صحيفة المثقف

كاظم شمهود: فن الحداثة بين النزعات الحسية والتصوفية

khadom shamhodيعتبر الفن الحديث عصارة الفنون والثقافات والمفاهيم القديمة وحصيلة ضخمة لظهور شتى المذاهب والمدارس الحديثة التي سطعت بافكار ونظريات فنية جديدة، حيث انطلق الى آفاق لم تكن معهودة من قبل وقد تحرر من القيود التي كبلته في الماضي وجعلته اسيرا لاوضاع المطابقة من اكاديمية وكلاسيكية، ورغم تضارب الافكار والاساليسب الا ان الفنان اليوم استفاد من التطور التكنولوجي ووظفه بشكل رائع ومبدع في منتجه الفني .. كما حدثت مراجعة للنظريات الجمالية اليونانية القديمة والعمل على ايجاد نظريات اخرى جديدة في الفن حتى يستطيع التحرر من قيود الماضي والاعتماد على براءة التعبير وتلقائيته واستحداث اساليب مبتكرة ... ومن زعماء فن الحداثة هم .

1106-KHADOM1

 

 1- Crist Gabravo – 1935 –بلغاريا - وهو فنان حداثي ذو ذهنية واسعة مبتكرة وجريئة. سافر الى باريس في نهاية الخمسينات وتعرف على الفنانة- Jeanne Claude 1935- عام 1958 وقد قررا الاثنان العمل سوية في مجال الفن وان يأتيان بما لم يأتي به السابقون .. وقد استخدما قطع القماش الكبيرة التي تمتد مئات الامتار من اجل تكوين اشكال بصرية غير مألوفة وجديدة . حيث عمدا الى تغطية الجسور والبنايات والجزر وغيرها بقطع القماش .. وكان كل مشروع يستغرق عدة اشهر لتنفيذه ويشترك فيه عشرات العمال وادوات التنفيذ، ويتم العمل في الهواء الطلق وامام الجمهور مباشرة .. ولكن هذه الاعمال لا تستمر طويلا حيث يعتبر عرضها موقتا ثم تزال نهائيا ..

1106-KHADOM2

 

2 - Matta Clark 1943 وهو فنان امريكي من اصل شيلي، جمع بين الرسم والعمارة والتصوير الفوتوغرافي . وكان يذهب الى البنايات القديمة التي تخلى عنها اهلها او التي شملها قانون الهدم والازالة، فينفذ فيها افكاره الخيالية، منها القيام بعمل شق عريض في العمارة، عمودي الاتجاه كما لو كان قد قصه بمنشار . فيميل الجزئان من العمارة الى جانبيهما ويسندهما بمساند قوية اعدها مسبقا لذلك .. او انه يقوم بفتح ثغرة عريضة في البناية تمتد الى ثلاثة طوابق حيث يظهر ما في داخلها من اثاث .. وهذا النوع من العمل الفني يطلق عليه - بالفن الحركي –

Arte de acción ويعني ذلك ان اللوحة الفنية هي حركة العمل والتنفيذ او النشاط الذي قام به الفنان . هذه الاعمال قد تستمر لمدة طويلة ولكن حسب مقاومة العمارة وقانون الهدم والازالة .

3 – في عقد الستينات ظهرت جماعة في فينا استخدمت جسم الانسان كمادة في العمل الفني حيث وصلت الى مرحلة تعبيرية قوية استخدمتها في نقد الواقع السياسي وتقاليد المجتمع .. وكان ابرز هؤلاء الفنانين هو Hermann Nitsh 1938 - حيث استخدم الدم في تغطية اشكال الاجسام تعبيرا عن الموت ونهاية الانسان او الاعتداء على النفس المحترمة .. والفنان الآخر هو Gunter Brus 1938 الذي استخدم مواضيع وطقوس دينية قديمة كمآتم الصلب والتعذيب الجسدي والاحتفالات الجنائزية والتشيع .. وكل هذه المشاهد والاعمال تنفذ على شكل مسرحي يشترك فيها عدد من الاشخاص .. والفنان الآخر من هذه الجماعة هو Rudolf Schunarzkogler 1941، هذا الفنان استطاع من تحطيم الحدود الفاصلة بين الفن والحياة والجنون وقد عمد الى القيام بحركات واعمال مغامراتية ادت بالاخير الى فقدان حياته . وكان قد استخدم طريقة التعذيب الجسدي كغرس المسامير او الاشواك في جسم الانسان او يترك الجسم ان تزحف عليه الديدان، وقد اخذ افكاره من الثقافات و التقاليد البدائية القديمة التي كانت تمارسها بعض القبائل في مناطق افريقيا وامريكا الجنوبية او في مناطق آسيا، من حيث تقديم القرابين الى الآلهة او طرد الشرور حسب معتقداتهم .. كما ان الصوفية المسيحية القديمة كانت تنحو هذا النحو .. وتقول الفنانة الايطالية Gine Pane 1939 – ان هذا اللون من الممارسة الفنية يعكس لنا صورة ضعف جسم الانسان وشعورة بالالم و منه نكتش ايضا فلسفة الوجود الانساني وفنائه ..

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم