صحيفة المثقف

علجية عيش: ظاهرة التشيع في الميزان.. موقف العلماء المسلمين من الصِّرَاع السُّنِّي الشِّيعِي

eljya aysh (الإمام الغزالي كانت تربطه علاقة صداقة مع الشيعي محمد جواد مغنية)

جل الكتابات تجمع على أن الذين يتجادلون في مسألة " الشيعة والسنة" هم أصحاب النظر القصير والرؤية المحدودة، وبدلا من أن يلتفوا وراء قضية واحدة وهي نصرة الإسلام ومحاربة أعدائه، من صليبي وهندوسي وصهيوني ووثني، والإبادة الوحشية للمسلمين في فلسطين وكشمير وبورما، هم يعملون على زرع الفتنة بين المسلمين والتفرقة بينهم، وهم بذلك يحققون حلم اليهود، ولكن المسلمين مازالوا في نوم عميق كما قال الإمام محمد الغزالي

الصراع السني الشيعي قضية فصل فيها علماء مسلمون، فحسن البنّا مؤسس حركة الإخوان المسلمين نهى عن الدخول في مثل هذه المسائل الشائكة التي لا يليق بالمسلمين أن يشغلوا أنفسهم بها لأنها تزيد من توسيع الهُوَّةِ بينهم، وهو كسائر أهل "السنة" يهمّه أن يتقارب المسلمون وينبذوا ما بينهم من خلاف، وتجنب البنّا الحديث عن الشيعة راجع إلى انقسام هذه الفرقة إلى فرق أخرى، بعضها ذهب بها التعصب إلى حد الانحراف الفكري، وقد تحدث العديد من الباحثين عن تاريخ نشأة فرق الشيعة، ومنهم الدكتورة عواطف العربي شنقارو، في كتابها "فتنة السلطة .. الصراع ودوره في نشأة بعض غلاة الفرق الإسلامية" عن دار الكتاب بنغازي ليبيا، وقالت أن العراق كانت الأرضية التي نبتت فيها أكثر الفرق الإسلامية خصوصا فرق الشيعة التي بلغ عددهم 27 فرقة، فمنهم: العلويون، عندما أنذر النبي (صلعم) عليا من عشيرته الأقربين، فكان هو الخليفة المختار، وفرقة "الكيسانية" وهم من الشيعة الغلاة الذين يقولون أن روح الله صارت في النبي، وأن روح النبيّ صارت في علي، وروح علي صارت في الحسن ثم الحسين وهكذا..، ثم تفرعت فرق أخرى، بحيث نجد فرقة الخناقون، الرافضة، الجناحية، البشيرية، الزيدية، المفضلية، المعمرية، الإسماعيلية، نسبة إلى إسماعيل بن جعفر الصادق، ويطلق عليهم اسم " الواقفة" كما يسمون بـ: "السبعية"، ولهم ألقاب أخرى مثل العقل الحجاب، القرامطة، المزدكية والتعليمية، الخطابية والبزيغية وهم أصحاب بزيغ بن موسى، ثم الإمامية وهم الإثنى عشرية، فيما يقول آخرون الثمانية عشرية، كما نقرأ عن البيانية، الحربية، المنصورية والفريدية وغيرها..، ثم تأتي "السبئية"، التي يرى أصحابها أن عليا رضي الله عنه إلهًا (والعياذ بالله)، وكل الفرق الشيعية تتبرأ من هذه الأخيرة .

و لتعدد الفرق الإسلامية وقف الإمام محمد الغزالي رحمه الله، إلى جانب حسن البنا، حيث أكد في إحدى تصريحاته، أنه لو كان يستطيع إرسال فرقة من السُّنَّة لمناصرة "الشيعة" في حربهم مع بعث العراق لفعل ولكنه لا يستطيع، وموقف محمد الغزالي واضح عندما قال : " إن كثير من أهل العلم لديهم صورة عن الشيعة نسجتها الإشاعات والفروض المدخولة، ويذهب بالقول "أن الصراع الشيعي السني هو صراع سياسي أكثر منه ديني"،  وقد تكلم الإمام محمد الغزالي عن الإمام حسن البنا مطولا في كتابه " في موكب الدعوة" عن دار الهناء للطباعة والنشر والتوزيع الجزائر، عندما قال في الصفحة 215 وهو الذي تعلم في مدرسة حسن البنا : " لقد كان حسن البنا واحد من علماء كثيرين ظهروا في العصر الأخير، علماء لهم فقه جيد ودروس رائعة في الإسلام"، وهذا ما يؤكد ان علماء السنة دعوا إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية، لأن الأمة الإسلامية كما قال الغزالي في وضع يفرض عليها سرعة اليقظة، لأن الذئاب تتعاوى من كل ناحية كي تنهشها، ويعود دفاع الغزالي عن حسن البنا لانتمائه في بداية حياته إلى جماعة الإخوان المسلمين عام 1938 م، وتم اعتقاله في جبل طور عام 1949 مباشرة بعد اغتيال حسن البنا.

و يجمع أغلب المختصين في الفكر الشيعي أن "الإمامية" هي الفرقة الأكثر اعتدالا، لأنها تؤمن بالله ربا وبمحمد نبيا ورسولا وبكل ما جاء به من عند الله، وهو ما أشار إليه الدكتور محمد سليم العوّا في دراسة له وقف على العلاقة بين السنة والشيعة وهي دراسة نشرها في كتيب يحتوي على 61 صفة عن بيت الحكمة بمصر، واستشهد صاحب الدراسة بفتوى العلامة الشيخ يوسف القرضاوي، عندما قال: " ويجمع بيننا وبين إخواننا الشيعة الإمامية الإيمان بالقرآن كتابا منزلا من عند الله"، وهذه شهادة تأييد للإمام حسن البنا والإمام محمد الغزالي، وهؤلاء الثلاثة معروف عنهم بالحكمة والتعقل في إصدار الفتاوي،   فيما ذهب البعض بالقول أن الإمام حسن البنا كان متقاربا مع الشيعة عن جهل، ومن الذين انتقدوا الإمام حسن البنا الدكتور عبد الله بن عبد الله الموصلي في كتابه " حقيقة الشيعة" صدر بالقاهرة، وبحسب صاحب الكتاب، فإن الإمام حسن البنا، لم يقم بالبحث والتنقيب في كتب الشيعة القديمة التي عليها مدار مذهبهم، ولم يكتف الدكتور عبد الله بن عبد الله الموصلي من انتقاد البنا، بل سلط قلمه النقدي على الإمام محمد الغزالي عندما قال انه لم يكن فطنا ولا حكيما فيما أقدم عليه، لأنه لم يفرق إذا ما كانت إمامة الإثنى عشر المعصومين من أصول الدين أو من فروعه عند الشيعة، ويعتقد هذا الكاتب أن الإمام محمد الغزالي كان ضحية "خدعة"، لأنه كانت تربطه علاقة صداقة مع شيخ شيعي اسمه محمد جواد مغنية، وكان الغزالي لا يعلم أن هذا الأخير (مغنية) يتعامل معه بالتقية للحصول على مكاسب مذهبية.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم