صحيفة المثقف

كمال الهردي: الحاكم الديمقراطي ليس له مكان في مدينة أفلاطون

kamal alhardiفي محاوراته التخيلية مع سقراط في كتاب (الجمهورية)، تناول أفلاطون صفات القاطنين - حكام ومحكومين - في مدينته المثالية المدينة الفاضلة. وقد بدأ بصفة الحكمة الواجب توافرها في الحاكم ثم ثنى بصفة العدل والتي ينبغي أن تكون في الحاكم والمحكوم على حد سواء.

وفي بادئ الأمر قسم أفلاطون الناس بحسب المعادن إلى أناس يكثر فيهم معدن الذهب وهؤلاء هم الحكام، وأناس يطغى عليهم معدن الفضة وهؤلاء هم الحراس أو البلاط أو الحاشية، والفئة الثالثة التي يكثر فيها معدن الحديد والنحاس وهؤلاء هم طبقة الفلاحين والصناع.

وبناءا على ذلك التصنيف فقد اعتبر أفلاطون أن الاختلاط بين تلك الفئات يؤدي بالضرورة إلى فساد ماحق. فمثلا حين يتزوج أحد من طبقة الحكام (الذهبية) بأحد من الطبقة (الفضية أو الحديدية أو النحاسية ) ينشأ حاكم مختلط المعادن شرير يضر بالبلاد ويلحق بالعباد أذى بالغ، لأن طبقة الحكام الذهبية طبقة فكر وحكمة وفلسفة في حين أن بقية الطبقات فيها سفة وشهوة !

وهذا التصنيف التقسيمي التنميطي القولبي يشبه إلى حد التطابق الدعوات الطائفية الفتنوية هذه الأيام والتي أتت على الأخضر واليابس ليس فقط في العالم القديم بل وأيضا في أجزاء كثيرة من العالم الحديث الذي يعاني من ويلات تلك الدعوات ! فهل كان أفلاطون طائفيا بصورة ما ؟!

كما أن هذا التمييز بين الطبقات كان هو المنطلق الفكري الفلسفي لأفلاطون لرفض فكرة الحاكم المنتخب من الشعب وللشعب إذ أن ذلك ضرب من ضروب اختلاط المعادن وفيه تجاوز على الطبقة الذهبية الأجدر بالحكم، واعتبر ذلك خرق لقيمة العدل القاضية بتخصيص آحاد معينة من الناس لتولي مقاليد السلطة واعتلاء العرش ! فهل كان أفلاطون ذا تصور خاطئ بشأن التفسير الحقيقي والفعلي لقيمة (العدل)؟!

ومن ناحية أخرى، ووفقا لنظريته المثالية، فقد رأى أفلاطون أن الديمقراطية أو الحرية فوضى وهو ﻻ يسمح بذلك في مدينته الفاضلة والتي تسير فيها الأمور وفقا لضوابط وحدود ﻻ يجب تجاوزها إلى غيرها لما في ذلك من مفاسد ومضار، فهل كان أفلاطون دكتاتوريا على نحو ما؟!

واقع المدينة الفاضلة الخيالي و المصنف للناس إلى معادن وطبقات اجتماعية يماثل ويحاكي المجتمع اليمني الذي أعيش فيه، فمجتمعنا مقسم إلى طبقة السادة (أعلى الطبقات الاجتماعية وأكثرها نفوذا)، وطبقة القضاة (درجة ثانية بحسب الأهمية)، وطبقة القبائل (درجة ثالثة )، وطبقة المزاينة (درجة رابعة ؛ وهم أصحاب المهن المحقرة اجتماعيا كمهنة الحلاق والجزار والمغني)، وطبقة اليهود (وهم الأقلية اليهودية والتي كانت تعتبر أدنى الطبقات الاجتماعية)، فهل كان أفلاطون يمنيا؟!

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم