صحيفة المثقف

علجية عيش: وجود رجل "إجماع" يعيد قطار "الأفلان" إلى سكتة بات مطلبا ضروريا

eljya ayshالحديث عن حزب جبهة التحرير الوطني وهي في الحكم حديث معقد وشائك، لأن المتكالبين عليها يريدون محو آثارها من الساحة السياسية، اعتقادا منهم أن دورها انتهى، في ظل الظروف التي تعيشها رغم نجاح المؤتمرات التي عقدتها حتى لو كان هذا النجاح شكليا، فمنذ الإطاحة بعبد الحميد مهري، صاحب المشروع الإصلاحي داخل الحزب دخل قادة حزب جبهة التحرير الوطني في دهليز مظلم به تنين متعدد الرؤوس، وفشلت مساعيهم في الخروج منه، فقد كان عبد الحميد مهري يمثل التيار المعتدل، واستطاع بفضل خبرته أن ينقذ الحزب من الانهيار، بحيث جعل العلاقات بين القمة والقاعدة أكثر تماسكا، وكان يرى أن الجدل العقيم لا يؤدي إلى أي نتيجة، لكن أعداء الحزب حاولوا تكسير جدار هذا التماسك، وراحوا يروجون بأن مشروع الإصلاح الذي جاء به مهري ليس مشروع الأفلان، بل جاء من خارجه، فحدث ما حدث، وكان الانقلاب فيما سمي بالمؤامرة العلمية، فقدَ فيه الأفلان مشروعه الإصلاحي.

ولأول مرة تخرج من داخل حزب جبهة التحرير الوطني "حركة تصحيحية " في انتخابات 2004، تطالب بإعادة الحزب إلى سكته، فكان الوثوق في شخص المجاهد عبد الرزاق بوحارة، ليجمع بين الفريقين المتصارعين ( تيار البنفليسي، والتصحيحية) ، جاء عبد الرزاق بوحارة بقرار الأغلبية وجعلوا منه "رجل إجماع"، جاء ليدفن فتنة كانت قد تؤدي بالأفلان إلى الهاوية، جاء ليلملم جرحا اشتد نزيفه بين قادة الحزب ، لكن الأجل سبقه، رحل بوحارة عن الحياة تاركا نارا تشتعل في الأعلى وفي الأسفل، اليوم وفي غياب هذين الرجلين، ترتفع أصوات المعارضة في الداخل لإقالة عمار سعداني، وترى أن إبعاده عن الأمانة الوطنية مطلب شرعي، بعد الأخطاء التي ارتكبها وانفراديته في اتخاذ القرارات، وسوء تسيير شؤون الحزب ، مما أدى إلى تراجع دوره على كل المستويات.

ولأول مرة كذلك ، و منذ الاعتراف بجبهة التحرير الوطني كحزب سياسي تُغْلَقُ "صحيفةً" كانت ولا زالت لسان حال حزب جبهة التحرير الوطني، وهي صحيفة "المجاهد الأسبوعي"، وصحيفة أخرى مهددة بالإفلاس، دون أن يتحرك الأمين العام عمار سعداني في حل الأزمة التي عصفت بهذه الصحف، ما يمكن قوله هو أن المتربصين بالأفلان كانوا قد كشروا عن أنيابهم منذ ندوة بوروبة التي انعقدت في مثل هذا الشهر (14 أوت 1990)، وطالبت فيها بعزل جبهة التحرير الوطني عن منظماته الوطنية والجماهيرية، باسم التعددية ، وقد نجحوا في ذلك ، وتمكنوا من الاستيلاء على بعض المنظمات الوطنية لصالح أحزاب أخرى ومازالوا يخططون لتخريب منظمات وطنية أخرى منضوية تحت لواء الأفلان، كانت التعددية الرصاصة الأولى التي تخترق صدر الأفلان بعدما كان الأوّل من أطلق الرصاص ضد الاحتلال الفرنسي، هذه التعددية التي تنكرت لمبادئ الجبهة فشلت في أن تحمي نفسها من الفتنة ، فدخلت في فوضى عارمة، وهي تخشى اليوم أن تتكرر تجربة الانتخابات السابقة (انتخابات 91 و97) انقلبت فيها الجزائر رأسا على عقب، وبخاصة جبهة التحرير الوطني.

المتتبعون للشأن الحزبي داخل الأفلان يؤكدون أن الجو داخل الحزب العتيد لا يحسد عليه، فاتساع دائرة التراشق بين قادة الأفلان والبيانات التي تحمل الفضائح تزداد اتساعا على نطاق واسع، وهو أي الأفلان في حاجة إلى "رجل إجماع آخر" يعيد قطار الحزب الى سكته الصحيحة، وفي حالة ما تعذر الحصول على رجل الإجماع ـ بسبب انقسامات القادة ، وتشكيل أجنحة معارضة، فإن عمار سعداني مطالب اليوم بالتنازل على كرسي الأمانة العامة، وأن الخروج منها بات أمرا حتميا ، باعتبار أن هذا المنصب له رمزية سياسية ودبلوماسية كبيرة ، وذلك حفاظا على سمعة مؤسسات الدولة، وتفاديا لأي انزلاق قد يؤدي بالأفلان إلى ما لا يحمد عقباه .

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم