صحيفة المثقف

علجية عيش: غياب الحوار أخلط كل أوراقه والحزب العتيد الـ: FLN مهدد بالانهيار

eljya ayshقانون الانتخابات الجديد"غِرْبَالٌ" أسقط "المعارضة" في الجزائر

ماذا بقي من التعددية السياسية أو "المعارضة" في الجزائر؟، سؤال يبحث عن جواب معقول ومنطقي،  يقنع الناخب الجزائري الذي عبر في مختلف المواعيد عن عزوفه السياسي،  ومع العد التنازلي لإجراء الانتخابات التشريعية في 2017، تستعد الجزائر لهذا الموعد بناخبيها وترسانتها القانونية، لاسيما قانون الانتخابات الجديد،  هذا الأخير الذي لقي معارضة شرسة من قبل الأحزاب السياسية الأخرى التي تأبى أن ترفع راية الموالاة  للسلطة

وتعتبر الأحزاب السياسية في الجزائر الانتخابات التشريعية القادمة محطة جديدة لاستكمال المسار الديمقراطي والإصلاحي الذي انخرطت فيه الجزائر منذ دخولها مرحلة التعددية، هذه التعددية التي كما يبدوا لم تنضج بعد، ومهددة بالسقوط، أو بالزوال إن صح التعبير، ما دفع بالمعارضة للتنديد  بما سمته بالخروقات والتراجعات المفروضة على التعددية السياسية،  كون قانون الانتخابات الجديد فرض شروطاً للمشاركة في الانتخابات البرلمانية والمحلية المقبلة، المقررة على مرحلتين، منتصف ونهاية السنة المقبلة، وهي الحصول على نسبة 04 بالمائة من الأصوات في آخر انتخابات، والحصول على نسبة من التوقيعات من الهيئة الناخبة في كل دائرة انتخابية، كما تعتقد المعارضة في الجزائر أن السلطة فاقدة للإرادة السياسية لإخراج البلاد من الأزمة، لأن أحزابها فاقدة للشرعية، وتشير في ذلك إلى الصراعات الداخلية لأحزاب المولاة وعلى رأسهم حزب جبهة التحرير الوطني، الذي يحاول أن يحتكر الساحة لصالحه، من وجهة نظر المعارضة،  خاصة خروجه في الآونة الأخيرة بمشروع "الجدار الوطني" الذي وصفته المعارضة بالمضيّق على الحريات، وأن هذا الجدار سيؤدي لا محالة إلى حالة اختناق سياسي، وهذا الموقف دفع ببعض الأحزاب إلى الانسحاب من المشروع.

فالأفلان يعيش حالة تشتت دائمة بين قادته المنقسمين إلى أربعة أجنحة (الشرعية المتمثلة في جناح الأمين العام للحزب عمار سعداني، جناح عبد الرحمن بلعياط منسق المكتب السياسي السابق، ولجنة الوفاء لعبد العزيز بلخادم، ثم حركة التقويم التي يمثلها عبد العضو القيادي الكريم عبادة، الذي كان محسوبا على التيار البن فليسي في انتخابات 2004)، وإن اختلف هؤلاء الثلاثة في طريقة إبعاد الأمين العام  الحالي  عمار سعداني عن الأمانة العامة للحزب، من خلال مساندهم للعريضة التي وقعها 14 مجاهدا، للإطاحة به وتصويب مسار الحزب، كما قال في ذلك العضو القيادي دعدوعة العياشي،  فهم لا يختلفون في ولائهم  لحزب جبهة التحرير الوطني والتفافهم حول الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، رغم وضعه الصحي المتردي والذي يزداد تدهورا يوما بعد يوم،  هذه الصراعات التي عمرها الآن ثلاث سنوات، منذ عقد دورة اللجنة المركزية بتاريخ 30 أوت 2013، لا محالة أنها ستؤدي بالحزب العتيد إلى الهاوية، بسبب هبوط مستوى النقاش السياسي بين القادة، الذي يرفض كل واحد منهم التنازل والجلوس على طاولة واحدة للتفاوض والنقاش جماعيا، و إن لم يتفطن قادة الحزب وإطاراته إلى الخطر الذي يحدق به، وظلت حالة الانسداد هذه، لاشك أن الهيمنة ستكون لصالح الحزب الغريم، إذا ما كانت النتائج في غير صالحه، ويقع له ما وقع للأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم، والطريقة التي خرج بها هذا الأخير من الحزب، وإن كان عبد العزيز بلخادم غلّب  " أصحاب الشكارة " على مناضلي الحزب، فعمار سعداني أصابه داء "الغرور السياسي"، إذ يرى نفسه أنه "الأب الروحي" لجبهة التحرير الوطني، وهذا ما أغضب المجاهدين وانقلبوا عليه، خاصة بعد تصريحاته الأخيرة التي لم ترض الجميع بما فيهم  المحيطين به في المكتب السياسي، وفي اللجنة المركزية الذين وصفوا تصريحات سعداني  بأنها غير مبنية على مقاربة فكرية، بقدر ما هي مجرد تصريحات "شعبوية" ناتجة عن صراعات شخصية.

وأمام هذا الوضع فأحمد أويحي الذي يعتبر قريب من بوتفليقة لا يفوت الفرصة في أن يكون حزبه هو الحاكم في المستقبل، كما أن أويحي قبل وبعد التعديل الدستوري لم يعد صاحب المهمات القذرة،  بل صاحب المعجزات، بحيث يسرى فيه البعض الخليفة الأصلح للرئيس بوتفليقة، فقد خلقت المادة 51 من مشروع تعديل الدستور التي تشترط إلزامية الجنسية الجزائرية دون سواها للوصول إلى مسؤوليات عليا في الدولة ووظائف سيادية العداوة بين  أحمد أويحي وغمار سعداني، الذي محاط اليوم بأعداء كثيرون، فمن جهة رفقاء النضال الذين شكلوا معارضة داخلية وطالبوا برحيله،  وأحزاب أخرى، لاسيما حزب مقري الذي سبق وأن اتهم سعداني بأنه وراء تلوث المناخ السياسي في الجزائر، وبذلك يضيع الحزب ويضيع حلم أمينه العام الذي أصبح يطمع في منصب  وزير مستشار لرئيس الجمهورية.

وباستثناء حزب تجمع أمل الجزائر "تاج"  بقيادة زعيمه عمر غول الذي يعكف على ترتيب بيته السياسي بهدوء تام، فالأحزاب الأخرى التي أعلنت مقاطعتها الانتخابات التشريعية يقول المتتبعون أن الأسباب وإن كانت تعود إلى وجود شرخ في المعارضة،  فهذه الأحزاب لا تملك وعاءً انتخابيا في الساحة السياسية،  ولو دخلت الانتخابات فلن تحصد النسبة المرجوة، فهي تدخل في خانة الأحزاب المراهقة سياسيا، يبقى علي بن فليس الذي كان يوما محسوبا على حزب جبهة التحرير الوطني، فقد اختار هذا الأخير الخروج من الأفلان مرفوع الرأس ومنتفخ الكتفين،  ليؤسس حزبا جديدا سمّاه "طلائع الجزائريين"، يواجه به خصومه الذين كانوا في يوم ما يده اليمنى و"يُشَهِدُونَ به"، ويضعونه في منصب "الإله" في انتخابات 2004، ما زال ينظر إلى الأفق بنظرة رجل فيلسوف، متفائل، بل  يعتقد أنه قائد الجزائر الجديدة ورئيس الجمهورية الحديثة، وعلى العموم فإن المتتبعون للشأن السياسي متخوفون  كثيرا من مصير الحزب العتيد، وأن هذا الأخير (أي الأفلان)  الذي تلقى على خده الأيسر ضربة في انتخابات 1997، فإنه سيتلقى هذه المرة ضربة أخرى  قوية على خده الأيمن  في انتخابات 2017، إن لم يتدارك قادته الأمور وينقذون سقف حزبهم من السقوط، فغياب "الحوار" أخلط كل أوراقه و الحزب العتيد مهدد بالانهيار، ولو وقع ما هو متخوف منه، فلا شك أن بعض الأحزاب ستتشفى في سقوط أول حزب حاكم في الجزائر،  وعلى رأسها حزب العمال وحزب نعيمة صالحي اللذان يكنان له عداءً مكشوفا .

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم