صحيفة المثقف

بكر السباتين: ما بين رعونة كوريا الشمالية واستكبار "إسرائيل" تجربة تربك العم سام

 bakir sabatinكوريا الشمالية المثيرة للحدل من خلال عربدتها في أقصى شرق آسيا دون إيلاء أي اعتبار لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية في كوريا الجنوبية التي تعتبر بالنسبة لأمريكا كالكيان الإسرائيلي في الشرق الأوسط، واليابان الذي يعتبر من أكبر شركائها الاقتصاديين في العالم، فإنها تتجاوز المعقول في لعبة الأمم. فكيف يفهم السلوك الكوري الشمالي في أكثر مناطق العالم حساسية،

وهنا ينبغي أن نقف على تقديرات الخبراء المراقبين الذين ردّوا الأمر إلى اعتبارين أساسيين قد يفسران تعنت بيونغيانغ اللامبالي للأمم المتحدة كما يفعل الكيان الصهيوني إزاء القرارات الدولية المتعلقة بالملف الفلسطيني، والتخبط الأمريكي في التصدي لظاهرة الرئيس الكوري الشمالي كم جونغ أون خلافاً لموقفه المؤيد للعربدة الإسرائيلية التي يغض الطرف عنها:

أولهما أن الترسانة العسكرية الكورية الشمالية ما زالت تمثل لغزاً يلجم شهوة أمريكا نحو التعامل معها عسكرياً كما هو دأبها في كثير من المناطق الساخنة في العالم ومنها الوطن العربي، رغم أن التجارب العسكرية التي تجريها كوريا تهدد كوريا الجنوبية التي هي بمثابة "إسرائيل" بالنسبة للغرب.

ثانيهما أن التقديرات النفسية للرئيس الكوري الشمالي تؤكد على تعامله مع المواقف من باب العظمة ما سينعكس على قدرته في اخاذ قرارات عسكرية مجازفة قد تطول كل المصالح الأمريكية في أقاصي شرق آسيا، وهو ما لا يرغب به حلفاء العم سام، لكن ما تستطيع فعله أمريكا إزاء ذلك لا يتعدى اللجوء نحو تصعيد الموقف من خلال الأمم المتحدة فيما لم يزد ذلك من موقف كوريا الشمالية إلا تعنتاً.

ففي هذا السياق أجرت كوريا الشمالية، يوم أمس الأربعاء 4 أوغسطس، تجربة إطلاق صاروخ من غواصة قطع 500 كيلومتر باتجاه اليابان في تطور وصفه خبراء الأسلحة بالخطوة الواضحة نحو تحقيق طموحات بيونج يانج بتسديد ضربة نووية.

وكانت كوريا الشمالية قد أحرت سلسلة من اختبارات الصواريخ البالستية من غواصات، كان أحدثها في ابريل ويوليو بدرجات متفاوتة من النجاح.

وعقد مجلس الأمن الدولي مشاورات، مساء أمس الأربعاء، بناء على طلب الولايات المتحدة واليابان بعد إطلاق الصاروخ، كما أفاد دبلوماسيون، وعقدت المشاورات في جلسة مغلقة في نيويورك.

والنجاح المثبت لنظام صواريخ بالستية تطلق من غواصات يمكن أن يحمل التهديد النووي الكوري الشمالي إلى مستوى جديد، يمنح كوريا الشمالية القدرة على ضرب أهداف خارج شبه الجزيرة الكورية وتسديد "ضربة ثانية" للرد في حال الهجوم على قواعدها العسكرية.

ففي سياسة الرعب تتعامل كوريا الشمالية وفق مبدأ أن القوة لا تواجه إلا بمثلها، من هنا يقوم الرئيس الكوري الشمالي كم جونغ أون بإحكام قبضته الحديدية على العقل الكوري الشمالي وإيهامه بأن لا خلاص له إلا بمواجهة العالم الذي يتربص به من كل حدب وصوب..ويعزز من سياسة الارتياب بالآخر من خلال منظومة قيود لا تسمح للكوريين إلا تنفس الهواء الذي ينتجه النظام المستبد، ما يذكرنا بعصا ستالين الغليظة التي حجمت من تأثير المعارضة المندرجين لديه في قائمة العملاء، وحقق من جراء سياسته الاستبدادية معدلات نمو جعلت من بلاده القوة العظمى التي تنافس أمريكا. وهو كما يبدو ما يحلم به كم جونغ أون الذي حققت بلاده تقدماً تكنلوجياً ما لبث يخيف أمريكا وحلفائها المتربصين .

ربما لا تتوافق التنمية الحقيقية مع الاستبداد لكن العالم الحر الذي يكيل بعددة موازين في نظر كوريا الشمالية قد يستحق ما هو أكثر من ذلك.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم