صحيفة المثقف

جودت العاني: الأخرس ..!

MM80ما زلتَ تحابي كل أشكال الحقارة..

لتعيش الميت الحي بأوساط الدعارة..!!

 


 

الأخرس ..! / جودت العاني

 

قالوا ، حصدت الريح في حقلي

وخبأت ناري تحت أكداس الرماد ..

لم أعد أخفي دعاباتي وقهري

في رحاب الغيب وأشكال السهاد ..

لم يعد بيني وبين الهم مشوار

فلا الهم تلاشى أو تداعى

إنما الموت تمادى

تحت أكداس العتاد..!!

*  *

فسيول الدم ما انفكتْ

تشد رحالها عبر الحياة..

هي ، ما زالتْ

تجاهر بينَ رهط الموت

لا تعرفُ معنى

لنداءات الصلاة..

*  *

كل هذا السيل يأتي

بعد مشحون السياسة..

يمتطي الريح

مدفوعا بنزوات الحماسة ..

في رحاب القول، والتنفير، وفي

قائمة الموت ومخزون النجاسة..!!

*  *

أنتَ ، مازلتَ تجاري وتعيش اللحظة العمياء،

لا فرق ، كمثل الأرنب المذعور في قن التعاسة..

لمْ يزل صوتك الخافت لا يبرح الأفقٍ

أراه ، غارقٍ في الذلِ بعيدًا عن مزامير القداسة..!!

*  *

أيها الساكت يا هذا إلى أين تريد ..؟

هل ترى الأفق تلاشى فجره المسكون

بالضيم وترياق الصديد..؟

رأسك الخائف كالعوسج

مدفونًا برمل الصمت

لا يفعل شيئًا ، غير لعق القيح

وتشييع التوابيت الكثار..

في ظلام الليل وأعتاب النهار..

خنقوا الفجر

أماتوا عشبة الأرض

وأمسى الذل مقبرة لروحكْ ،

وكتمت الصوت حتى فاتك الموت

وحل الصخب مسمارًا بنعش الفجر

ما زلتَ تحابي كل أشكال الحقارة..

لتعيش الميت الحي بأوساط الدعارة..!!

لم ترَ نفسكَ ، عند العالم السفلي

لا فوق يعاليه، كأن الكون قد غابت

نواميس الديانات

وأكداس البذاءات

ولا شيء سوى تلك القمامات

وأكوام الحجارة ..

هوذا ، عالمكَ المأزوم بالصمتِ

وأنتَ الساكتُ الأخرس

شيطانٌ أصمٌ يتجلى ،

فَقَدَ الروح

وما عاد يجافي حسرة الموتى

غير صمت بائس يبكي ، لكي

يملأ الكون عويلا وصراخًا ،

وعدا هذا ،  مزحة سوداء

قد باتت ، من نواميس القذارة ..!!

 

د. جودت العاني

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم