صحيفة المثقف

وداد فرحان: مليون جائع!!

wedad farhanإذا غاب العدل بطلت الأحكام وجار الحاكم. فالعدل معنى عظيم، نتمناه ونطمح إليه، رافضين الظلم والجَوْر الذي يقع على بني البشر دون استثناء.

العدل والإنصاف يحققان الأمان ويصونان حقوق الناس وما يملكون. وإن نهوض ورقي الأمم مرهونان بتحقيق العدل؛ وليس في تطبيق القانون.

ان المحاكم تضع خلف القضاة شعار "العدل أساس الملك" فمتى أصبح العدل قائمًا بين الناس ترقَّبوا الخير بتطبيقه.

ان عدم تحقق العدل والانصاف في العراق ولّد ظاهرة اطفال الشوارع وهي من أخطر الظواهر الجديدة في مجتمع يرجى منه تطبيق كل القيم الإنسانية والأخلاقية.

ان من العدل قبل الحكم أن توفر الحكومة المتخمة موائد لهؤلاء الأطفال يسدون فيها جوعهم، ويفتحون عيونهم الى مستقبل جديد.

لقد أحصت منظمة اليونيسيف اعداد اطفال الشوارع بما يقدر بمليون طفل عراقي. يا إلهي!!!

مليون طفل يشكلون مشاريعا مخيفة في المجتمع ما لم يحتويهم الوطن.

ومن بين المليون جائع، يحكم على مصطفى وجدان خلف ويطلق عليه "الجانح" لأنه مد يده ليسد رمقه. طفل تدمع العيون وتحرق الفؤاد صورة براءته وهو يحمل علب المناديل الورقية يجوب بها الشوارع المرعبة ينجو من سيارة مفخخة هنا، واهانة هناك، وهدر لكرامته كطفل بريء من شقاوات الورق.

انتفخت رئتا القاضي وهو يصدر الحكم بقوة وبلا خوف، لأول مرة.  يصدر الحكم وهو واثق أنه لن يُهدد ولا يطلق عليه الرصاص ولا يفصل من حزبه لأن مصطفى واحد من مليون طفل لا يجمعهم سوى الجوع والبحث عن مأوى.

عاش العدل وعاش القضاء في استرداد علب المناديل الورقية المغصوبة، في طريق استرداد المليارات المنهوبة وإصدار الأحكام الصاروخية بسراق الوطن.

 

وداد فرحان - سيدني

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم