صحيفة المثقف

قصي الشيخ عسكر: روما

qusay askarكنت أدندن وحدي وأناغي

 كسرة خبز تلهف خلف الأفواه

 


 

روما / قصي الشيخ عسكر

 

ثانيةً

كانت روما تمثالا

من خبز أسود يزحف نحوي

تأخذني

رمحا

تغرزه في خاصرة المدن الأخرى من حولي

لاوقت لدي ولا

جهةً أخرى

إني أهبط من بلد آخر

بات غريبا عني

كانت، ساعتها، روما

تهرب من عينيّ إلى صدري

تحميني من نفسي

باتت تحرسني منها

حتى تغرزني كالشوكة في أكثر من رؤيا

فأراها

جنديا يحرق دلهي

وعصابات تخرج من أفواه افاع

تزحف نحو الشرق تطيح بكل الأرض كما تفعل في قلبي

لم آلفها

لفتة خبز متعبة

لاحت لغريب يبحث عن مأوى

ولعلي آنست رحيقا منها

يتوحش مثل الغيم على عيني

ياعبق الماضي

قدرٌ لابد ويأتي

من عمان ومن  لندنَ.. باريس ودلهي

أو….

قدر وحده مثلي

يدخل كل المدن المنكوبة في القرن الحادي والعشرين

أهرب مني أم روما؟

في كل مكان أبصرها

تقلع عيني

بغداد انحسرت عني نحو الموت

و الدار البيضاء على بعد مني جاءت تتمطى

نرجسة ً من قلق مسعور

ياعبق الماضي

هذه تونس عذراء بلا نهدين فلا

قمرٌ يرضع من واحتها حيث توارى

سحر الشرق وكيف تلاشت طهران ومكة أم بيروت أمامي

وانا لم اتحرك بعد؟

بيروت تناديني

أقطف من ساحتها طاقة ورد

أنثرها في المرجة والبعض الآخر أمنحه

للمدن الموبؤة بالعشق…

لا تهرب قالت كل الشرق أنا والغرب

قالت روما

لم اعرف ألا حدَّ لها

اللحظةَ أسكبها

في مقصلة

تجثم كالنمر المخلوع المخلب والناب أمامي

تتشبث بي ألا أنفيها مني

بغداد دمشق وصنعاء…

لاحد لها

لاتهرب

حيث  تحلُّ أنا خلفك أو قدامك

آتيةٌ

عن يمناك ويسراك

أين تحلّ فثمت عطر من روما

في كل زمان ومكان

وأنا

لاوقت أمامي

إلا أن أصبح تمثالا يحمل رمحا

أنظر نحو الأفق الممتدّ أمامي وأدندن وحدي

لك ِ كل الأرض فكل مكان أضحى روما

في كل زمان تأتيك فقف كالتمثالْ

كنت أدندن وحدي وأناغي كسرة خبز تلهف خلف الأفواه

ولعلي كنت نسيت بأن المدن الأخرى راحت تزحف نحوي!

 

روما 13-8-2010

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم