صحيفة المثقف

علجية عيش: الإنسان كائن ضعيف

eljya ayshالإنسان كائن ضعيف، لأنه عاجز على أن يحدد موعد مجيئه للحياة أو مغادرتها، هكذا هي الحياة، لا يعرف الإنسان متى يجيء وفي أي مكان يولد، ومن سيكون أبوه وأمّه؟ وكم مدة يبقى في الحياة الدنيا، وحدها الأقدار تقرر وتحدد ..، وحدها الأقدار التي ترسم لنا طريقنا في الحياة..، تأخذنا الحياة وتنسينا مشاغلها أناسا عرفناهم وتقاسمنا معهم ألاما وأفراحا، ثم بعد مرور سنوات نعلم أنهم فارقوا الحياة، نردد في داخلنا: " لهذا لم أعد أراه.." نتألم في صمت وقد نبكي من الداخل على فراقنا له..، نرحل عن الحياة فجأة وكأننا لم نكن موجودين فيها..

شيئ مؤلم طبعا أن تفقد إنسانا عزيزا عليك، غالٍ على مهجتك، كان قد شاركك أحزانك وأفراحك، وكان قريبا منك في أوقات كنت في أمس الحاجة إلى من يكون بقربك ويسمع دقات قلبك، وكم هو محزن جدا أن ننسى في لحظات انشغالنا بالحياة أناسا كانوا اقرب إلينا من الأهل..، كان حلم بل مرادٌ أن يجتمع قلبيهما ويشكلان توأمًا، لكن الحاقدين غدروا بهما، افترقا وذهب كل واحد في طريقه، اليوم وقد غادروا الحياة، ماذا تنفع الحسرة لا البكاء ينفع ولا الحداد.. سوى أن تعزي نفسك وتواسيها، لا تستطيع أن توقف عجلة الزمن، ولن تستطيع الدموع إعادته للحياة..

اليوم وهم يسكنون تحت التراب، لم يبق غير الذكريات، لم تبق غير الأطياف تحوم، لست أدري لماذا نعشق الموت حين يرحل من نحيهم ويحبوننا، وقد نرغب في أن يُعَجِّلَ الله في موتنا لنلحق بهم، تسألني نفسي هل أنتِ مستعدة للموت؟ سؤال صعب طبعا، لكنه سهل على أمثالي، لأن الإنسان الكامل وحده يكون مستعدا لذلك، والكمال لله وحده، من عاش للآخر لا يهون عليه الموت وهو يسمع أن هذا الآخر قد مات وفارق الحياة، وأيّ نار تشتعل في شرايينه وهو يفقد جزءًا من حياته، لم تعد رغبة في الحياة، فأرواحهم تتخبط ألما، هؤلاء خذلوا مشاعرهم، وكسروا الرباط الذي كان يجمع بينهما، لم تعد للفرحة معنى، لم يعد هناك انتظار، فما بوسعها إلا أن تحتفظ بالذكريات..

الأموات أيضا يتكلمون، ويناجون الأحياء، ها أنا أقف عند قبركَ، روحك الآن تكلمني، تسألني عن الديار، عن أهلها والساكنين فيها؟؟، لم أجد ما أقول، فكل الزهور ذبلت، والمسكن أضحى قبرا مظلما، لا روح فيه ولا حركة بعد فراقك، لم تعد للحياة أي معنى، يا رفيق العمر أين كنا وكيف أصبحنا، هي الأقدار أرادت للشمس أن تغيب، وللشمع أن يذوب، أرادت أن يكون حديثنا حديث القبور.. 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم