صحيفة المثقف

كريم عبد الله: أولادُ (المِعْدانْ)

karim abdulahالقصبُ اليابس يعشقهُ غبار الدروبِ الحزينةِ مِنْ (مضيفِ الشيخ شوّاي)* تأتي بهِ ريحٌ جافة يؤلمها رائحةُ اجساد الفلاحين حبالٌ القنّبِ تتزيّنُ بها شقوق معاصمهم الكثّة وجعاً حفرتها مناجل نيسان وشمس تموز اللاهبةِ سمّرتْ أوردتها الزرقاء فمضت محطّمة تغيضهم بطون خيول (الحوشيّةْ)* تتمايلُ غنجاً كــ حبّاتِ الشلبِ الناضجةِ أمامَ أعينِ نساءهم الهزيلات يشبهنَ السنابلِ المتساقطاتِ منْ جيوبِ مواسم الحصادِ تحت حوافرها اكياسهن الجائعاتِ دوماً هربت منها حتى طيور (الخْضيري وأمّْ سِكّهْ)* فهرعَ الجفاف يلتهمُ ضفافَ الهور والبيادرُ تنمو شامخةً يرافقها إذلال بعدما أنهكتْ أيامهم ضرائبٌ تقصمُ الحياة . جمهوريةُ الزعيم صرائفهم تنفستْ وتأرجحت بفعلِ قراراتها أمستْ الــ (110م)* قبوراً أخرى تزدحمُ فيها رغباتُ ابنائهم الكسيحةِ تخلّتْ الصباحات الهانئة عنْ (الـﮔـيمر والسيّاح)* مهزومةً أمامَ (المرق الأصفر)* ماتتْ في القلوبِ ذكرياتٌ تدفنُ بؤسها بعيداً تحتَ (دشاديشهم)* الخشنةِ عقيمة الأيام الجديدةِ لا تزهرُ إلاّ بمجيءِ (الكيولياتِ)* بـ ثيابهنَّ الملوّنةِ . تناسلَ الأبناءُ كثيراُ في الحروبِ وفي سوقِ (عريّبة)* راجتْ وربحتْ تجارة ُ الأقمشةِ السوداء كمْ كانَ (الشهداءُ أكرمُ منّا جميعاً)* يحرسونَ واجهاتِ بيوتهم المنخفضةِ وتقاطعاتِ الطرق المزدحمةِ بــ الأنين ..؟ ! وكمْ كانتْ ثيابُ الأمهاتِ يتعمّقُ فيها الحزن كما في القلوبِ المذعورةِ ؟!! وكمْ كانَ حمود (المطّيرﭽـي)* يطيّرُ بما تهرأَ منها لــ زواجلهِ عالياً وبعيداً يبعثُ رسائلَ غرامهِ الممنوع لــ بناتِ القطّاعاتِ المجاورةِ ولأصدقائهِ المنفيينَ هنااااااااااااااااكَ خلفَ الحدودِ ؟؟!!! .

 

بقلم: كريم عبدالله - بغداد

...........................

المِعْدانْ: سكان مناطق الاهوار جنوب العراق .

مضيف الشيخ: مكان كبير يشيّد من القصب خاص لشيخ العشيرة

الحوشيّةْ: زبانية شيخ العشيرة .

الشلبِ: الرز .

110م: من منجزات الجمهورية ان منحت كل عائلة منهم هذه المساحة لتشييد بيت وعلى أطراف مدينة بغداد .

الخْضيري وأمّْ سكّهْ: من الطيور المائية الجميلة واللذيذ طعمها تعيش في الاهوار الجنوبية في العراق .

الـﮔـيمر والّسيّاحْ: من الأكلات الصباحية المشهورة لديهم .

المرق الأصفر: هكذا كانت تتهكم جدتي عن طعام بغداد .

دشاديشهم: ملابسهم .

الكيولياتِ: راقصات غجريات يؤتى بهنّ في الافراح والأعراس .

عريّبة: سوق شعبي سمّي بهذا الاسم نسبة الى بائعة السمك السمينة جدا فيه .

المطّيرﭽـي: الشخص الذي يقوم بتربية الحمام .

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم