صحيفة المثقف

معمر حبار: مالك بن نبي.. فكر وأشخاص

moamar habarسبق لصاحب الأسطر أن كتب الحلقة الأولى وهو يعرض فيها ظروف ترجمته لكتاب "دفاتر مالك بن نبي "بعنوان" مالك بن نبي .. ترجمتي لدفاتر بن نبي"، واليوم يواصل التطرق لبعض النقاط لكتاب..

 Malek BENNABI " Mémoires d'un témoin du siècle L’enfant, l’étudiant, L’écrivain Les carnets " ,Samar, Alger, Algérie,2006. 660 pages " .

لن يضيف القارئ شيئا إذا قال أن مستوى اللغة الفرنسية لمالك بن نبي عال جدا، لكن هذه المرة يضيف ويقول.. المستوى الأدبي لمالك بن نبي باللغة الفرنسية عال جدا.

ويعترف صاحب الأسطر أنه ولكي يفهم جيدا المستوى العالي للغة التي إستعملها بن نبي، وكذا المستوى الأدبي الرفيع إستعان بالمنجد فرنسي فرنسي وأحيانا فرنسي عربي حين تستدعي الضرورة ذلك. وهذا مما لا يعيب صاحب الأسطر ولا يخفيه .

وبما أن "دفاتر بن نبي"، عبارة عن تدوين لأيامه، ورصدا لحركاته، وتشخيصا لمواقفه، ورسما لعلاقاته الشخصية مع أطراف متعددة، كان لزاما ذكرها عبر ترجمة الدفاتر.

لكن زميلنا الفلسطيني محمد شاوش Mohamed Chawich، وهو كاتب فلسطيني إمتاز بإتقانه للغة العربية، ومطالعاته الثرية، ونقده الواعي، وقراءته لمالك بن نبي وقد ألف في حقه كتابا، عاتبني عتاب الأحبة وطلب مني ما يطلبه العزيز من العزيز، أن أتوقف عن الخوض في الحياة الشخصية لمالك بن نبي، وعلاقاته بالأسماء التي ذكرت في الدفاتر، وقال .. " عندي على كل حال تحفظ بصراحة على التركيز على مشاكل مالك رحمه الله مع شخصيات عصره ".

ويعترف صاحب الأسطر أنه حاول أن يفرد مقال لتوضيح ما ذكره الزميل العزيز في الحلقة الأولى، حين عقّب قائلا.. " شكرا على الزيادة والتوضيح. وبما أنك تطرح للمرة الثانية الفكرة التي وردت في آخر التعقيب، سنخصص لها بإذنه تعالى منشورا أو مقال، معتمدين على تعقيبك هذا. ولك مني بالغ التحية والتقدير ".

لكن ودون شعور من صاحب الأسطر وجد أن الأسطر تتحاشى ذكر الأستاذ، وينتهي المقال الأول دون التطرق إليه. لكن هذه المرة وعبر الحلقة الثانية، كانت الإستجابة لطلب الأستاذ الزميل ، فكانت هذه العيّنات..

1. الثورة الجزائرية عظيمة وستظل كذلك.. وما نقوم بترجمته هو شهادة كغيره من الشهادات، تؤرخ لفترة معينة من وجهة نظر صاحبها، تخضع كغيرها للنقد والتمحيص، ولا علاقة لها إطلاقا بازدراء الأشخاص. فيظل العالم يحترم قادة الثورة الجزائرية ورموزها، ويتخذهم قدوة وأسوة في الدفاع عن الجزار ، ومواجهة الاستدمار الفرنسي، ورحم الله الجميع، وحفظ الله الأحياء جميعا. وتحية تقدير لكل من كتب مذكراته يومها، ونقل رحلاته في حينها، لتبقى وثيقة تاريخية تعود إليها الأجيال، بالقراءة والنقل والنقد.. كل المحبة والتقدير للأستاذ Mohamed Chawich.

2. أوافقك في كل ماذهبت إليه من كون المشارقة إهتموا بمالك بن نبي، وأن المتطرقين إليه لم يأخذوا بجوهر فكره. أما في ما يخص الانطباعات وأحسنت حين سيمتها انطباعات، فهي تتعلق بترجمة دفاتر مالك بن نبي والتي تعتبر جزء من مذكراته، ولا يمكن ذكر بعض المحطات دون محطات أخرى. فذكر الأشخاص هنا جاء في سياق ذكر الأحداث والأيام التي لا يمكن تجاهلها، وكذلك من العيب التركييز عليها.

3. وقد لاحظت من خلال القراءة والمتابعة، أن كل هيئة وشخصية يريد أن يذكر إسمه إذا كان في موقف الثناء، ويحذف إسمه إذا كان في موقف العتاب. فالتاريخ يذكر كله خاصة حين يفضي صاحبه إلى ربه. فنحن ندرس تاريخ ونترجم لتاريخ ولا يمكن بحال تجاوز أسماء لأنها ذكرت في موقف لا يناسب ما تعود عليه القارىء. ورحم الله الجميع، ووفقنا القارىء المتتبع أن يترجم بأمانة، ويذكر بصدق، وأن لايستثني أحدا مهما بلغ من العلم والحكم.. وتحياتي وتقديري للأستاذ الفاضل الناقد Mohamed Chawich، سائلين المولى أن ينفعنا بتوجاهاته ونقده ، ووفقه الله في ما ذهب إليه من شرح وتوضيح ونقد.

والملاحظ من خلال التوضيحات أعلاه، أن الأمانة في ترجمة "دفاتر مالك بن نبي" تتطلب ذكر ما جاء في الكتاب، سواء كان الأمر يتعلق بشخص مالك بن نبي، أو علاقاته بأشخاص، أو رؤيته لفكرة بعينها. وهذا العمل يزين ولا يشين، ويساعد على فهم الفكرة والشخص معا، دون تقديس أو تجاهل.

وأوافق الأستاذ محمد شاوش في ما ذهب إليه لو كانت الترجمة إنتقائية، تختار مايناسبها ويرضيها وتتغاضى عن ما يؤلمها من حق وصدق. لكن المترجم لا يستثني سطرا، ولا يتجاهل إسما، ولا يتغاضى عن موقف ويترجم الكل ، ويبقى للقارىء بعدها أن يقرأ وينتقد.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم