صحيفة المثقف

كمال الهردي: آفاق جديدة في الرواية: قواعد تحديد الكم النصي للمسار السردي في الرواية

kamal alhardiعندما نتحدث عن الرواية فنحن بالضرورة نتحدث عن نص إبداعي مفتوح الاحتمالات، وقد يتمرد على بعض الضوابط الروائية الفرعية. وعندما نتحدث - تحديدا - عن أحد أهم الضوابط الكبرى في السرد الروائي المتعلق بالكم النصي لكل مسار من مسارات السرد، عند ذاك نتوقف أمام قواعد ينبغي ألا يتجاوزها الروائي لئلا يصاب منتجه الروائي بنتوءات أو فجوات تفسد رونقه وتقوض بنيانه.

 

القاعدة الأولى: حدد المسارات الأساسية والفرعية في الرواية.

المسارات الروائية هي الأحداث، وكل حدث إما أن يكون جوهري / بنيوي، أو شكلي / تكميلي. الأحداث الجوهرية هي الأعمدة التي يقوم عليها بنيان الرواية، والأحداث الشكلية هي المعززات لتماسك الأحداث الجوهرية. ويجب التنبه إلى حقيقة أن كل حدث في الرواية جوهر إلا أن موضوع الرواية هو ما يجعلنا ننحو ذلك النحو التقسيمي لأغراض التصنيف والتحديد.

 

القاعدة الثانية: ضع الأحداث الجوهرية في تسلسل بحسب الأهمية.

التسلسل الرقمي بحسب الأهمية يعطي الراوي تصورا مبدئيا عن حجم النص الذي ينبغي أن يخصص لكل حدث جوهري ؛ فمثلا لو كانت في الرواية ثلاثة أحداث جوهرية (أ، ب، ج) وكان:

أ = 1

ب = 2

ج = 3

فإن:

(أ) يساوي تقريبا ( 50 %) من مجمل أحداث الرواية.

و (ب) يساوي تقريبا (30%).

و (ج) يساوي تقريبا ( 20%).

 

القاعدة الثالثة: حدد الأحداث الفرعية لكل حدث جوهري في الرواية.

لكل حدث جوهري عدد من المسارات المساندة لبناء الحدث والداعمة لمنطقيته. ووفقا" لذلك، يجب تصنيف الأحداث الفرعية إلى فئتين: الأحداث الفرعية الأساسية، والأحداث المتفرعة.

 

القاعدة الرابعة: قم بترتيب الأحداث الفرعية الأساسية إلى ثلاث فئات:

وثيق الصلة (بالحدث الجوهر)، قريب الصلة، بعيد الصلة. ثم ضع كل حدث أو مجموعة من الأحداث في الخانة المناسبة، وأعطها ذات القيم الأولى (50%)، (30%)، (20%).

 

القاعدة الخامسة: كرر نفس الخطوات التي في القاعدة الرابعة مع مراعاة التالي:

1. إذا كان الحدث المتفرع بعيد الصلة بالحدث الفرعي فيجب دراسة مناسبة تضمينه أو إلغائه ؛ فإذا كان أقرب إلى النتوء منه إلى التكميل وجب شطبه تفاديا للزج بالقارئ في دوامة التكرار أو الملل. وهذا عيب قاتل للمتعة في الروايات الطويلة التي ﻻ يكتب لها النجاح جراء هذا الخلل.

2. هب أن الرواية مكونة من 40.000 كلمة، فستكون حصص التقسيم بالتقريب كالتالي:

الحدث الجوهر أ = 20.000 كلمة.

الحدث الجوهر ب = 12.000 كلمة.

الحدث الجوهر ج = 8.000 كلمة.

ثم نأتي إلى تقسيم الحدث الجوهر (ج)، على سبيل المثال، فيكون تقسيم المساحات النصية كالتالي:

الحدث الفرعي الأساسي (4.000 كلمة.

الحدث الفرعي الأساسي (ب) = 2400 كلمة.

الحدث الفرعي الأساسي (ج) = 1600 كلمة.

ثم نأتي إلى الأحداث المتفرعة من الحدث الفرعي الأساسي (ج) على سبيل المثال:

الحدث المتفرع (أ) = 800 كلمة.

الحدث المتفرع (ب) = 250 كلمة.

الحدث المتفرع (ج) = 150 كلمة. 

 

وبهذا التحديد للمساحات النصية لأحداث الروائية يصبح لدى الراوي رواية جميلة ورشيقة وخالية من الدسم الكتابي.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم