صحيفة المثقف

صدر لنا كتاب: قراءة في تاريخ حركة النقد .. جذور المدارس الفنية التشكيلية، دار النشر تموز / دمشق 2016 . ويقع الكتاب في 226 صفحة ومزين بصور ملونة. وقد تناول الكتاب المراحل التاريخية للنقد والتي مرت بها الفنون التشكيلية الجميلة منذ فجر عصر الحضارات في سومر ومصر وعصور الاغريق والرومان والفترات المسيحية في اوربا كالغوطية والبيزنطية وعصر النهضة وما تبعها من عصري الباروك والركوكو حتى ظهور المدارس الفنية الحديثة بالاضافة الى فنون الشرق وبالتحديد الفن الاسلامي الذي عمر حوالي عشرة قرون ولازال يزين المساجد والقلوب  .. وقد وثقنا الكتاب بمصادر غالبيتها اجنبية . وخضعت كل المعلومات والمعارف الواردة فيه  الى الدقة والتأني في النقل والتوثيق ..

و جاء في مقدمة الكتاب "

- اننا احيانا نشعر مع ما بلغنا اليه من نضوج حسي وعقلي بحاجة الى الاستزادة من ذلك المدد التاريخي  للفنون التشكيلية عبر مراحلها المتطورة الطويلة . وهو ما توجهت اليه الفنون الحديثة حيث تفاعلت خبرات الفنان الحديث مع ثقافة وانتاجات الفنون القديمة . وقد افرز هذا الترابط ظواهر كثيرة اصبحت محط انظار واهتمام النقاد والباحثين والدارسين، وقد انكشف لهؤلاء من خلال ذلك وجود اختلافات في الثقافات والافكار والتقاليد والعادات وتبعا للمواقع الجغرافية وحتى البيئية والمناخ من حرارة وبرودة والتي لها تأثيرات كبيرة على المزاج النفسي والاداء والتذوق . ولهذا اصبحت هذه الامور من المعايير التي يعتمد عليها النقاد في الحكم والتقييم للاعمال الفنية او الادبية ..  وقد  ذكر كثير من الفلاسفة امثال ديبو Dubo الفرنسي ومونتسكيو  Montesquieu  عن اثر المناخ  في المزاج النفسي لدى الشعوب والتي عادة ما تستجيب للمؤثرات البيئية حيث تعد من العوامل التي قد يكون لها اثر في تكوين كل من المزاج العاطفي والعقلي ، وكذلك طريقة التفكير من فرد الى فرد ومن شعب الى آخر .

ولا ننسى العوامل الوراثية التي تتوارثها الاجيال جيلا بعد جيل حيث تتسرب العادات والتقاليد والطقوس لدى الشعوب وتصبغها بطابعها الخاص ، ومن ذلك يمكننا ان نميز شعبا عن شعب آخر ، لا بحسب المظهر الخارجي حيث التكوين الفيسيولوجي وكذلك الشعر والجلد والعينين فحسب ولكن بصفة خاصة تلك التي تتعلق بالتكوين الطبيعي للامزجة والميول وفيها يصدر عن طبيعة كل من المزاج العقلي والنفسي من صفات وتصرفات .

حاولنا بكل جهدنا قدر المستطاع نقل وتوضيح آراء كبار النقاد والكتاب والفلاسفة والمفكرين القداما والمعاصرين في سبيل الكشف عن الجذور العميقة لتاريخ النقد الفني وتطوره منذ زمن الاغريق والمدرسة الكلاسيكية الى الاتجاهات الفنية الحديثة وتشعب تياراتها في القرن العشرين .. وقد يبدو للقارئ احيانا ان هناك آراء تظهر متناقضة وغير منسجمة . وهذه هي حقيقة سنن الحياة وطبيعة التطور البشري والاختلاف والخلاف في الرؤى  ومسيرة البناء والهدم والصراع الذي لا يكل ولا يمل بين ابناء الخليقة الى يوم القبامة .. وكذلك نجد هناك حرص واعتزاز لكل شعب بتقاليده وميراثه الفني والادبي الذي انحدر اليه عبر الاجيال .. ويعبر عن هذا الصراع والاعتزاز قول الفرزدق:

(اولئك آبائي فجئني بمثلهم   اذا جمعتنا يا جرير المجامع)

د. كاظم شمهود