صحيفة المثقف

وردة بية: فاتن حمامة.. طموح مرأة عربية

warda baya"فنانة وضعت السينما وجها لوجه مع قانون الأحوال الشخصية البائد في مصر.."

 القوى الناعمة أو الثروة القومية في مصر أسطورة  كما الأهرامات، صنع مجدا لتبني أمجاد بلادها.

فمصر أم كلثوم، فاتن حمامة، عبد الحليم، زكي نجيب محمود، العقاد، مصطفى مشرفة والكثيرون الذين لا يتسع المجال لذكرهم واحدا واحدا.. كانوا أهرامات مصر الحديثة ..فلا يكاد يذكر اسم المحروسة، إلا وترتسم  في الأذهان صور هؤلاء الكبار الذين أصبحوا بفضل عبقريتهم  مشاهير الأمة العربية قاطبة..

نقول هذا، ونحن نخصص اليوم زاوية متواضعة لسيدة الشاشة العربية الفنانة القديرة الرائعة فاتن حمامة، التي رحلت علينا منذ أيام..

رحلت صاحبة التاريخ الكبير، الطلة البهية، والصوت الطفولي عن عمر ناهز 84 سنة فأعلنت مصر في عهد السيسي الحداد لمدة يومين حيث نعتها الرئاسة في بيان جاء فيه: ".. إن مصر والعالم العربي فقدا قامة وقيمة فنية مبدعة، طالما أثرت الفن المصري بأعمالها الفنية الراقية. وستظل الفقيدة رمزاً للفن المصري الأصيل وللالتزام بآدابه وأخلاقه"....

وحزنا على رحيلها، لم يتخلف الرئيس الفلسطيني عن نعيها فارسل لها باقة ورد كتب عليها "وداعا سيدة الشاشة العربية.. فخامة الرئيس محمود عباس" . كما شارك في الجنازة سفير المغرب كنائب عن الملك...

لم تكن لتصل الى هذا المستوى من الاهتمام الشعبي والرسمي لولا عبقريتها التي كانت بمثابة طابع بريدي محفورة في الوجدان العربي. 

 تنتمي الراحلة الى جيل وصل إلى المجد عبر السلّم الفني ..زمن الصعود،  فلم تحرق مراحل الوصول،مثلما يفعل الكثيرون  اليوم في زمن الرداءة والهبوط..! فالكبار علمونا دائما، أن الوصول وسيلة وليس غاية ..

 تفجرت موهبتها في سن التاسعة أمام العملاق محمد عبد الوهاب، ومن يومها سجلت وهي مرفوعة الهامة تاريخ السينما المصرية، بأمجادها وما حققته في كل المنطقة العربية. وصنفت أفلامها ضمن أهم وأبرز العلامات الفنية أثناء الزمن الجميل.. فهي قيمة أخلاقية أولا، قبل أن تكون فنانة الصف الأول.

شكلت بسلوكها وفنها معا طموح المرأة العربية، ابتداء من دور الفلاحة، الى الأرستقراطية..  ومثلت "ضمير أبلة حكمت" فاختزلت من خلاله ضمير أمة بأكملها..

وفي هذا الاطار، نذكر أن إحدى أكبر شركات الاتصال عرضت عليها المشاركة بصوتها في الترويج لمنتوجها مقابل مبالغ طائلة، فقالت لهم : "أنا فنانة وصوتي واسمي مش للبيع"..!  فرفضت في زمن لم يعد فيه أحد يرفض، ,أرسلت لهم بردها اشارات الرفعة والكبرياء، وكأنها تقول لهم : لكم جيلكم ولي جيلي.

ومثلما أسماها جمال عبد الناصر بالثورة القومية، قال عنها الناقد الكبير طارق الشناوي أنها "تملك موهبة مصحوبة بعقل يوجه البوصلة للاتجاه الصحيح.. فهي موهبة وعقل معا، اختارت أفضل الأعمال الفنية، وتبنت من خلالها  القضايا الاجتماعية، ولم تركن يوماً للابتذال".

جاء فيلمها "أريد حلا"، في المرتبة الـ "21" لقائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية على الاطلاق، لأنه أول فيلم عربي حطم المحظور ووضع السينما وجها لوجه مع قانون الأحوال الشخصية البائد، وفجر لأول مرة قضية اجتماعية بالغة الخطورة وهي قضية الخلع.. من خلال المشهد الذي دار بينها وبين وزير العدل، عندما اشتكت للوزير، وقالت له:" إن الرسول جاءت له زوجة ثابت بن قيس، وقالت لا أعترض عليه في خلق أو ديـن، وإنما لا أطيقه بغضاً، فأمر الرسول بتطليقها".وعلى خلفية الفيلم والضجة الكبيرة التي أحدثها آنذاك، قرر الرئيس السادات تغييـر قانون الأحوال الشخصية سنة 1978، ليُسن قانونا جديدا ينصف فيه المرأة المطلقة في مصر ..

فتحية اجلال واكبار الى روح فاتن حمامة..

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم