صحيفة المثقف

محمد حسين الداغستاني: ذروة الوجع

mohamad husanaldaghstaniعندما آذنت اللحظة بالرحيل، كنا قد إبتلينا كثيرا ً تحت وطأة الوقـت الـذي إستطال، فوجدت نفسي أجنحُ الى عينيك ِ، وأنسجُ زمنا ً للود الجامح، وأطوي الخطى كالغدير في ربيعٍ مسرفٍ، لأزرع أغنية حنونة في بستانكِ المورد، فلربما تأتين وترتمين على صدري المنهك وفي عينيك وجل ٌ مرّ فيما ينبع من مقلتي نهير ٌ حلو ٌ ينساب نحوك ِ دون عوائق !!

آه ... كم هو رائعٌ هذا الإحساس بالطمأنينة، أضمك ِإليّ ويدي تمسد جسدك النابض تحت أناملي كالعشب الندي فـي صباح يـوم ٍ قائض يحتشـد بخفـق الفراشـات الهائمة ! لكنها الأمنية المستحيلة، فهذا الوجع المتقاطر من أنين تلك الربابة القادم من عمـق النفس، يثيـر الشـجن، ويستفز الأحزان، وأعود وحدي مع تباريح الهوى مترنحا ً مثلك من غربة الخوف الى غربة الشك الأحمق، والغيرة التي تأكل اللحم العالق بالسيوف المغروسة في الفؤاد الواله !

ورغم قوتي التي أقارع بها عينيك، فالعتاب سيدتي قيدُ لن يخلي سبيلي بيسر، والـلوم

المزمجر خلفي لا يستكين، وأعلم ان سعيـر الغضـب وأنـت في ذروة الوجـع يمسـك بتلابيبي ويجردني من كل مفردات الأرض في الدفاع عن النفس !

وكدرج الموج نحو الشاطيء الفسيح، وئيـدا ً وئيدا ً أغمـرُ قدماي في الرمل الكثـيف منتظرا ً ذلك الذي لا يأتي، مبتعدا ً عـن دواخلي، مطّلا ً مـن ثنايا المصاريع المقفلة علـى الضياء الخافت، فأحس بك .. أحس بـك كثيـرا ً، ريح ٌحارّة تسف وجهي فأخـدع فـؤادي، إنك تأتين وتغمرينني بأنفاسك المنعشة، وتبللين وجهي بريقك العذب فيغادرني الوسن الحبيس حيث لا شيء بعده غيرك !!

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم