صحيفة المثقف

علجية عيش: جمعية الشِّعْرَى لعلم الفلك تطلق النار على جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

eljya ayshطالب الدكتور جمال ميموني رئيس جمعية الشِّعْرَى لعلم الفلك في الجزائر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أن تتراجع عن بيانها الذي تدعو فيه إلى الاحتفال بعاشوراء يوم الثلاثاء بدل اليوم المعلن عنه رسميًّا من أجل تجنب "الفتنة" لأنّه مؤسّس على اعتبارات خاطئة بشكل واضح وهذا طبقا للمبدأ نفسه المعلن في تبريرهم من أجل تأكيد فتواهم، لأنه كما قال فإن الأمة الإسلامية ليست لها تقويم هجريّ موحد

ندد الدكتور جمال ميموني رئيس جمعية الشِّعْرَى لعلم الفلك ورئيس قسم الفيزياء بجامعة منتوري قسنطينة ( 500 كيلو عن العاصمة الجزائرية) ردة فعل بعض جمعيات المجتمع المدنيّ حول التواريخ المعلن عنها من طرف وزارة الشؤون الدينية لكل من أول محرّم وعاشوراء، وقال أنّ تصريح وزير الشؤون الدينية على أن اختيار يوم الفاتح من محرّم آخذا بعين الاعتبار عطلة نهاية الأسبوع من دون ذكر سياقه العلميّ والشّرعيّ لم يكن مناسبًا، كما أن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين لم تتعامل بحذر وحكمة مع القضيّة، وعلى وجه الخصوص في جوانبها العلمية والتاريخية، وقال الخبير في علم الفلك أن ردّة فعل تلك الجمعيات من الناحية العلميّة لا أساس لها، وأشار أن تبرير وزارة الشؤون الدينية لهذا التغيير المزعوم لتاريخ الفاتح من محرّم غير مناسب، فضلاً عن ذلك، فتحت الباب لبعض التفسيرات غير الملائمة، وفي واقع الأمر فمنذ الاستقلال، الجزائر تعتمد تحديد الفاتح من محرّم على التقويم الهجريّ الذي تضعه وزارة الشؤون الدينية، وليس اعتمادًا على رصد الهلال، باستثناء بداية شهر رمضان ويوم عيد الفطر اللذين كانا يحدّدان انطلاقا من رصد الهلال الذي تتولاه لجنة الأهلة التابعة لوزارة الشؤون الدينية، ما يعطي لحدّ ما طابعا غريبا لهذا الجدل العقيم هو أنّ تاريخ الفاتح من محرّم معروف مثل كلّ سنة مسبقًا، وبشكل مؤكد في بداية كلّ سنة هجريّة، والمتضمن في اليومية الرسمية (المعروف برزنامة أوقات الصلاة) التي توزّع على مستوى جميع المساجد وكذا المؤسسات الرسميّة، هذا التقويم في جانبه الحسابي (بداية الأشهر، أوقات الصلاة والقبلة...) يتم تحضيره من طرف لجنة مختصة مكوّنة من فلكييّ مركز البحث في علم الفلك والفيزياء الفلكية والجيوفيزياء (CRAAG)، إلا أن هذا لا يبرر رد فعل الجمعيات المذكورة آنفا، وعلى وجه التحديد جمعية العلماء المسلمين،

وذكّر رئيس جمعية الشعرى لعلم الفلك أنّ التقويم الهجري الذي يعتمد عليه في تحديد الفاتح من محرّم هو تقويم أنشئ في عهد الخليفة عمر-رضي الله عنه- أي بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلّم، وقد تمّ إقراره من طرف الخليفة شخصيًّا بعد طلب من أبي موسى الأشعري عندما كان واليا على البصرة، حيث أشكلت عليه التواريخ في المراسلات التي كانت تصله، وكان قراره بعد أن استمع إلى اقتراحات الصحابة أن يؤسس التقويم على أساس تاريخ هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة نظرا إلى الأهمية التاريخية لهذا الحدث، فكانت إذن تقويمًا مدنيا موضوعا من أجل المجتمع المسلم، ولم يكن له طابع دينيّ، على الرغم من أنّه جزءٌ من التراث التاريخي الإسلامي وله اعتباره في نفوس المسلمين في العالم أجمع، وأشار إلى أن التقويم الهجري المستعمل في الجزائر يأخذ بعين الاعتبار إمكانيّة رؤية الهلال من أجل تحديد بدايات كلّ شهر، اعتمادًا على المعايير الصارمة الموضوعة من طرف المجتمع الفلكيّ العالميّ، وهذا يعني أن الأمر مختلف في التقاويم الأخرى، وعلى سبيل المـثال قال أن تقويم أم القرى للملكة العربيّة السعوديّة الذي لا يشتمل على معيار إمكانية الرّؤية من الناحية الفلكية يستحيل رصد الهلال بصريًّا ليلة الفاتح من أكتوبر الموافق للتاسع والعشرين من ذي الحجّة في كلّ العالم العربيّ. وبالتالي يكون عدة الشهر30 يومًا ويكون الفاتح من محرّم يوم الاثنين 4 أكتوبر وليس الأحد 3 أكتوبر.

إن البلدان التي أحيت الفاتح من محرّم يوم 2 أكتوبر، هي إمّا أنها أخذت بعين الاعتبار إمكانية الرؤية في كلّ أنحاء المعمورة مثل تركيا، أو أنها تتبع السعودية في اعتمادها رصدا خاطئا، في المقابل فإنّ التقرير الوحيد الخاص بالرؤية البصرية للهلال، كان يوم السبت من كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية التي تبعد عن مكة بـعشر مناطق زمني، كما أشار تقرير جمعية الشعرى لعلم الفلك أنّ المحكمة العليا السعودية تعلن بداية أشهر العبادة فقط (رمضان، شوال، ذو الحجة)، وفي الأشهر الأخرى تستعمل تقويم أم القرى مثل محرّم، على الرغم من اختلاف هذه القاعدة في بعض الأحيان، ولذا، ما جاء به البعض فهو "مزايدة ". كما هو من الخطأ التصريح أن أول محرم كان يوم الأحد 2 أكتوبر بالنسبة للعالم الإسلامي إذ في الواقع الأمة الإسلامية ليست لها تقويم هجريّ موحد، على الرغم من توصيات العديد من مؤتمرات دولية عقدت حول التقويم، لكن مع الأسف لا تطبق على أرض الواقع، علما أن هناك دول إفريقية وافق بداية محرم عندها، بدايته في الجزائر كنيجيريا والمغرب وجنوب إفريقيا، فضلا عن دول أخرى.

وأضاف أنّ التقويم بإمكانه أن يوضع على أساس الحسابات دون تتبع إمكانية الرؤية مثل حالة تقويم أم القرى في العربية السعودية، لكن هذا يطرح مشكلاتٍ حقيقية، وعلى وجه الخصوص ليلة الشك الخاصة برمضان ، إذ من الممكن أن تكون متقدمة بيوم لأن بداية شعبان لا تتحدّد برؤية الهلال، لذا من المنطقي أنّه إن تم الاعتماد على رؤية الهلال من أجل بداية رمضان والعيد، فمن الضروري أن نعتمد بالمقابل المعيار نفسه مع الأشهر الأخرى للسنة الهجريّة. هذا هو المنهج المتبع خلال خمسة عشر سنة في الجزائر، فالتقويم الهجري يأخذ بعين الاعتبار إمكانية رؤية الهلال في العالم العربي وأوربا وإفريقيا، وبالفعل كان من المستحيل رؤية الهلال القمري يوم السبت الفاتح من أكتوبر، وقد ردت جمعية الشعرى لعلم الفلك على الجمعيات التي نددت بقرار الوزارة حول بداية محرم، بأنها خاضت في موضوع فلكي ليس من تخصصها، ومن المستغرب أنّها التزمت دومًا الصمت سابقا عندما فندنا في المرات العديدة الأرصاد المزعومة الخاصة بهلال مطلع شهر رمضان أو هلال عيد الفطر، تلك الأخطاء الخطيرة التي ترتبط بالصيام الذي هو ركن من أركان الإسلام في حين أن إحياء محرّم ليس عيدًا دينيًّا لكن عيدا مدنيًّا إسلاميًّا، منوها بأن هذه التصريحات قد تمس أيضا التماسك الاجتماعي الوطني ومرفوضة تمامًا ونطلب أن يُستشار الخبراء من الناحية العلميّة.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم