صحيفة المثقف

قصي الشيخ عسكر: الحسين

qusay askarتجلت كربلاء  بكلّ عصر

وأرض فالوجود لها قرين

 


 

الحسين / قصي الشيخ عسكر

 

ليومك هيبةً تقف السنين       وتجثو عند مصرعك القرون

فما ضلّ الزمان وأنت فيه    فأنت   القلب منه   والعيـــون

ويومك كالوجود قديم عهد       وأصدق وعده   خبر  يقين

تلألأ بالعيون  يتيه دمعا              لينذر أنّه الزمن الحزين

وجرحك لم يزل فينا شعارا                تملته عزائم لاتلين

وأنت على جبين الدهر وحي   به تنفى الهواجس والظنون

وروحك منذ بدء الخلق رفت  فماج الصمت واضطرب السكون

توارثها لهابيل نجيع                 ولم ينضب لها أبدا معين

وأدرك بعضها طوفان نوح     فلم تغن القلاع ولاالحصون

وناشد يومها يحيى فلبت           وقد قلّ المناصر والمعين

وطافت بالمسيح على صليب        فأنّ بها وماسكن الأنين

ترفّ بروحه أغصان حبّ    فتظمأ حيث تخضرّ الغصون

ليؤويها العراق بدجلتيه         ويسكن روعها صدر حنون

وجدناك الجروح تصير سفرا  لئن جفت من الدمع الشؤون

فيحمي أمة سبط شهيد                 ويحمي أمه سبط جنين

دم في كربلاء بيوم بدر           وقد كثرت على بدر ديون

وتعرفك الأقاصي والأداني      وأن طريقك الدرب الأمين

ضريحك إن أصاب الناس خطب  وجدنا أنه الحصن الحصين

نلوذ فثمّ مرساة الأماني              وعهد الله والحبل المتين

فأن ينزل بنا خطب فإنا          أبا الأحرار باسمك نستعين

تجلت كربلاء  بكلّ عصر        وأرض فالوجود لها قرين

تلاشى الكون فيها فانتضته          كما يرتدّ من وجع أنين

فكانت صحوة في كلّ نفس     علاها من غبار اليأس حين

فما رضيت لنا بالضيم نفس   وما انطبقت على ذلّ جفون

لغير الله لم نركع ومنا               لغير الله لم يسجد جبين

فما الدنيا سوى وهم كبير    يراود من يخاف ومن يخون

وشاء الحظ أن نبقى شتاتا        ويعلو صفونا كدر وطين

ليخرس للعروبة أي صوت   وينطق باسمها نكس هجين

فتحكمنا لصهيون ذئاب               بكلّ دم زكيّ تستهين

أراد الحاقدون ليغرقونا       وشاء الحظ أن ينجو السفين

وقد هدّ الطغاة وماوهنا       وإن ضجّ المقابر والسجون

فلم تسلب سماحتنا المأسي           ولم ينزل بنا حقد دفين

ولم يجنح بنا للعنف نهج           إذا جنح اليسار أو اليمين

ولم نفقد توازننا بعصر ٍ             تحكم في أزمته الجنون

فأدركنا الوجود وقد تناهى         بمعنى إذ نكون ولانكون

ليكتب سفرنا شرف مصون   ويخزي غيرنا شرف طعين

فعند دم لنا يهراق دوما              تجلى الله والفتح المبين

سنفنى والوجود إلى زوالٍ        وفي ذِكراك يبعثنا الحنين

 

الحسين

أنت الربيع بكل أرض يورق    يهب الحياة نزيفك المتدفق

أي الملاحم لم تشنها فرية       لتظل وحدك بالحقيقة تنطق

تلك المآثر لامراء يشوبها     ماضرّها إن زوروا أو لفقوا

كم من يزيدٍ ياحسين بعصرنا   متعطشٍ بدم الضحايا يلعق

هذا العراق تلقفته زمرة            فمغرِّب لزمامه ومشرِّق

يتبجحون بكربلاء وإنها          عهدٌ بذمتهم يصان وموثق

المرجفون الخادعون تهاتفوا    باسم الحسين إذ المخاطر تحدق

حتى إذا انتهت المناصب عندهم  ساءت صنائعهم وساء المنطق

حلق بنا يانسر إنا أمة           أبدا غراب الشؤم فيها ينعق

فبكل عين أنت نور يشرق     وبكلّ قلب أنت نبض يخفق

لتكون وحدك أمّة في واحد    فلك السيادة والولاء المطلق

 

 *القصيدة الأولى كتبتها قبل عشرة أعوام وأذيعت من بعض الفضائيات والقصيدة الثانية قبل عام.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم