صحيفة المثقف

عبد الجبار العبيدي: لماذا الحسين بن علي دون الآخرين؟.. بمناسبة عاشوراء الخالد

abduljabar alobaydiشخصيات كثيرة، وعظماء اكثر مروا بحياة الامة العربية الاسلامية،لكل منهم مؤيد ورافض، لكل منهم محب وباغض، لكل منهم مقرب ومباعد، لكن الكل يتفق ان شخصية الحسين بن علي ممن تتصف بها صفات المتميزين .فلا احد منكر لها، ولا احد مباغض، لها ولا احد مباعد لها .بل الكل ومن مختلف الفرق والاتجاهات تجمع على ان الحسين شخصية انفرد بها التاريخ عظمة وأجلالا وتقديرا.. لا...، لانها من أهل البيت ومدرستهم العظيمة،لكن لانه من الذين تركوا نظرية لا ترفضها العدالة والاستقامة ومصالح الشعوب ابداً،وهذا ما نلاحظه ونقرأه في كتب الفرق الاسلامية المتعددة.. وان أختلفت في التوصيف...؟

من حق الشعوب ان تعتني بعظمائها، وكبارمفكريها،وراودها الاحرار، فتقيم لهم التماثيل،وتشيد لهم النصب، وتُدرس حياتهم للاجيال، لانها ترى في ذلك دعما لحضارتها، وتشيدا لدعوتها، فدراسة حياة هذا الرجل تأتي من هذا المنطلق المنشود ليعود لواؤها يخفق على الامة من جديد بعد ان بني لها ترسانة فكرية يمكن الاعتماد عليها في تربية الاجيال الحاضرة والقادمين..

هذا الامام الحسين الفذ،الذي عاش بين الفقراء وكان ضد الفقر، ومع المحرومين وضد الحرمان، ومع الجماهير وضد الطغاة . كان ابن علي وفاطمة الزهراء الصافية النقية،ترعرع في بيت النبوة وشرب من مائها العذب واخلاقها السمحاء وطريقها المستقيم. فشب شجاعا مثل ابيه وجده،عالما مثلهم،عشق الله والحق والعدل،فخالطت مفردات حياته الشريعة السمحاء كل مكارم الوفاء والاخلاق، والفعل دوماً دليل الاصل، لذا اراد ان يسخرها لقيم العدالة، وحقوق الشعوب في تقرير المصير حتى يوم استشهاده في معركة الطف باقية الذكر محفورة في رؤوس المخلصين للحق والعدل والاوطان. وهو يقول:

والله لن أستسلم الا للحق وحقوق الناس...؟

منذ بداية نشأة الكون على الارض،تولدت نظريتان،الاولى نظرية الاستبداد والضعف ممثلة في اللاقانون، ونظرية القوة والعدل ممثلة في القوة العادلة والقانون . خطان مستقيمان لا يلتقيان ابداً. يبقى الاول مُساند من كل الذين طغت المادةعلى افكارهم وتصرفاتهم وباعوا الاخلاق والوطن،ويبقى الثاني مُساند من كل النفوس العفيفة التي رأت في أنسانية الانسان طريقا لها. وتقف عاد وثمود، ومن لف لفهم عبر الزمن لتنتقل الى قريش ودول الاستبداد والاستعمار فيما بعد والى يومنا الحاضرحيث رواد التغيير في العراق الذين يشهدون على انفسهم بالفساد وهم لا يشعرون..قاتلهم الله والحسين معا..؟، رغم تغيرالتاريخ والزمن .ويقف نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد والصحابة واهل البيت في خط الاستقامة والى الابد، رغم تغير التاريخ والزمن. والحسين كان واحدا منهم.

هذه النخبة جاءت من مدرسة منهجية ربانية لا تتغير ابدا. فلا هوى يغيرها ولا قوة ترهبها،

وكما قال ابوه الامام على(ع) : لا تخف يا أخي ان كنت مع الحق،(فان صوتا واحدا شجاعاً اكثرية).ان الموقف الحسيني في كربلاء اخرج العقيدة الى المفهوم المطلق العام (ان الله هو العدل الذي لا يجور). ومع الاسف فأن من يدعون انهم اصحاب الحسين هم الذين ظلموه حين حولوا نظريته في العدل المطلق الى شعارات وشعائر جوفاء يرددونها في كل سنة دون تطبيق. وفي اوقاتها المعينة بعد ان يجنوا منها الثمر. ونحن نقول وبملىء الفم، أنهم الطارئون على الحسين ونحن اصحاب الحسين الخلص له ولمبادئه العظيمة،وسنبقى الى ابد الابدين مخلصين .

من هنا فأن قضية الامام الحسين هي ليست القضية التي سمعناها ونسمعها كل سنة في المجالس الحسينية المنغلقة الفكر والتفكير،انها قضية الصراع الازلي بين نوح واصحاب السفينة وبين قومه الخارجين عليه وعلى السفينة،فهل سيعي أصحاب الحسين ومحبيه الاهداف العظمى الرفيعة التي جاء بها الحسين..

سلطة غاشمة في العراق تحكم،وبنظرية أهل البيت تدعي،اذن لماذا لا تخرج على المآلوف الخاطىء لتفهم الناس ان الحسين لكل الناس لا لبعضهم ؟ وللمبادىء لا لنقيضها ؟أهو نقص في التصرف،أم خوف ممن يقودون نظرية الوهم ؟ نتمنى ان نسمع جواباً لها ولو أننا عجزنا عن الخطاب دون جواب؟ فهل من يحكمون الان من اصحاب نظرية الوهم ام من اصحاب نظرية الحسين؟ لقد شبعنا كلاماً في الحسين واهل الحسين وحتى من مراجعهم الكبار،

نريد تطبيقا فهل يسمعون ولا زلنا في خانة المظاليم؟

وبينما انا هنا حيث حرية الكلمة والقلم،قلت في نفسي والافكار تراودني،والحب لهذه الشخصية العطيمة التاريخية الفذة يؤججني،لربما اراد لي الله ان ادرك مقصدي،وان اكتب فيه هذه الكلمة الموجزة التي لا تفي حق قدره،فهو مكسب لي اكثر من أملك كنوز الدنيا كلها،فلك مني يا شهيد الطف في كربلاء المقدسة الحب والاعجاب والوفاء لكل خطوة مشيتها من مكة الى حيث العز والبقاءالخالد كربلاء،وكل مناصرة ناصرت فيها كل مظلوم.

فسلام عليك ياحسين يوم ولدت ويوم أستشهدت ويوم تعود، لتملأ الارض عدلا بعد ان مُلئت ظلماً وجوراً.

 

د.عبد الجبار العبيدي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم