين!!.. معللين ذلك بفقه الضرورة!.

وأيضاً على الضفة الأخرى للبحر الأحمر، نجد الإسلاميين في السودان يغلقون باب السياحة وفقاً لحيثيات قد لا تتماشى مع منطلقات الحركة الإسلامية والمشروع الحضاري، فيحرمُون المواطن من العائد الإقتصادي للسياحة.. فهُم يَتَحَرّجُون من رؤية فتاة ترتدي (البِكِينِي) تمشِي الهُويْنَى على شطّ النيل.. وأيضاً سترفع حاجب الدهشة عندما تجد الإسلاميين يفرضون على الممثلات في الدراما السودانية لبس النقاب.. وتَتَفاجأ في ذات الفضائية السودانية بعرض جسدٍ عارٍ لفتاةٍ في مسلسل مِصري!.. ووصل الأمر بالإسلاميين إلى مصادرة الحريات الشخصية عندما تقوم أفراد الشرطة بضرب شاب يمشي مع فتاة بعد منتصف الليل وان كانت شقيقته في الرضاعة!.

فالمثالان أعلاه: 

يوضحان حالة التخبط و (الانفصامية التشريعية) و (الانفصامية القانونية الوضعية) التي تعيشها اللافتات الإسلامية.. حالة نفسية معقدة ومتشابكة، تسلك (مَتَاهَة) في رحلة بحثٍ عن الذات المفقودة.

فهذه الحالة النفسية المُحْبطة المتمثلة في التخبط المفاهيمي التي تلتف حول (اللافتات الإسلامية)، نعزوها إلى الافتقار المعرفي والإفلاس الفكري وغياب المنهج المؤطر، وعدم استعانتهم بالعلوم الإنسانية والفلسفية المساعدة في استنتاج المعادلات الموضوعية من القرآن الكريم.. فمعظم أصحاب (اللافتات الإسلامية) يُنْكِرُون الفلسفة وعلومها في حد ذاتها.. ولذا يجدون أنفسهم يدورن في دائرة مغلقة لا خروج منها. بل ولأحايين كثيرة يغردون خارج السرب.

تراكمات هذه الحالة النفسية المحبطة، ساعدت على نمو العنف والتطرف داخل الجماعات الإسلامية، فأمست تتشاجر وتتقاتل فيما بينها أيضاً إثباتاً للذات المفقودة .. كحالة الصدام والمناوشات و الاحتكاك المستمر بين السلفية والمتصوفة.. فكلا الطرفين عاجز تماماً عن إثبات ذاته بقوة (العقل) فلجأ إلى قوة (العضل)، ظاناً أنه سينتصر!!.. والمؤسف جداً أن هذا العنف تطور ووصل إلى خارج الجماعة، متمثلاً في التفجيرات والاغتيالات التي يشهدها العالم هذه الأيام.

ولله الحمد والمنة.. كما له الحمد منا

 

............

- اللافتات الإسلامية: تشمل كافة المدارس الإسلامية بكل مسمياتها وتفرعاتها.

- إمامة الحرم المكي هل هي حصرياً على الجنسية السعودية والمدرسة السلفية فقط؟

نحن هنا نتساءل فقط.. فلا نهتم بهكذا تفاهات .

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم