صحيفة المثقف

مصطفى النبيه: الموت لا يأتي صدفة.. رسالة للرئيس أبو مازن

الموت مفردات تتشكل كل صباحا حتى تأتي النهايات، الموت يأتيك فرحاً إن آمنت أنك من القطيع واستعبدك الخوف وكتمت صوتك ولم تقل يوما لا ...

 الموت يأتيك إن تركت بيتك عفن تستوطنه المرتزقة بأقلامها الصفراء لتزرع الفتنة وتغرق أبنائك بالوهم وتفقدك الأمان وتشعرك أنك غريبا يتيما في وطنك

لا أبا يحميك، ولا أخ ينصفك .

 الموت يكون حين نغرق في بحر التجزئة والانقسام ونسلخ ذاتنا عن ذاتنا

ونبقى مجرد كرة في ملعب الاحتلال نتسابق لتشويه وتعذيب أنفسنا نيابة عنهم، فمنذ البدايات قبل أن تتشكل دولة الاحتلال، غزت الإسرائيليات تفاسير قرآننا وخطابنا للطعن في الإسلام وتصويره كدين مليء بالخرافات التي لا يقبلها المنطق والعقل ثم بنوا عليها أكاذيب خطيرة وهي أن محمداً صلى الله عليه وسلم قد أخذ عن علماء اليهود وأحبارهم وأسفارهم دينه بالكامل وكان الهدف من اللعبة القذرة تسويق وتغذية المسلمين بأفكار توحي بضرورة عودة شعب الله المختار إلى أرض الميعاد وقد تغني بها كثيراً من المرتزقة أدعياء الثقافة

بعد نكبة 48 ونكسة 67 شقوا النسيج الفلسطيني حاصرونا بدوائر، منحونا بطاقات بألوان مختلفة، سممونا بأفكار قاتلة،غزت ثقافتنا فأصبحنا نردد فلسطيني 48 فلسطيني القدس فلسطيني غزة "لاجئ، مواطن" فلسطيني الضفة الغربية، فلسطيني الشتات وبعد قدوم السلطة جاء مصطلح العائدين، جرنا الاحتلال للمياه الآسنة، لعب لعبة فرق تسد ليزعوا بيننا الفتنة ... فتناسيناهم وبدأنا نأكل لحم بعضنا بعضا

قبل أن يضيع مشروعنا الوطني من أجل أوهام ونساق إلى المقصلة، علينا أن نغتسل من خطايانا

أيعقل أن نحترف قتل أنفسنا ونجتهد في تشتيت الصف الفلسطيني ونعيش وهم الكرسي العفن ونرسم أساطير عن أشخاص مهما نفخناهم لن يكونوا أكثر من بالونات هواء إلى متى سنغيب بقصص حشوها برأسنا عن حياكة مؤامرات وصراعات داخلية، تجرنا خارج السياق وتحول قضيتنا إلى مشروع استثماري

كنت أسأل نفسي حين أرى أعلام الأحزاب ترفرف ...

 أين علم فلسطين؟!! هل نحن مصابين بداء الانطواء، نعشق الجزء ونرفض الكل؟ لماذا نشدو بأصوات منفردة؟ هل نعيش زمن العبودية الحديثة، هل نسي العصفور الطيران ومازال يتغنى بكرم سيده الذي يمنحه الطعام والشراب؟

غزة تختنق، مضغوطة، مقهورة عاطلة عن الحياة، تبحث عن مخلص عن بطل خارق يفتح لها أبواب الرحمة ... هذه هي الحكاية بدون مكياج واجتهادات، الناس هنا مرهقين متعبين، يخرجون من الموت يركضون وراء أي ظل يمنحهم أمل .. غزة تنتظر أي باب يفتح حتى لو كان من أبواب جهنم، فلا تتركها

غزة تعيش بالهامش فامنحها حباً .. يا قائدنا النبيل آمنا بك.. أحببناك وقفنا خلفك يوم كنت رئيس الوزراء انتظرنا المؤسسة التي ستحمي المواطن الفلسطيني وستحمل الدولة إلى بر الأمان ومازلنا ننتظر... فنتمنى عليك ألا تعالج الموت بالموت

 قطع الرواتب على مدار عشرة سنوات لم يمنحنا إلا أحقاد ويؤسس لعقاب جماعي للأسرة الفلسطينية، كنا نتمنى عليك أن تدعو كل المثقفين الذين ذهبوا إلى القاهرة إلى رام الله وتصغي لصوتهم قبل أن يكبر الجرح، فأنت قائد هذا الشعب العظيم، سيدي الرئيس لو نمت يوما في مستشفيات غزة أو جلست مع شرائح المجتمع المختلفة لاكتشفت حجم الكوارث وآمنت أن كل التقارير التي تصلك زائفة، أعدها أناس يحترفون فن المكياج، ساهمت في هذه الفقاعات التي بدأت تطفو على السطح، كنا نتمنى عليك أن يعالج البيت الفتحاوي داخليا، قبل قرار العقاب وقطع أعناق الرجال المناضلين وحرمانهم من لقمة العيش، كان عليك أن تبحث عن الأسباب، فغزة منهكة توقفت عن التنفس !

فخامة الرئيس .. أحيانا يختلف ابنك معك بالرأي فأقترب منه أكثر وأكثر لا تجلده كي لا تفقده

 سيدي الرئيس كتبت سابقاً مقالة بعنوان " أستحلفك بالله أن تنصرنا " يبدو أن رسالتي لم تصلك فماذا أقول عن مدينة يسكنها مليون احتلال، سرقوا انفاسها وصنعوا من أجساد أبنائها معرض صور، للأمراض النفسية والصحية، لا زواج لا عمل لا حياة ...

هل أكتب عن أسر تفككت من الجوع والفراغ وخريجين متقاعدين سلفاً وأبناء سقطوا تحت الأنقاض وآخرين قرروا الهجرة، ركبوا البحر طالبين النجاة فابتلعهم !

 سيدي الرئيس كل الحروب خلقت لأجل السلام، تصافحنا مع أعدائنا قتلة الأطفال من أجل فلسطين .. فلماذا لا نتصالح مع أنفسنا لتكبر بنا فلسطين، هل نحتاج دوماً لمؤتمرات هنا وهناك ليتم ترتيب بيتنا، كل ما نتمناه أن تلتقي بالناس العامة لتقرأ واقع الحياة .

 جنودك ورجالك يعانون التهميش فأنصرهم أسوة بزملائهم، مد يديك للعاملين في تلفزيون فلسطين في محافظات الجنوب، هم صوتك في غزة أصابتهم لعنة الانقسام رغم أنهم على رأس عملهم حرموا من حقوقهم بحجة أن مؤسستهم غير عاملة .. سيدي الرئيس زمام الأمر بيدك فامنح الناس الفرح

فليس على المذبوح حرجاً إن كفر بأرباب المرحلة، فالمستقبل يحتاج لشجرة واحدة ورب واحد فأنت رب البيت ... و نحن نحبك

يبدو أننا لم نتعلم من رحلة التيه، في كل مرة نبدأ حكايتنا من الصفر و نرى الكون بعين واحدة

سيدي الرئيس أبو مازن في ذكرى الانطلاقة عام 2011خرج الشارع الغزي ليبايعك كان هذا أكبر استفتاء من شعب يثق ويؤمن بقائده فلماذا لا نفكر بصوت عالي علينا أن نفكر كيف سنخرج من الوحل، نلملم أنفاسنا ونرتب بيتنا من الداخل ونداوي جراحنا بالكتمان أقولها بصراحة البيت لا يقتحم إلا من الداخل فلنحافظ على وحدة البيت الفلسطيني فأبصرنا جيداً .

عشرة سنوات عجاف أفرغتنا من مضموننا قتلت بنا أحلامنا ...

سيدي الرئيس يوما ما ستزول الغيمة وستأتي إلى غزة لتكتشف أننا أصبحنا صورة في ألبوم، فيا قائد الشرعية أنت مستقبلنا فلا تقسى على غزة المذبوحة من الوريد إلى الوريد .

             

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم